العناوين الرئيسيةفلسطين

الفلسطينيون والسوريون في أوروبا.. وجه آخر للنضال

على الرغم من الهيمنة “الإسرائيلية” الكبيرة بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر أذرعها وداعميها من أكبر قوى العالم، على وسائل الإعلام والاتصال، وتحييد جل الخطابات المناصرة للقضية الفلسطينية، برزت أصوات وأشكال نضالية من صلب المجتمعات الأمريكية والأوروبية على حد سواء، بعضها من قبل أجيال تشهد للمرة الأولى، حسب وعيها وسنها، حرباً “إسرائيلية” مدعومة من بلدانهم ضد فلسطين.

 

هذا التأييد الذي برز بشكل خاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم المظاهرات وتأييد حركات المقاطعة، والضغط على المستثمرين مع الكيان لاسيما في مجال التعليم (كما شهدت خلال العام الماضي جامعات أمريكية عريقة أبرزها كولومبيا)، ابقى القضية حية في هذه المجتمعات بل وصرخة أمام قرارات السلطات فيها، لكن كيف أثر ويقرأ الفلسطينيون والسوريون هناك هذا النضال؟ وما أبرز العقبات التي تواجه مؤيديه؟

 

أسئلة لك لكونك عربي في أوروبا..

يروي ربيع، وهو اسم مستعار لفلسطيني سوري، مقيم في ألمانيا منذ عام 2016، لتلفزيون الخبر أن “وجوده في ألمانيا، خاصة خلال العام الماضي، عرضه للكثير من الأسئلة المرتبطة بالقضية الفلسطينية التي كان يظنها بديهيات بالنسبة للخلفية الثقافية القادم منها”.

 

ووجد “ربيع” نفسه أمام “مسؤولية كبيرة للإجابة عن هذه الأسئلة التي من شأنها أن تحدث ولو تغييراً بسيطاً لعقلية أصدقائي في الجامعة مثلاً وهم من بلدان وثقافات مختلفة، متشربون لمفاهيم اصطدمت بواقع ما شاهدوه من عنف ممول من قبل حكومات بلادهم أو البلدان التي يقيمون فيها، إضافة الى تناقضات بين الحرية والقمع لمثل هذه الآراء”.

 

ويتابع “ربيع”: “وجد كثر من الشباب الأوروبي نفسه أمام صدمة ازاء ما ينقل من قصص حية من غزة سابقاً ولبنان حالياً، لا تتناسب مع القيم التي صدرت لهم، ومنها كانت الحركات الانتفاضية التي تسببت بأزمات لهم واستخدام للعنف اتجاه المظاهرات، وغيرها من النشاطات الالكترونية والواقعية، حتى أن ذلك أثر على استطلاعات الرأي الخاصة بالأداء الحكومي والرفض في استمرار تأييد “اسرائيل”، ولعبة “الدفاع عن النفس”.

العنف اتجاه كل ما هو فلسطيني

يتحدث “ربيع” عن تجربته وزملائه في المظاهرات المناصرة لغزة، وكيف تعاملت معها الشرطة الألمانية، قائلاً إنها “انحدرت لشكل غيرم سبوق من العنف اتجاه كل ما هو فلسطيني، سواء هتافات، أو علم، أو حتى الكوفية”.

 

ويتابع “ربيع” أن “المتظاهرون ازدادوا اصراراً وضغطاً في هذه المظاهرات المستمرة في الساحات العامة، والجامعات، بالرغم من كل التهديدات بالاعتقال او الفصل من المؤسسات الأكاديمية، لكن الجواب المقابل من قبل المتظاهرين، عرب والمان، ومن جنسيات مختلفة، هو كيف تتعامل ألمانيا بازدواجية مع كل ما يجري؟”.

ازدواجية المعايير

من الحوادث التي كشفت التلاعب الأوروبي بالحريات والتعاطي بازدواجية معها، كان التعاطي المتقلب مع الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ، التي منحت تأييداً مطلقاً خلال سنوات سابقة أثناء خطاباتها في مجال البيئة، ورشحت لجوائز عالمية، وفتحت لها الأبواب ومدت لها السجادات الحمراء للقاء كبار السياسيين الأوروبيين، بينما اعتقلت وهددت بعد مشاركاتها في مظاهرات تندد بالإبادة “الإسرائيلية” للفلسطينيين والعرب، بحسب تقارير وسائل إعلام.

 

ويشير “ربيع” إلى أن الشرطة الألمانية اعتقلت “تونبرغ” قبل اشهر على خلفية مشاركتها في مظاهرة لفلسطين، واتهمت بـ”معاداة السامية”، ووصلت المطالب إلى منعها من دخول البلاد على خلفية مواقفها”.

اسكات الناشطين واختراق بياناتهم

تزامن حديث وسائل إعلام غربية عن قمع المتظاهرين، مع انتشار تقارير حول مخاوف من اقتحام الأجهزة الأمنية هواتف الناشطين ومنظمي المظاهرات، خاصة بعد تسريب معلومات عن شراء بعض الدول لبرامج تجسس “إسرائيلية”.

 

وذكر “ربيع” أن عدداً من المتظاهرين إما يقومون بإغلاق هواتفهم أو تركها في المنازل أو المكاتب، خوفاً من هذا الاختراق، ولا ينطبق فقط على العرب، بل على منظمي مثل هذه الوقفات والمشاركين فيها، والناشطين الأجانب عبر مواقع التواصل الاجتماعي كذلك، بحسب تعبيره

معاداة السامية.. تهمة معلبة

 

يشرح “ربيع أن أكثر ما يواجه الفلسطيني أو الداعم للقضية الفلسطينية أو حتى أي عربي يرفع شعار يخص ما يحصل في غزة، يتم توجيه تهمة معاداة السامية اليه فورياً، لاسيما في ألمانيا”.

ويضيف “ربيع”: “كان للكثير من العرب هنا من السوريين والفلسطينيين وآخرين من جنسيات عربية مختلفة الدور في شرح معنى هذا المصطلح، والتفريق بينه وبين الصهيونية، والممارسات “الإسرائيلية” من احتلال واستيطان، وتهجير وتشريد، مما عزز الرواية الفلسطينية، وبنى عازلاً في أذهان الكثيرين ضد تهمة جاهزة مثل هذه”.

اسبانيا.. وجه مشرق في مواجهة “اسرائيل”

على ضفة أوروبية أخرى، تروي “سارة” وهو اسم مستعار لشابة سورية في مدريد (31 عاماً)، لتلفزيون الخبر عن تجربتها مع المجتمع الاسباني والوقفات التضامنية المناصرة لغزة بعد عام من الإبادة.

 

وتقول “سارة” إن “اسبانيا فتحت المجال منذ بدء هذه الإبادة أمام أي جمهور أو شعار يناضل لأجل فلسطين، ولم تتم محاربته بالعنف او بالإسكات، وتجلى هذا الأمر في الأنشطة الرياضية والفنية، والوقفات التضامنية في الساحات والميادين العامة”.

 

وذكرت “سارة” أن “الشوارع في مدريد رفعت فيها الأعلام الفلسطينية ورددت فيها الشعارات الرافضة للاحتلال الصهيوني، واللافت المشاركة من قبل قوميات مختلفة في اسبانيا، أو أجانب مقيمين فيها، من طلاب وعمال، وحتى المطاعم والجدران، زينت بشعارات حول ما يجري في غزة”.

 

وتضيف “سارة”: “زرت خلال العام الماضي، بعد طوفان الأقصى، عدة دول أوروبية، بينها هولندا، وألمانيا، وكان لافتاً بالنسبة لي التعاطي العظيم من قبل الجاليات العربية ومن بينها السورية مع المجتمع الأوروبي فيما يخص فلسطين”.

وتكمل “سارة” أنه “قد يبدو للبعض أن الإجابة عن أسئلة ما، أو رفع صورة شهيد فلسطيني، أو ارتداء ملابس فيها شعارات فلسطينية، أو الوقوف في وجه شرطي ما، هي مجرد جزئيات بسيطة، لا تذكر، لكن لا يمكن رؤية الأمر هكذا حين تسمع قصص عرب أوروبا الموجودين منذ عقود فيها، وكيف كانوا يرون أن لا أذن يمكن أن تصغي لهم، فكيف إن حقق هذا الجيل ذلك بالتأثير على أقرانهم من جهة، ومن ثم تأثير الجميع على قرار أو موقف ما؟”.

مواقف حكومية

خلال العام الماضي، كان موقف اسبانيا لافتا بين الدول الأوروبية، حيث بادرت للاعتراف بدولة فلسطين، وأوقفت تصدير السلاح إلى “إسرائيل”، وواصلت دعم وكالة “الاونروا” في وقت تشح فيه المساعدات المقدمة إليها، ووقفت موقف الند مقابل ألمانيا في الأمم المتحدة بما يخص القضية الفلسطينية.

 

الجدير بالذكر أن الحرب “الإسرائيلية” الأخيرة على قطاع غزة، ولبنان حالياً، حظيت باهتمام عالمي كبير، تجلى بمواقف مشاهير من العالم، وحركات طلابية، واندية رياضية عالمية، واهتمام واسع في النشر الالكتروني، برغم كل القيود المفروضة على المحتوى الفلسطيني.

لين السعدي – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى