كاسة شاي

31 عاماً على رحيل العاصي الذي حضن نهاد لتكون “فيروزاً”

31عاماً مرّت على غياب مَن صنع وجمّل وأبدع فولوكلوراً خالداً، مَن بيده ودماغه وقلبه حضن نهاد حداد لتكون لنا فيروزاً.

في 21 حزيران، يوم الأب العالمي، رحل أبو الموسيقى اللبنانية وأبو المسرح الغنائي اللبناني، رحل أبو زياد الرحباني، ورحل الذي كان أبّاً لإخوته ومن بينهم منصور والياس الرحباني.

رحل زوج نهاد حداد وأب فيروز في العام 1986 فقد المسرح دماغه وخلطته الخاصة بعده، رحل الجمال والأخلاق والبساطة والعمق والطمأنينة.

عاصي الرحباني الذي أكد برفسوره الذي أجرى له عملية أن دماغه كان أكبر من أدمغة 55 مريضاً أجرى لهم عملياتٍ مماثلة في سائر أنحاء العالم.

و بعد أشهر قليلة من تلك العملية التي من النادر ما ينجو منها إنسان، عزَف عاصي على البزق لحْنَ أغنية “ليالي الشمال الحزينة” حيث بقي دماغه سليماً مئة في المئة.

و بعد تماثله السريع والمفاجِئ للشفاء، ترك لنا بين عامَي 1973 و1984 بالإضافة إلى الروائع السابقة، مسرحيات “المحطة، “قصيدة حب”، “لولو”، “ميس الريم”، “بترا”، “المؤامرة مستمرة” و”الربيع السابع”.

عاصي بن حنا الرحباني شاعر، وكاتب مسرحي وموسيقي. ولد في السنة 1923 م في بلدة أنطلياس (قضاء الشوير) لأب يملك مقهى شعبياً في البلدة، ونشأ مع شقيق له أصغر منه بعامين هو منصور، ودرسا معاً في البلدة.

وكان والدهما يعزف على آلة البزق، فأحبا هوايته، وأخذا يرتادان المقهى في أوقات الفراغ يستمعان الى ما يوضع في الحاكي “الفونوغراف” من أسطوانات لكبار مطربي العصر.

أصدر عاصي مجلة أسبوعية أدبية كان يكتبها بخطه سماها “الحرشاية”، ضمنها مقطعات شعرية، وبعض المشاهد المسرحية بالعربية الفصحى والعامية اللبنانية.

درس عاصي مع شقيقه منصور الموسيقا على الأب بولس الأشقر مدة ست سنوات، ثم تابعاها على الأستاذ برتران روبيير مدة ست سنوات، فأتقنا اللونين الشرقي والغربي.

والتقيا في مكتب رئيس قسم الموسيقا في الإذاعة حليم الرومي بصبية رقيقة عذبة الصوت هي نهاد حداد، وكان قد سماها الرومي “فيروز”، فاتفق عاصي وفيروز فنياً واجتماعياً فتزوجا، واستمرا بنجاح منقطع النظير لثلاثي فني ما سبق ولن يلحق.

شكل عاصي الرحباني الخلطة الثلاثية “عاصي ومنصور وفيروز” التي قدّمت بدورها خلطةً فنّية منبعُها دماغ عاصي الرحباني.

وصنعت هذه الخلطة هوية لوطن ما زال ضائعاً لغاية يومنا هذا، ولا يُمكن إيجاده إلّا في صوت فيروز، ولا يمكن اللجوء إلى حضنه ودفئه، إلّا في مسرحيات الأخوين رحباني.

ومن عاصي وفيروز وُلِد لنا عبقريٌّ اسمُه زياد، ومنهما وُلِدت مسرحيات وأفلام وآلاف الأغنيات، ومعهما ومن وعلى مسرح الأخوين ظهر وخرج وأبدع أهمّ الفنانين اللبنانيين.

وكان عبر عاصي عن نفسه في أحد لقاءاته قائلاً: “لا أستطيع أن أعيش دقيقةً واحدة بلا تلحين وعطاء”، أمّا الموسيقار محمد عبدالوهاب، الذي كان من المقرَّبين من الأخوين فقد قال: “عاصي الرحباني لا يتكرّر، إنه فنانٌ فريد بنوعه”.

و أصيب عاصي بمرض في رأسه في بداية السبعينات، دخل على أثره المستشفى، وعوفي منه جزئياً. لازمه تعب في أخريات أيامه حتى توفي في منزله في الحادي والعشرين من حزيران سنة 1986.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى