فلاش

قصر عبد القادر الجزائري..عندما يُستَثمر التاريخ في دمشق

في رحلةٍ إلى منطقة الربوة في دمشق، وتحديداً على الجانب المقابل لبردى لابد للعابر من رؤية ذلك الصرح التاريخي الذي كان يوماً ما مصيفاً للأمير عبد القادر الجزائري.

ولابد للفضول من أن يعتري العابر ليقول لنفسه: “ماذا هناك؟” ..فاللقصر المبني على الطراز العثماني والألماني، والذي تحيطه واحات الأشجار من كل جانب، أهمية تاريخية كبيرة، منها ما شهده من اجتماعات لضيوف بارزين من ملوك وأمراء عرب.

و شهدت أروقة القصر أيضاً أمسيات شعرية لشعراء كثر كانت أهمها أمسية لأمير الشعراء أحمد شوقي، حيث ألقى قصيدته الشهيرة “سلامٌ من صبا بردى أرقُ ودمعٌ لايُكَفكَفُ يا دمشقُ”.

و يعود بناء القصر إلى حوالي 140 سنة، حيث سكنه الأمير عبد القادر الجزائري عام 1871 مع عائلته حتى وفاته، ومن ثم سكنه أبناؤه وأحفاده وكان آخرهم الأمير سعيد الجزائري رئيس مجلس الوزراء في عهد حكومة الملك فيصل بعد الحرب العالمية الأولى.

وظلَّ القصر مسكوناً من قبل أحفاد الجزائري حتى حرب فلسطين عام 1948، ولجوء بعض من الفلسطينين للسكن به، إلى أن هُجِرَ بعدها، وخلا من سكانه وطالته يد الإهمال حتى قامت محافظة دمشق باستملاكه.

فالقصر في الوقت الراهن أصبح مقراً لهيئة التخطيط الإقليمي في دمشق، بعد أن رُمِمَ بين عامي 2004 و 2005 من قبل وزارة الإدارة المحلية وبمشاركة الاتحاد الأوروبي ضمن مشروع (mam)، وفق ماقاله رئيس هيئة التخطيط الإقليمي، حسن جنيدان، لتلفزيون الخبر.

وأشار جنيدان إلى أن “أول استثمارات القصر كانت من قبل وزارة الإدارة المحلية التي اعتمدته لمشروع تحديث البلديات”

وأكد جنيدان أن “القصر الذي بُنيَ عام 1856 كان مصيَفاً للأمير عبد القادر الجزائري، وكانت مساحته أكبر من المساحة الحالية، وكان ضمن سور نهري بردى ويزيد في بداية القرن العشرين”.

وأضاف: “تبلغ مساحة القصر بحدود تسعة آلاف دونم، و مساحة البناء 400 متر لكل طابق من طوابقه الاثنين، فيما عدا السطح الذي يسمى عند الدمشقيين “الطيارة”.

وقال جنيدان “حافظَ البناء في ترميمه على كافة تفاصيله التاريخية، وخُصِصَت فيه قاعة لإحياء ذكرى الأمير عبد القادر احتوت على بعض مقتنياته”.

ولفت إلى أن “حفيدة الأمير هند الحسيني الجزائري التي عاشت لسنوات في القصر تتلهف كثيراً لرؤيته، وتتابع مايجري به، وتسأل عنه مراراً رغم تقدمها في العمر”.

وللقصرِ مدخلان اثنان، أحدهما رئيسي من الجهة الغربية، و الآخر من الجهة الشرقية، ويتصل الطابق الأرضي بالطابق الأول بدرج داخلي مكسي بالرُخام، ويشكل القصر وحدة مستقلة وله إطلالة جميلة إضافة لإحاطته بحديقة واسعة.

ولايعد القصر مجرد تذكار مكاني فحسب، بقدر ما هو ذاكرة تاريخية تحكي ملحمة بطولية لمؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الذي ترك بصمته في التاريخ.

و يذكر أن الجزائري توفي في هذا القصر بهدوء في ذات الغرفة التي أصبحت حالياً متحفاً صغيراً لبعض مقتنياته، وذلك بعد أن قارع المستعمر الفرنسي طويلاً.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى