ماذا تعرف عن قلعة دمشق؟
تقع قلعة دمشق في الزاوية الشمالية الغربية من أسوار مدينة دمشق، وتشكل أبراجها وبَدَناتها الشمالية والغربية جزءاً من سور المدينة إلى الغرب من باب الفرج، وإلى الشمال من باب الجابية، كما تشكل مع سور المدينة النظام الدفاعي الأساس للمدينة.
تتألف القلعة، وفقاً لـ”الموسوعة العربية” من 13برجاً، أربعة منها على الزوايا، وثلاثة في الجهة الجنوبية، واثنان في الجهة الشرقية، وثلاثة في الجهة الشمالية، وأساسات برج واحد ظهرت في منتصف الجهة الغربية، أما البنى الداخلية زال أغلبها، ولم يتبق منها سوى قصر السلاطين، والقاعة ذات الأعمدة، وبعض الممرات الداخلية التي تدور حول المحيط الخارجي للقلعة”.
وتتشكل القلعة على هيئة مستطيل يمتد نحو 200م ، وتبلغ مساحتها نحو 3 هكتارات، وهي أكبر مساحة مبنية في المدينة، وللمقارنة، تبلغ مساحة الجامع الأموي ثاني أكبر مساحة مبنية، نحو 1.5 هكتار.
وأشارت أبحاث “الموسوعة العربية” إلى أنه بعد موت صلاح الدين في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي، دب الخلاف بين أولاده على السلطة، ولم يلبث أخوه الملك العادل أن استغل النزاع الحاصل بين أبناء أخيه، لينتزع السلطنة منهم، ويصبح سيد البيت الأيوبي دون منازع، ويتخذ من دمشق مقراً له.
وبدأ “العادل” بتقوية مركزه الجديد، فقام بداية القرن الثالث عشر ببناء قلعة جديدة في دمشق أكبر من حيث المساحة من القلعة السلجوقية، فأحاطت الأبراج الضخمة الجديدة وبدناتها بالدفاعات الأصغر، ودمجت فيها.
وأضيفت لاحقاً المزيد من المباني السكنية والإدارية في الفترة الأيوبية، كالطارمة (أعلى البرج) التي كان ابنا الملك العادل يستعرضان الجند منها، وجامع أبي الدرداء، ودار الكاملية، وقبة دار رضوان.
وخيم الخطر المغولي على المنطقة مع منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، ووصل هولاكو عام 1260 إلى دمشق، وقصف القلعة بالمنجنيق حتى استسلمت، فهدمت أجزاء منها، واشتعلت النيران في البنى الداخلية فيها.
ومع وصول “الظاهر بيبرس” إلى السلطة، بدأ مشروعاً كبيراً لإصلاح القلعة، فأعاد بناء الواجهتين الغربية والشمالية، وبنى فيها داراً كبيرة ذات مرافق، وأشاد طارمة واسعة فوق برج الزاوية الشمالية الغربية، وأنفق على المشروع مبلغاً يقارب مليون درهم.
وتابع “المنصور قلاوون” أعمال إعادة البناء في القلعة، فأشاد ممراً مسقوفاً على طول الواجهة الشمالية من الداخل، وممشى للخفارة فوق الممر على كامل محيط القلعة الداخلي.
ومن ثم قام ابنه “الأشرف خليل” بتجميع الرخام من أنحاء سوريا، وأحضرت الأعمدة الرومانية إلى القلعة وتم إنشاء دار السلطنة، والطارمة، والممر المسقوف، والقاعة الذهبية، والقبة الزرقاء، أول قبة معروفة في سوريا غُطيت بالقاشاني الملون.
وعانت القلعة والمنطقة المحيطة بها في الفترة التي تلت مجموعةً من الهجمات قام بها المماليك أثناء مناوشاتهم مع بعضهم بعضاً، وتلقت الضربة الأكبر عام 1400 عندما وصل “تيمورلنك” إلى دمشق، ودك أسوارها وأبراجها، لأنها رفضت التسليم له مع المدينة، وأشعل النار فيها.
وظلت القلعة في حالة مزرية من الدمار حتى وصول “نوروز الحافظي” عام 1405 إلى السلطة، فقرر إعادة بنائها، فأعاد بناء الواجهة الشمالية وبرجي الزاويتين الجنوبيتين، ويبدو أن العمل كان سيئاً وسريعاً، إذ سرعان ما احتاجت القلعة لترميمات جديدة قام بها قانصوه الغوري.
وتراجع دور القلعة مع بداية الاحتلال العثماني، ومع انهيار أجزاء من أسوارها بسبب زلزال عام 1759، وقام السلطان مصطفى الثالث بإرسال بعثة لترميمها.
وأصبحت دمشق منذ عام 1787 مسرحاً للثورات والحملات، واستخدمت القلعة ملجأً، وفي النهاية استخدمت حجارة الأجزاء العلوية من أبراجها في بناء ثكنات في دمشق، وفي عهد الاحتلال الفرنسي حولت القلعة إلى سجن، وظلت كذلك حتى ما بعد الاستقلال حين تقرر إخلاؤها وترميمها.
وتعد قلعة دمشق من القلاع الإسلامية المهمة، وهي واحدة من مجموعة القلاع التي بنيت في المدن، وتختلف عنها في أنها بنيت على مستوى سطح الأرض، وليس على تل يؤمن حمايتها كقلعتي حلب وحمص، أو حول مبنى ضخم أقدم كقلعة بصرى التي بنيت حول المدرج الروماني.
وكانت في القرن الثاني عشر الحصون مزودة بأبراج صغيرة قليلة البروز مشابهة للأبراج المعروفة في سوريا الرومانية، أما “العادل” فقد ابتدع أسلوباً دفاعياً جديداً، فجعل الأبراج أكبر حجماً، وأكثر بروزاً عن البدنات.
وزود “العادل” القلعة بمرامٍ للسهام في كل طابق، وتصوينة علوية مزودة بالسقاطات والرواشن، وجعل المسافات بينها أقرب حسب المدى الحيوي للسهم، بحيث تدافع حامية عن البرج المجاور، وكان سبب هذا التغيير هو التطور الحاصل في الآلات الحربية ذات المقذوفات، إثر استخدام أنواع جديدة من المنجنيقات.
وتتميز قلعة دمشق بوجود ممر مسقوف يدور حول كامل محيطها الداخلي يعلوه ممر للخفارة على سطحه، يسمحان بالتحرك حول محيط القلعة من دون عوائق، كما زُوِّدا بالأدراج للتحرك بسهولة بين طوابق الأبراج.
الجدير بالذكر أنه في شباط 2023، تعرض محيط قلعة دمشق لقصف “اسرائيلي” تسبب بأضرار كبيرة في المعهد التقاني للفنون التطبيقية الموجود بالقلعة، بحسب ما نشرته حينها مديرية الآثار والمتاحف.
تلفزيون الخبر