إشهار رابطة جديدة للمعتقلين وسط عراضة شامية يثير غضباً واسعاً

في مشهد وُصف بالصادم، شهد حفل إشهار “رابطة معتقلي الثورة السورية” فعالية احتفالية تخللتها “عراضة شامية”، في ساحة سجن صيدنايا.
الحادثة، التي أثارت موجة غضب عارمة بين ناشطين والناجين وعائلات الضحايا، ليست الأولى من نوعها، إذ شهدت الأسابيع الأولى التي تلت سقوط النظام عمليات عبث وتخريب تحت ذريعة الفوضى في مواقع الاعتقال والسجون السابقة. ومع كل انتهاك جديد، يتجدد الجدل حول غياب المساءلة وعدم وجود إطار يحمي هذه المواقع من الاستغلال أو التخريب.
انتهاك للذاكرة الجماعية
أهالي المعتقلين والضحايا، الذين ينادون بحماية هذه المواقع واحترام حرمتها، عبّروا عن استيائهم العميق من الطريقة التي تم فيها التعامل مع موقع شهد آلاماً لا توصف، حيث لا تزال الأرواح التي أُزهقت فيه حاضرة في ذاكرة الناجين وعائلاتهم.
كيف تحوّلت مأساة إلى فرصة تسويقية؟
المفارقة الكبرى بحسب الناشطين، أن الشركة التي أشرفت على تنظيم الفعالية، اختارت هذا المكان ليكون منصة لإطلاق الرابطة الجديدة، وكأنه موقع احتفالي أو فرصة استثمارية، متجاهلة تماماً ما يمثله من ذاكرة مأساوية. في خطوة أثارت تساؤلات مشروعة حول الوعي الأخلاقي والقانوني لمثل هذه الشركات.
ونقل ناشطون تساؤلات لُخصت بكيف رأت الشركة أن موقع مأساة كبرى هو فرصة تسويقية؟ ولماذا اعتبرت صدمة الضحايا وعائلاتهم سلعة يمكن استغلالها والتربح منها؟ وكيف لم يسمع موظفو الشركة أصوات العذابات التي ما زالت تملأ فضاء هذا المكان؟
تحركات مطلوبة لوقف العبث بمواقع الجرائم الجماعية
ويرى الناشطون المهتمون بملف المعتقلين وأسرهم أنه ومع تكرار هذا النوع من الانتهاكات، أصبح لزاماً اتخاذ خطوات عملية لمنع استغلال مواقع الجرائم والانتهاكات الجسيمة.
وتشمل أبرز المطالبات عقوبات ومقاطعة واعتذار رسمي، وسنّ قانون يمنع استغلال مواقع الفظائع، وتشكيل لجنة لحماية مواقع الذاكرة الجماعية، وتوعية روابط الضحايا بأهمية حماية هذه المواقع.
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي خطابا مفاده، أن ما حدث في هذه الفعالية ليس مجرد “سوء تقدير”، بل هو مثال آخر على غياب الحساسية تجاه معاناة آلاف العائلات التي لا تزال تبحث عن أحبائها أو تلاحق العدالة. وأن هذه المواقع يجب أن تتحول إلى متاحف ونصب تذكارية وأماكن للتعليم والتذكير بأهمية منع تكرار هذه الفظائع، لا إلى ساحات للربح والاستعراض.
وكان الرئيس أحمد الشرع، التقى في وقت سابق هذا العام وفداً من روابط الناجين والناجيات وعائلات المعتقلين والمعتقلات والمفقودين والمفقودات.
ونقلت حينها “رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا”، في بيان، أن الجهات المشاركة أكدت ان “كشف الحقيقة حول عشرات الآلاف من المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات هو حق غير قابل للمساومة وشرط أساسي لتحقيق العدالة”.
وشدد البيان على أن “العدالة الانتقالية لا تقتصر على الشق الجنائي فقط، بل تشمل أيضا إصلاح المؤسسات وتخليد ذكرى الضحايا”.
وأكد الشرع “التزام الحكومة بإعطاء قضية المفقودين أولوية قصوى، والعمل على إنشاء جهة متخصصة في شؤون المفقودين وعدم تكرار الانتهاكات السابقة”، وأكد حرص الحكومة على التواصل المستمر مع عائلات المفقودين وروابط الضحايا، وشدد الرئيس الشرع على “ضرورة عدم اعتبار المخفيين قسرا متوفين دون أدلة ملموسة”.
وجاء في البيان أن “الروابط الحقوقية ستواصل متابعة تنفيذ هذه الالتزامات عن كثب، وستمارس الضغوط اللازمة لضمان تحويل الوعود إلى إجراءات ملموسة، كما شددت على أن العدالة لا تُبنى على الوعود، بل تتحقق بالأفعال”.
وأكد البيان أن “معالجة هذا الملف تتطلب تعاونا جادا بين الحكومة، والضحايا وعائلاتهم، والمنظمات السورية والدولية لضمان الوصول إلى حلول عادلة وفعالة”.
يذكر أن البيان أشار إلى أن “لا استقرار ولا عملية سياسية ذات مصداقية دون معالجة قضية المعتقلين والمفقودين بجدية وشفافية، بما يعزز بناء الثقة بين السوريين”.
تلفزيون الخبر