العناوين الرئيسيةمجتمع

الانتحار بين الأسباب وعوامل الخطورة.. هل تلعب الموسيقا دوراً باتخاذ هذا القرار؟

يعتبر الانتحار من القضايا الاجتماعية الخطيرة التي تؤثر على العائلات والمجتمعات، وتعود أسبابه إلى عوامل عدة، تشمل الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، التمييز، والعزلة، وتتطلب هذه الظاهرة اهتماماً عاجلاً لتوفير الدعم والوعي اللازم، بهدف الحد من تفشّيها وإنقاذ الأرواح.

 

ما تعريف محاولة الانتحار؟

 

قالت الطبيبة الاختصاصية في الطب النفسي، مارينا الحجة، لتلفزيون الخبر، إن “محاولة الانتحار هي كل عمل يقوم به الشخص بقصد إحداث الموت لنفسه دون أن ينجح في ذلك، والانتحار من وجهة نظر الطب هو اضطراب خطير في السلوك، لذلك كل محاولة انتحار أو الحديث عنها تستدعي الانتباه”.

 

وتابعت “الحجة”، إنه “في إحدى توصيات منظمة الصحة العالمية تقول إن كل محاولة للانتحار تستدعي القبول في المستشفى حتّى ولو رغماً عن المريض لوضعه ببيئة آمنة بعيدة عن أي مواد قد يستخدمها الناجي في تكرار المحاولة وعدم استنكاره للمحاولة السابقة”.

 

أسباب الانتحار

 

وحول أسباب الانتحار، أجابت “الحجة”، إنه “تتنوّع الأسباب والنتيجة واحدة، وعند معرفة السبب يمكننا الحد من هذا الخطر، ويأتي على رأس الأسباب الاكتئاب بدرجته الشديدة، إذ يفقد صاحبه الرغبة بالحياة ويشعر بعدم القيمة وأن الموت هو الحل لإنهاء اكتئابه”.

 

وأكملت الطبيبة، إن “من الأمراض النفسية التي تسبب الانتحار أيضاً هو مرض الذهان (الفصام) غير المعالج، إذ يصغي المريض بسبب مرضه لأصوات يسمعها قد تطلب منه القيام بأعمال خطيرة وتهدده لينفّذها فيستجيب لها ويقع ضحية مرضه”.

 

وأضافت “الحجة”، إن “اضطراب الوسواس القهري بأحد أشكاله يتظاهر أيضاً بأفكار مزعجة ملحة على المريض لا يرتاح إلّا إذا نفّذها، وعندما تكون هذه الأفكار آمرة بقتل الذات ويفشل المريض بمقاومتها فيقتل نفسه حتى يرتاح منها”.

 

وزادت الطبيبة، إنه “ومنهم من يلجأون للانتحار كوسيلة للانتقام من الآخرين، وتحميلهم ذنب موتهم، سواء الحبيب الذي هجره أو العائلة التي لم تتفهمه”.

 

وبيّنت اختصاصية الطب النفسي، إن “هناك محاولات للانتحار يقوم بها صاحب اضطراب الشخصية الحدية والاندفاعية والهستيرية بهدف لفت انتباه من حوله ولزيادة الاهتمام به، ومحاولاته قد تنجح أحياناً بسبب التهوّر وعدم إدراكه لجديّة الموقف”.

 

عوامل الخطورة

 

وعن عوامل الخطورة التي تزيد الانتحار، قالت الطبيبة، إن “محاولات الانتحار عند النساء أشيع من الرجال، لكن محاولات الرجال أكثر نجاحاً من محاولات النساء، ويفسّر ذلك بعنف الرجال وفعاليتهم من جهة وجبن النساء وخوفهم من جهة أُخرى للقيام بهذا السلوك الخطير”.

 

وأردفت الطبيبة، إنه “إضافةً إلى سهولة توفّر الوسيلة، إذ لحظنا في مجتمعنا السوري

توفّر السلاح بين أيدي الناس بسهولة خلال سنوات الأزمة، ليصبح من لديه احتمال الانتحار أسهل بوجود مسدس في يده”.

 

و “من عوامل الخطر أيضاً من يعيشون لوحدهم دون عائلة أو أقارب أو أصدقاء أو عمل هم أشخاص خطيرون، إذ أن الشخص الوحيد يقول إنه لا يوجد من يحزن عليه في حال مغادرته الحياة، ووجود شخص بقربه قد يمنعه من تنفيذ محاولته”، وفق الاختصاصية.

 

ولفتت “الحجة”، إلى أنه “تبيّن أنه كلما تقدّم الإنسان بالعمر كلما أصبحت محاولاته للانتحار أكثر خطورة، لذلك هم بحاجة لوجود شخص دائم معهم وعدم تركهم لوحدهم”.

 

هل تلعب الموسيقا دوراً بقرار الانتحار؟

 

“قد تلعب بعض أنواع الموسيقا دوراً باتخاذ قرار الانتحار سلباً أم إيجاباً”، وفق بعض الاختصاصيين، باعتبار أن “هناك كثير من المؤثرات التي تساعد في اتخاذ قرار الانتحار، ومن بينها الموسيقا”.

وقال مدير معهد التربية الموسيقية في دمشق سابقاً، عامر داؤد، إن “الموسيقا تساعد على الانتحار، من خلال الاعتماد على استخدام الآلات الإيقاعية بشكلٍ كبير، والذي يسبب فرز الأدرينالين بشكلٍ مفاجىء، وهذا يؤدّي إلى النشوة السريعة”.

 

وتابع “داؤد”، إن “ولكن بتكرار الاستماع لهذه الأنواع من الموسيقا يفقد الانسان هذه المتعة، وهنا يبدأ الشعور بالاكتئاب ويتجه نحو تعاطي الكحول والأدوية المنبهة التي تسبب النشوة”.

 

وأوضح “داؤد”، إن “كلمات بعض الأغاني تتضمّن رسائل مبطنة عن الانتحار ومتعة لعزلة الموسيقا، والتي تؤثر في الحالة المزاجية والمشاعر، بالتالي تغيّب العقل وتنبّه اللاوعي لدينا، وهي مقدمة بطريقة تجعلك خاضع للأفكار والأفعال الانتحارية”.

 

وحول أنواع الموسيقا التي تساعد على الانتحار، أجاب “داؤد”، إن “الأغاني الحزينة والكئيبة ومواضيعها المرتبطة بأهمية العزلة ومتعة الحياة في أن تكون وحيد، مثل أغنية (الأحد الكئيب) التي تسببت بانتحار المئات من المراهقين، ومُنعت هذه الأغنية من البث في العديد من الدول”.

 

و “الأغاني التي تكون مواضيعها مرتبطة بالحالات الاجتماعية، وهذه الأغاني مؤلفة بطريقة تسبب الإدمان عليها”، وفقاً لـ”داؤد”.

 

وأضاف “داؤد”، إن “موسيقا الهارد (ميتل) هي من أخطر أنواع الموسيقا، والتي تشجّع على التعاطي وإذاء النفس والإدمان والاضطرابات الأسرية، وهي مرتبطة بأفكار انتحارية، ومصنّفة من أنواع الموسيقا السوداء وأغلب الدول تمنع بثها في الإذاعات الرسمية لها”.

 

وأكمل “داؤد”، إن “مقاطع سبليمينال (فيديوهات خارج حيز الإدراك أو سحرية أو لا شعورية)، إذ تتضمّن ذبذبات لا شعورية وتأثر على المخ والإدراك، وهذه الرسائل أدّت لانتحار مئات من الأطفال، وهي منتشرة على إنستغرام كيدز، وقد احتلت السبب الرئيس لوفاة أطفال مراهقين وشباب بين عمر (13 و 25 عاماً)”.

 

وختم “داؤد”، إن “أسباب الانتحار متعددة، والموسيقا ليست السبب الوحيد في الانتحار، كما أن هنالك أنواع موسيقا إيجابية تساعد في العلاج النفسي وتحسين الحالة المزاجية وتغيّر العادات السلبية” .

 

إحصائيات

 

من جهته، قال رئيس هيئة الطبابة الشرعية في سوريا، الدكتور زاهر حجو، لتلفزيون الخبر، إن “عدد حالات الانتحار في سوريا منذ أول عام 2024، وحتى نهاية شهر آب الماضي، بلغت 194 حالة، منها 159 ذكوراً و 35 إناثاً”.

 

و “توزّعت الحالات بين 27 حالة في دمشق و 35 في ريفها و 4 حالات في درعا و 15 في السويداء، كما شهدت حمص 37 حالة انتحار، و 8 حالات في حماة و 21 في حلب و 20 في طرطوس ومثلها في اللاذقية و 7 حالات في الحسكة”، بحسب ما ذكره “حجو”، لتلفزيون الخبر.

 

بشار الصارم – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى