نهضت من تحت الركام.. التجربة البرازيليّة
شهد الاقتصاد البرازيلي تحوّلات كبيرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، من بلد يُكافح لإقامة قاعدته الصناعية إلى قوّة اقتصادية كُبرى في أمريكا اللاتينية، إذ اتسمت رحلة البرازيل بفترات من النمو السريع، والأزمات الاقتصادية، والاستقرار في نهاية المطاف.
في أوائل القرن العشرين، كانت البرازيل تواجه تحديات كبيرة في تطوير قطاعها الصناعي، مع أقل من 3% من القوى العاملة تعمل في التصنيع، كان اقتصاد البلاد يعتمد إلى حد كبير على الزراعة والواردات.
ومع ذلك، بعد الحرب العالمية الأولى، تبنّت البرازيل سياسة إحلال الواردات، بهدف تقليل اعتمادها على السلع الأجنبية وتعزيز الإنتاج المحلي.
وأدّت هذه الاستراتيجية إلى نمو متوسط سنوي بنسبة 10% في القطاع الصناعي، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنحو 6% بين عامي 1920 و 1939.
بين عامي 1968 و 1973، شهدت البرازيل فترة من النمو الاقتصادي السريع، غالباً ما يُشار إليها باسم “المعجزة الاقتصادية”، خلال هذا الوقت، نما الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بمعدّل سنوي متوسط قدره 11%، مع بقاء التضخّم تحت السيطرة.
ركّزت السياسات الاقتصادية الحكومية خلال هذه الفترة على تعزيز التصنيع، والاستثمار في البنية التحتية، وجذب رأس المال الأجنبي.
وخلال هذه الفترة، أيضاً، أصبحت البرازيل واحدة من الاقتصادات الرائدة في العالم، إذ تجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي العديد من البلدان المتقدّمة.
ورغم أن المعجزة الاقتصادية كانت قصيرة الأجل، بعد أن واجهت البرازيل تحدياتٍ كبيرة في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، إذ تعرّضت لأزمة اقتصادية شديدة، تميّزت بارتفاع التضخم، وعجز تجاري كبير، وتراجع في النمو الاقتصادي.
نفّذت الحكومة سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية، بما في ذلك إنشاء عملة جديدة، الريال، واعتماد نظام سعر صرف أكثر مرونة.
في فترة أخرى من الإصلاحات الاقتصادية، تم تنفيذ سياسات تهدف إلى تقليل الفقر وعدم المساواة، بما في ذلك توسيع البرامج الاجتماعية، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وإنشاء نظام ضريبي جديد.
كما استثمرت الحكومة بكثافة في البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، وطبّقت سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار.
وعلى الرغم من التقدّم المحرز في هذه الفترة، لا تزال البرازيل تواجه تحديات كبيرة، إذ يعتمد اقتصاد البلاد بشكلٍ كبير على صادرات السلع الأساسية، وأثر انخفاض أسعار السلع العالمية سلباً على الميزان التجاري للبلاد.
ورغم كون معدلات التضخّم العالية والعجز المالي الكبير مصدر قلق كبير، مع ذلك، وبفضل حكومة قوية ومستقرة، وطبقة وسطى متنامية، وقوى عاملة ماهرة، تُعدُّ البرازيل في وضع جيد لمواصلة رحلتها نحو الاستقرار والنمو الاقتصادي.
تلفزيون الخبر