العناوين الرئيسيةمجتمع

ناعورة حمص.. حقيقة لن يطيقها الحموية بعد العاصي وحلاوة الجبن

يحتوي سجل المناكفة الشعبية بين حمص وحماة العديد من النقاط الخلافية المستمرة منذ زمن بعيد، والتي شكلت وما تزال حالة تحدٍ ظريفة بين سكان المحافظتين.

 

وتشكل ملكية نهر العاصي أولى النقاط المتنازع عليها شعبياً، يضاف إليها حلاوة الجبن بالطبع التي انتزعت صدارة النكات الشعبية، في حين لا يعلم كثيرون أن الناعورة أيضاً تدخل في سباق المناكفة هذا، حتى سمي أحد الاسواق القديمة في حمص باسمها.

ويعتبر سوق الناعورة الواقع في نهاية أسواق حمص القديمة من ناحية الشرق، أحد أشهر الأسواق الشعبية، وجاءت تسميته من ناعورة الماء الوحيدة التي أنشئت في القرن الثامن عشر، بحسب الباحث التاريخي المهندس نهاد سمهان.

وبين نهاد لتلفزيون الخبر أن: “الناعورة أقيمت على ساقية المجاهدية التي كانت تأتي من منطقة الغوطة إلى شارع عبد الحميد الدروبي، ثم إلى شارع أبي العلاء المعري، وتمر قرب غرفة التجارة لتصل إلى موقع الناعورة”.

 

وأضاف “سمعان” أن: “الناعورة كانت ترفع جزءاً من مائها إلى قناةٍ تذهب إلى التكية المولوية ثم إلى الجامع النوري الكبير وبعده إلى حمام الباشا، بينما انعطفت ساقية المجاهدية بعد الناعورة شمالاً، لتذهب إلى حي جورة الشياح والمناطق المنخفضة من البساتين”.

 

وأوضح الباحث التاريخي أنه: “في العقد الثالث من القرن العشرين قامت بلدية حمص بتنظيم المنطقة بعد الاستغناء عن وظيفة الناعورة وفتح شارع أبي العوف إلى ساحة باب السوق وساحة الساعة العتيقة، وشُيِّدت الأبنية الحالية والمحلات والأسواق القائمة حالياً، وسميت المنطقة باسم سوق الناعورة”.

 

وأشار “سمعان” إلى أن: “الناعورة كانت مصنوعة من الخشب منذ إنشائها، ويقال إن نجارِين حمويين كانوا يشرفون على صيانتها وتشغيلها لخبرتهم الواسعة في هذا الشأن، بينما أكد المطران “أثناسيوس عطا الله” مطران “حمص” للروم الأرثوذكس ما بين عامي 1888 و1891 في يومياته أن النجار “خليل الحائك” اللبناني كان يشرف مؤقتاً على دولاب الناعورة”.

 

ولفت الباحث التاريخي لتلفزيون الخبر إلى أن: “كلفة صيانة وتشغيل الناعورة كانت باهظة نسبياً، وبلغت حينها أربعين ديناراً سورياً سنوياً، بحسب ما ورد في العدد ثلاثين من جريدة حمص عام 1920”.

 

ولذلك قامت البلدية في العقد الثالث من القرن العشرين بتكليف أحد الحدادين الحمصيين من آل “الدالاتي” باستبدال عناصر الناعورة وتصنيعها من المعدن في سابقة فريدة من نوعها، لكن الزمن لم يسمح بتبيان مدى نجاح هذه التجربة، إذ تم الاستغناء عن خدمات الناعورة بعد فترة قصثرة وأزيلت عام 1946، بحسب “سمعان”.

 

يشار إلى أن سوق الناعورة الأثري في مدينة حمص تضرر بشكل كبير خلال سنوات الحرب، لكنه استعاد حركته التجارية مع ترميم مئات المحال وعودة التجار إليه.

 

يذكر أن أسواق حمص القديمة تضم العديد المِهن التراثية على اختلاف أنواعها، في حركة مستمرة لم تتوقف، بل تزداد في فترة الأعياد لاسيما في سوق حمص المسقوف الذي اخذ اسمه من الأجزاء المسقوفة والمغطاة بألوان زاهية تسر الناظرين.

 

عمار ابراهيم – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى