كاسة شاي

أربع سنوات على رحيل الجميل نضال سيجري

“وطني مجروح.. وأنا أنزف.. خانتني حنجرتي فاقتلعتها.. أرجوكم.. لا تخونوا وطنكم”، بهذه الكلمات ودّع نضال سيجري سوريته وشعبها قبل أن يترجّل راحلاً في الحادي عشر من تموز 2013.

ودّعنا حينها سيجري الذي لقب بشارلي شابلن العرب تحديداً بعد دور “أسعد خرشوف” في مسلسل ضيعة ضايعة، تاركاً إرثاً فنياً كبيراً نوعاً وكماً، لينهل منه كل عاشق للوطن عموماً، وللدراما السورية على وجه الخصوص.

نضال سيجري من مواليد اللاذقية 1965، متزوج وله ولدين وتعود أصوله إلى قرية تسمى سيجر في ريف إدلب الغربي، وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية.

و شارك في الكثير من الأعمال المسرحية والسينمائية والتلفزيونية، منها في المسرح: كاليغولا، ميديا وجيسون، السفر برلك، شو هالحكي، شوية وقت، آواكس، الغول، نور العيون، ونيغاتيف وغيرها.

وعشق سيجري المسرح و لم يتخلَّ عن نقطة انطلاقه الأولى رغم الشهرة التي تعد غاية وهدف كل فنان، حيث جرى تكريمه خلال افتتاح مهرجان المسرح الجامعي الذي أقيم في طرطوس عام 2011، و عُرضت له مسرحية “نيغاتيف” التي ألّفها وأخرجها أيضاً.

وكان يشير دائماً إلى أنّ الفن المسرحي يجسد لغة التواصل والتعبير عن ثقافات الأمم وحضاراتها من خلال الإبداع الفني الأصيل، وأن أهمية الثقافة والفن تأتي من معالجة الفن المسرحي لقضايا الإنسان وهمومه اليومية، إضافةً إلى التعبير عن تاريخ الحضارات.

وفي السينما كان له : زهرة الرمان، الترحال، خلف الأسوار، العريضة، خارج التغطية، الطحين الأسود، سيلينا، طعم الليمون، و الكثير غيرها.

وفي التلفزيون شارك سيجري في أكثر من ثمانين عملاً تلفزيونياً، منها: القلاع، رمح النار، الأيام المتمردة، العبابيد، غزلان في غابة الذئاب، بقعة ضوء، قلبي معكم، مرسوم عائلي، أهل الغرام، الخط الأحمر، الزير سالم، الخربة، وضيعة ضايعة التي أبدع فيها.

ولقب الكثيرون نضال سيجري بعد “ضيعة ضايعة” بشارلي شابلن العرب، وذلك بعد أن نقل الكوميديا إلى مستوى جديد، لم تشهده أو تصل إليه الدراما السورية من قبل.

نضال سيجري ومنذ بدايات انطلاقه، قدم نفسه مؤدياً بارعاً وذكياً ومتفرداً، و كان في كل دور يؤديه، خفيف الظل، مقنعاً، وسهل التلقي، مهما كان دوره تراجيدياً.

ونقل سيجري الجمهور السوري والعربي إلى مستوى جديد، أدى بالمتابعين لتذوّق أدائه، وإلى مراحل أصبح فيها من الصعب على المشاهد تقبل ما دون ذلك أو الاقتناع به.

و أثبت في فترةٍ قصيرة أن الفن بساطة و ذكاء في استخدام الإيماءات وتعابير الوجه والعفوية في الأداء، حيث شكل مزيجاً متوازناً من الفطرة والعشق والتمكن والتدريب.

ومن ضمن أدواره الأخيرة و التي تركت بصمة في نفوس الكثيرين أدى سيجري دور “نعمان” الصامت في مسلسل الخربة وذلك بعد تدهور وضعه الصحي واستئصال حنجرته، مؤكداً بذلك أن الفن التمثيلي الحقيقي هو في المقام الأول شغف وموهبة.

وحرص سيجري في ذلك الدور على أن لا يأخذ المتابعين إلى الشعور في الشفقة أو التعاطف لما آل إليه حاله، بل أثبت أن مرض الإنسان هو مرضُ الروح والأخلاق والضمير، وليس أي شيء آخر.

و حمل سيجري رسالة الحب، وحمَّل السوريين رسالة حب، بأن أحبوا وطنكم و ارتقوا بإنسانيتكم في وجه التفرقة تحت أي مسمى، رسالة حب حوّلت هذا الفنان إلى أيقونة حب لن تغادر الدراما السورية.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى