هدفها السوريون.. صفقة لبنانية أوروبية لوقف قوارب اللاجئين
تصدّر خبر تقديم الاتحاد الأوروبي حزمة مساعدات مالية إلى السلطات اللبنانية لوقف الهجرة “غير الشرعية” للاجئين السوريين من شواطئ لبنان إلى قبرص، المشهد الإعلامي والسياسي، وسط تضييق يتعرّض له اللاجئون السوريون في لبنان.
وتبلغ قيمة المساعدات مليار يورو على مدى ثلاث سنوات، وجاءت بعد ملامح اتفاق لبناني أوروبي لمنع الهجرة، وعقب تصريحات لبنانية حادة ومهاجمة للاجئين السوريين، وحديث عن أنهم باتوا يشكلون عبئاً على لبنان، رسمت صفقة وتعاوناً بين رئيسة المفوضية الأوروبية، “أورسولا فون دير لاين”، ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، “نجيب ميقاتي”، بحضور الرئيس القبرصي، “خريستو دوليديس”.
وفي التفاصيل التي نقلها موقع “عنب بلدي” المعارض، أنه في 2 من أيار الحالي، وصلت دير لاين وخريستو دوليديس إلى بيروت، وأعلنت رئيسة المفوضية عن حزمة مالية بقيمة مليار يورو للبنان ستكون متاحة اعتباراً من 2024 حتى عام 2027، وقالت إن “الاتحاد الأوروبي يعوّل على تعاون لبنان لمنع الهجرة غير النظامية ومكافحة تهريب المهاجرين”.
وذكرت “دير لاين”، أن “الاتحاد الأوروبي ملتزم بالحفاظ على المسارات القانونية مفتوحة أمام أوروبا وإعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي”.
وأضافت رئيسة المفوضية، أن “الاتحاد يتفهم التحديات التي يواجهها لبنان في استضافة اللاجئين السوريين وغيرهم من النازحين، ومن الضروري ضمان رفاهية المجتمعات المضيفة واللاجئين السوريين”.
ووعدت “دير لاين” بالنظر في كيفية جعل المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي أكثر فعالية، ويشمل ذلك استكشاف كيفية العمل على نهج أكثر تنظيماً “للعودة الطوعية إلى سوريا”، بالتعاون الوثيق مع المفوضية، مع الحاجة إلى تعزيز الدعم من المجتمع الدولي للبرامج الإنسانية وبرامج التعافي المبكر في سوريا.
من جهته، قال رئيس قبرص “خريستودوليديس”، إن “بلاده ليست في وضع يسمح لها باستقبال المزيد من الأشخاص، فمخيمات اللاجئين القائمة مكتظة، وكان لا بد من وقف معالجة طلبات اللجوء في الوقت الحالي”.
وذكر “خريستودوليديس”، أن السوريين من لبنان، على بعد حوالي 160 كيلومتراً، كانوا يصلون إلى الجزيرة الواقعة في شرق البحر الأبيض المتوسط كل يوم تقريباً في القوارب خلال الأشهر القليلة الماضية، وتم إحصاء حوالي 4000 مهاجر منذ بداية العام، وفي الربع الأول من العام الماضي كان هناك 78 فقط.
بدوره، قال “ميقاتي”: إن “القسم الأكبر من الاجتماع كان لبحث ملف النازحين السوريين على الأراضي اللبنانية، والتعاون بين لبنان وقبرص ودول الاتحاد الأوروبي لمعالجة هذا الملف وتداعياته المباشرة وغير المباشرة”، وفق ما نقله الموقع.
وذكر “ميقاتي”، أن الواقع الحالي لهذا الموضوع بات أكبر من قدرة لبنان على التحمّل، خصوصاً أن عدد “اللاجئين بات يناهز ثلث عدد اللبنانيين”.
وأشار “ميقاتي” إلى أن “أمن لبنان من أمن دول أوروبا والعكس صحيح، وأن تعاون لبنان الجدي والبناء لحل هذا الملف يشكل المدخل الحقيقي لاستقرار الأوضاع، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحترام المتبادل والتعاون المثمر”، وقال إنه “يرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل”.
وطالب “ميقاتي”، بإقرار أوروبي ودولي بأن أغلبية المناطق السورية باتت آمنة، ما يسهل عملية إعادة النازحين، بحسب تسمية السلطات اللبنانية.
وتشمل الحزمة المالية المقدمة من الاتحاد الأوروبي، تعزيز الخدمات الأساسية والاستثمارات في مجالات مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة لشعب لبنان، بحسب “عنب بلدي”.
كما تشمل إصلاحات اقتصادية ومالية ومصرفية، إذ تعتبر هذه الإصلاحات أساسية لتحسين الوضع الاقتصادي العام للبلاد على المدى الطويل، وهذا من شأنه أن يسمح لبيئة الأعمال والقطاع المصرفي باستعادة ثقة المجتمع الدولي، وبالتالي تمكين القطاع الخاص من الاستثمار.
كذلك تشمل دعم القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن العام والداخلي، ويركز ذلك بشكل أساسي على توفير المعدات والتدريب والبنية التحتية اللازمة لإدارة الحدود.
ومنذ عام 2011، دعم الاتحاد الأوروبي لبنان بمبلغ 2.6 مليار يورو، ليس فقط للاجئين السوريين، إنما للمجتمعات المضيفة أيضاً.
وعن المعايير أو الآلية المتبعة لمتابعة صرف الأموال على القطاعات التي حددتها المفوضية الأوروبية قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو لـ”عنب بلدي”، إنه “سيتم تنفيذ الأموال من خلال عقود مع أطراف ثالثة، بما يتماشى مع إجراءات الاتحاد الأوروبي (الدعوة لتقديم العروض، والمناقصات، والإدارة غير المباشرة مع الكيانات التي تم تقييمها في الركائز) ولا يتوقع دعم الميزانية”.
وفي هذا السياق، أوضح “ستانو”، أنه سيتم مراقبة تنفيذ أموال الاتحاد الأوروبي وفقاً للقواعد والإجراءات الحالية.
وبدأت تظهر ملامح الاتفاق بين لبنان والاتحاد الأوروبي، منذ 22 نيسان الماضي، حين قال مفوض دعم أسلوب الحياة في الاتحاد الأوروبي، “مارغريتيس شيناس”، إن الاتحاد الأوروبي يمكنه التوصل إلى اتفاق مع بيروت، للحد من هجرة طالبي اللجوء الذين يشكّل السوريون معظمهم، انطلاقاً من السواحل اللبنانية، على غرار الاتفاق الموقع مع مصر.
ومنذ نحو عام، تطالب قبرص الاتحاد الأوروبي بمراجعة تصنيف سوريا كدولة “غير آمنة”، وما إذا كان يجب على الدول الأوروبية استمرار منع إعادة طالبي اللجوء إليها.
وتشكل لبنان نقطة انطلاق المهاجرين إلى جزيرة قبرص والتي شهدت توافداً كبيراً للمهاجرين عبر البحر خلال العام الحالي، ما دفع بالسلطات للتواصل مع الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية لطلب المساعدة، والضغط على لبنان لوقف قوارب اللاجئين.
ويتعرّض السوريون في لبنان إلى تضييق مستمر، وتفاقم بعد مقتل منسق لدى حزب “القوات اللبنانية”، يدعى “باسكال سليمان”، اتهمت السلطان اللبنانية سوريين بقتله، في 9 نيسان الماضي.
وفي 25 نيسان، أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بياناً قالت فيه، إن السلطات اللبنانية احتجزت في الأشهر الماضية سوريين، وعذبتهم وأعادتهم قسراً إلى سوريا.
وبحسب بيان للأمم المتحدة، يقيم في لبنان 785 ألف لاجئ سوري تسميهم السلطات اللبنانية نازحين، بينما تقدّم السلطات اللبنانية أرقاماً مختلفة، في كل مرة، وصل أعلاها إلى 2 مليون سوري.
تلفزيون الخبر