العناوين الرئيسيةميداني

احتجاجات ضد تركيا واعتداء على أتراك ..ماذا يحدث في الشمال السوري المحتل؟

عُرفت السياسة بأنها فن الممكن وعليه يغلب على عالمها قانون المصالح المتبادلة والمتغيرة، حيث عدو اليوم صديق الغد والعكس صحيح كما أن الادوات والوسائل المستعملة لتحقيق غاياتها قابلة للتغيير والاستبدال بأدوات جديدة.

 

ما قبل الحدث

أطلق الرئيس التركي “إردوغان” قبل عدة أيام تصريحات إيجابية تجاه الحكومة السورية، متحدثاً عن إمكانية عودة العلاقات، وذلك بعد سنوات من القطيعة منذ بدء الحرب عام 2011.

 

وتزامن ذلك مع قرار فتح معبر “أبو الزندين” بين مدينة الباب في المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا ومدينة حلب.

 

وقال “إردوغان” إنه “لا يوجد أي سبب لعدم إقامة علاقات بين تركيا وسوريا”، مشيرا إلى أنه “لا يستبعد احتمال عقد اجتماع مع نظيره السوري بشار الأسد للمساعدة في استعادة العلاقات بين البلدين”، حسب تعبيره.

 

اليوم التالي

تغير مزاج القوات التابعة للاحتلال التركي شمال سوريا بعد تصريحات “إردوغان” الأخيرة حول قرب عودة العلاقات مع الدولة السورية معتبرين أن الرئيس التركي “باعهم لدمشق”.

 

وشهد ريف حلب الشمالي الخاضع للاحتلال التركي، الإثنين ردود فعل غاضبة ضد أنقرة، واشتبك المتظاهرون مع قوات الاحتلال عبر إطلاق الرصاص أمام النقطة العسكرية في منطقة الأتارب بريف حلب الغربي، في حين أفاد ما يسمى “المرصد المعارض”، بأن اشتباكات مسلحة اندلعت بين متظاهرين هاجموا مقار عسكرية وخدمية للاحتلال في جرابلس وعفرين، ما أدى لوقوع إصابات.

 

وقام سكان في أرياف حلب المحتل بقطع الطرق أمام السيارات والشاحنات التركية في مارع وسجو والباب، ووصل الأمر إلى تمزيق الأعلام التركية وإنزالها عن معبر “باب السلامة” الحدودي في أعزاز.

 

ودفعت هذه التطورات موظفي الاحتلال إلى مغادرة الدوائر التي يعملون فيها، كما انتشرت الدعوات للمظاهرات في مناطق متعددة من ريف حلب وأمام النقاط التركية في إدلب.

 

وأغلقت السلطات التركية، الإثنين، جميع المعابر الحدودية التي تربطها مع شمال غربي سوريا، إثر التطورات الأخيرة في مدن وبلدات ريف حلب الشمالي.

 

ما حجة المتظاهرين في الشمال؟

بعد الغضب الكبير الذي اجتاح الجماعات التابعة للاحتلال التركي في شمال سوريا نتيجة تصريحات “إردوغان” تحججت الجماعات بحادثة “قيصري” التي تعرض خلالها لاجئون سوريون في الولاية التركية لاعتداءات من قبل أتراك، بعد إشاعة “ اعتداء لاجئ سوري على طفلة تركية”.

 

وانتشر مقطع فيديو ليل الأحد الماضي يظهر ما قيل إنه حادثة تحرش قام بها لاجئ سوري ضد طفلة تركية في ولاية قيصري التركية، وقبيل صدور بيان رسمي من السلطات في الولاية، هاجم العشرات اللاجئين السوريين واعتدوا على ممتلكاتهم في المنطقة .

 

وأكدت السلطات أن حادثة التحرش وقعت فعلاً لكن الطفلة كانت سورية، وليست تركية ، وهي قريبة الشاب المعتدي.

 

ونقلت فيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تصور الهجمات التي استهدفت سيارات السوريين، ومتاجرهم، ورمي بيوت بعض السوريين بالحجارة وتكسير زجاج النوافذ، وأظهرت لقطات فيديو حرق السيارات وبعض المتاجر.

 

وقال وزير الداخلية التركي “علي يرلي كايا”، الاثنين، أن 67 شخصاً تم توقيفهم على خلفية اعتداءات وأعمال عنف على ممتلكات السوريين في ولاية قيصري التركية بعد حادثة التحرش المزعومة.

 

وأعلنت محكمة في ولاية قيصري التركية ،الاثنين، فرض حظر النشر على خلفية الحادثة، مع فتح تحقيق بالأحداث التي جرت.

 

موقف ميليشيا “قسد”

من جهتها، شعرت “قسد” بقلق كبير من نتائج هذا التقارب على مستقبلها ونفوذها في مناطق شمال شرقي سوريا، في ظل التهديد التركي المستمر بشن عمليات عسكرية تستهدف “قسد” و”حزب العمال الكردستاني” في سوريا والعراق.

 

وكانت “قسد” وصفت، السبت، مؤشرات التقارب بأنها “مؤامرة كبيرة على الشعب السوري بكل أطيافه”، مضيفة في بيان أن “أي اتفاق مع الدولة التركية هو ضد مصلحة السوريين عامةً، وتكريس للتقسيم وتآمر على وحدة سوريا وشعبها، ولن يحقق أي نتائج إيجابية، بل سيؤدي إلى تأزيم الواقع السوري ونشر مزيد من الفوضى”.

 

وتكررت الحملات العنصرية ودعوات طرد اللاجئين السوريين الذين تجاوز عددهم 3 ملايين في تركيا منذ عام 2011، ووصلت تعهدات ترحيلهم إلى حملات الانتخابات الرئاسية العام الماضي، فإن حملات الترحيل الأخيرة كانت الأشد، مع وصول العشرات يومياً إلى منطقة الشمال الغربي عبر المعابر الحدودية.

 

وصرح المسؤولون الأتراك مراراً بأنهم يعملون على تجهيز ما أسموه “مساكن آمنة” تضمن عودة السوريين إلى منطقة ريف حلب الشمالي، بالإضافة إلى عشرات حالات الاعتداء على اللاجئين السوريين في تركيا التي وصلت عدة مرات لارتكاب جرائم قتل بحقهم.

 

وكان اللاجئون السوريون في تركيا ولا يزالون -كما في معظم دول اللجوء- ورقة ضغط سياسية تستخدمها التيارات والأحزاب، وكثيراً ما وجهت لهم أصابع الاتهام في أي توتر سياسي أو تدهور اقتصادي في مأساة مستمرة لانعكاسات حرب لم تضع أوزارها بعد.

 

يذكر أن “إردوغان” وحكومته استخدموا، ولا يزالون، الجماعات المسلحة التابعة لهم لتحقيق مكاسب سياسية وظهر ذلك عقب كل حديث عن تقارب سوري تركي أو اجتماع يتعلق بحل الأزمة السورية في سوتشي أو غيرها.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى