العناوين الرئيسيةمجتمع

العيد بين جيلين.. صبايا سوريات يستذكرن الجزادين اللمّيعة وموبايلات البلاستيك الملونة

لا يخفى على أحد اختلاف العادات، الظروف، المرغوب والممنوع بين جيل وآخر، لكن تبقى أجيال الشباب تتناقل حسرة العيد، تارةً على لهفته ومتعته والحماس لتحضيراته شبه الغائبة في الوقت الحالي، وتارةً على جيل الأطفال الذي لم يعش طقوسه الحقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

“تتجلى اختلاف طقوس العيد، بدءاً من انتظار فرحة العيد والتخطيط لتفاصيله قبل أيام، وصولاً إلى اجتماعات الأطفال وكأننا جيش سيغزو الحدائق، بالضحك، واللعب”، تقول الشابة لونا شعبان من سكان طرطوس لتلفزيون الخبر.

 

وتابعت “شعبان” (26 عاماً، موظفة في منظمة الهلال الأحمر) حديثها: “كانت الفتيات تتباهى بالباربي الأجمل التي اشترتها للعيد، أو الأجهزة الملونة التي تصدر رنات وكأنها موبايل حقيقي نتواصل من خلاله فيما بيننا من حارة إلى أخرى، وتسمع صدى أصواتنا من الفرحة، لا داع كان لسماعة هاتف حقيقية”.

 

وأكملت “شعبان” لتلفزيون الخبر: “ويتوجه الفتيان لشراء مسدسات الخرز، السيارات الصغيرة، الطابة، وغيرها من الألعاب، لم يكن هناك شعور أجمل من اختيار هدية العيد”.

 

وأردفت “شعبان”: “اختلفت اليوم لهفة العيد بالنسبة لنا كجيل شباب، إذ ننظر إلى الأطفال الذين لا يعرفون شيئاً عن عفوية العيد، ألعاب السبع أحجار، الغميضة، فرصة الحصول على الدلال لثلاثة أيام متواصلة، أكل الحلويات، تلقّي العيديات، وحتى اللعب على العشب والرمال، حضور مسرحيات، والحماس لشراء سندويشة بطاطا جاهزة وكأنها جائزة فعلاً”.

 

وتابعت “شعبان” في حديثها لتلفزيون الخبر أنه: “لا عتب على هذا الجيل، فلكل زمان ظروفه، حداثته، والظروف الاجتماعية، المادية لها دورها، إلّا أنني فعلاً أجد طقوسه أصبحت موّحدة نوعاً ما، عندما لا أرى الحماس نفسه الذي كان يلمع في أعيننا، ولا أجد سوى أيدي أطفال صغيرة تحتضن أجهزة الموبايل، الآيباد، لكن الحقيقية، يشاهدون اليوتيوب، يعرفون بعضهم على ألعاب تلك الأجهزة، ويرددون أغانٍ أكبر من عمرهم”.

 

وأردفت “شعبان”: “لكن من دون التعميم، أظن أن بعض العائلات حافظت على لذة العيد كما هو في الماضي بزيارة الجدين، والاستماع إلى القصص والحواديت، الحزازير، تجميع العيديات وعدها مئة مرة بعيداً عن الموبايل، أغاني التريند، والذي أصبح حتى قطار الأطفال يضعها، وهم يطيرون فرحاً في ترديدها رغم عدم فهم معانيها”.

 

وأضافت “شعبان” أنه: “حتى لمة صنع حلويات العيد، ولو أننا لم نكن نشارك إيجاباً، بل نأخذ قطعاً من عجينة المعمول، ونصنع بها أحرف وأشكال، وتصبح نثرات السميد والطحين في كل مكان، لم يعشها الطفل حالياً، بل يتذمر من ضجره ويطلب الموبايل ليجلس عاقلاً”.

 

وقالت “شعبان”: “تفضل شقيقتي الصغيرة ذات 12 عاماً أن تبقى في المنزل مع الموبايل عندما نتحدث أمامها عن ذهابنا للاجتماع بالعائلة وتبادل تهاني العيد، حتى لا تذهب وتشعر بالضجر حسب قولها، فالعيد بالنسبة لها ولصديقاتها يعني قضاء عطلة طويلة عن المدرسة”.

 

واعتبرت “شعبان” أنه: “مجرد النظر إلى الكافتيريات المليئة بالأطفال خلال العيد وهم يلعبون (الببجي) يلتقطون صور السيلفي ويتناقلون الأجهزة فيما بينهم، حنيها يُعرف كم اختلفت أجواء العيد”.

 

بدروها، تحدثت الشابة فرح سليمان (27 عاماً) والتي تعمل في إحدى وكالات السياحة والسفر، لتلفزيون الخبر عن رأيها باختلاف العيد في الوقت الحالي، قائلة: “بالنسبة لي أشعر بأسف كبير لمجرد المقارنة بين أجواء العيد التي عشناها، والعيد الذي أصبح اليوم بعيداً عن معناه الحقيقي”.

 

وقالت “سليمان” التي قضت طفولتها في أحد الأحياء السكنية في مدينة بانياس: “عشت أجواء العيد كاملة ماقبل العيد وبعده، من شراء جزدان العيد اللميع، وخصلات الشعر الملونة، وفراشات الشعر الذهبية والثياب”.

 

وأشارت “سليمان” إلى أن: “ريحة المعمول كانت تفوح من كل مطبخ في الحي الذي كنت أسكنه، فكنت أجلس في الوسط كي أساعد وأتعلم، وحتى طقوس تحضير حلوى العيد تغيّرت وربما لم يعشها الكثير من أبناء الجيل الجديد، فالبعض يرى أنه من الأسهل شراءها جاهزة، أو حتى عدم اللجوء للطريقتين حتى بسبب الظروف المادية”.

 

وتتذكر “سليمان” شعور اللهفة بالعيد وقالت: “كانت مليئة بالألفة بين العائلة، الجيران، الأقارب، أتذكر أنني كنت أنام وأنا أحتضن ثياب العيد، أنتظر بفارغ الصبر قدوم صباح اليوم الأول من العيد، وكانت عيديتي البالغة حينها 50 ليرة كافية لشراء كل ما يحلو لي، لكن الآن 50 ألف ليرة لا تكفي لشراء لعبة صغيرة للطفل”.

 

وتابعت “سليمان”: “كنا نستقيظ منذ الصباح الباكر مسرعين للحاق بتجمعات أطفال الحي، ننقسم ونذهب إلى الحديقة العامة في مدينة بانياس، نلعب بالمراجيح، ونذهب لأكل مايحلو لنا كونه يوم استنثائي بلا عقوبة في حال تأخرنا، أو ابتعدنا قليلاً”.

 

ولفتت “سليمان” إلى أن”العائلة اليوم تحتاج إلي حوالي مليوني ليرة لكسوة أولادها بثياب العيد وشراء الألعاب، ويرتدي معظم الأطفال ألبسة قديمة، وأصبح العيد فرصة لشراء الطفل طابة، ساعة، لعبة، وغدت أمنية الطفل تجميع العيدية لشراء ما يرغب”.

 

وأردفت “سليمان”: “لا زلت أحب شراء مسدسات الخرز حتى الآن، وكنت أصعد إلى سطوح العمارة لمشاهدة الألعاب النارية وضرب الفتيش، وبالرغم من أن الظروف المادية قلّصت من فرحة العيد، إلّا أن الهاتف المحمول له دور كبير وسلبي”.

 

وختمت”سليمان” بالعاميّة لتلفزيون الخبر”: “وين أيام المضارب، ألعاب البنات، رحلة ع العشب ونفرش بساط ع الأرض مع أكلات طيبة، بالرغم من أنني أرى أن هذا الجيل ذكي بتعامله وفهمه السريع للتكنولوجيا، لكن من المؤكد أنه أثر عليه اجتماعياً، سلوكياً وصحياً، وأنا ضده بالنسبة لأطفال أخوتي”.

 

فاطمة حسون – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى