العناوين الرئيسيةمن كل شارع

“التمرية”.. طقس رمضاني حمصيّ خاص بلسان أقدم بائعيه في سوق الحشيش

بقامة طويلة ووجه باسمٍ يردد عبارات الشكر والحمد، وساعدين قويين التفّت على أحدهما ساعة “رولكس” إلكترونية، يعرفها جيداً من بلغ الخمسين من عمره وما يزيد، يقف أبو فؤاد في ساحة الحشيش وسط حمص القديمة ليبيع التمريّة لأبناء المدينة المحبين لهذه الأكلة.

سبعون ربيعاً مروا عليه، قضى أربعين منهم في صناعة الحلويات، يتنقل أبو فؤاد في دكانه الصغير المطل على الساحة، يعجن تارة ويقلي تارة أخرى، ويبيع المارة بمساعدة ابنه المهتم بتعلم أسرار هذه المهنة .

sdr

الحرّ مزدوج هنا، فالشمس ومنذ ساعات الصباح الباكر تضرب وجهه من جهة الشرق، وحرّ مقلي الزيت الكبير أمامه يكمل المهمة في زيادة درجة الحرارة التي يواجهها بمناجاة الله بمنحه القوة والطاقة، كيف لا ونحن في أول أيام شهر رمضان المبارك ، يقول أبو فؤاد لتلفزيون الخبر.

sdr

وكمعظم سكان المدينة القديمة، يحمل الرجل السبعيني اسماً مركبّاً هو محمد أسامة عبد الباقي، لكن أبناء الحي والجيران والزوار عرفوه واعتادوا على أبو فؤاد، فهو “سيد مين عمل حلويات وتمرية”، يؤكد أحد زبائنه أثناء مروره في الطريق.

dav

فالحلويات العربية على اختلافها من اختصاصه، يقول أبو فؤاد لتلفزيون الخبر، لكن رمضان له صبغته وطقوسه الخاصة بما فيها “التحلاية”، ولذلك تحول التركيز حالياً إلى صنع التمرية خلال شهر رمضان لما لها من مكانة خاصة في قلب الحماصنة والفائدة الكبيرة الموجودة فيها.

 

هي عجينة الفطائر ذاتها تصلحُ للحلو والمالح، يشير أبو فؤاد إلى أن التمرية ليست من الأصناف المعقدة فهي عجينة محشوة إما بالقشطة أو التمر وقد تكون دونهما، وتؤكل “سادة” حسب رغبة الزبون.

 

يمسك العجينة بيديه ويحولها إلى أقراص صغيرة، يسمّنها ويسحبها على الطاولة أمامه، ويضعها في مقلي الزيت بعد حشوها، ويعيد إخراجها منه بعد أن تكتسب لوناً ذهبياً يدل على درجة الاستواء المطلوبة، مشيراً إلى أنها تؤكل باردة كأحد أطباق المائدة الحمصية.

 

أما الأسعار فارتفعت كما كل شيء في الأسواق، ومكونات التمرية متوفرة لكنها مرتفعة، من الطحين والتمر والقشطة والزيت والغاز، لكن سعر القطعة الواحدة لا يتجاوز 4 آلاف ليرة للمحشوة، و3 آلاف للسادة.

 

ويختصر أبو فؤاد خلال حديثه لتلفزيون الخبر إحدى أكثر الصعوبات التي يواجهها أصحاب المهن في منطقة حمص القديمة والتي لا يشكل غلاء الأسعار أولها، بل خلو الأحياء من سكانها خلال سنوات الحرب وعدم عودتهم إليها، وهو ما تسبب بضعف الحركة التجارية.

 

ويذكر البائع فوائد التمرية، الغنية بالمواد السكرية الكفيلة بأن تمنح الصائم طاقة كبيرة لتحمل ساعات الصوم خلال النهار، راجيا ً من الله أن يعين السوريين أينما كانوا، وأن تحمل الأيام القادمة الخير للبلاد والعباد.

 

ولا تنفرد حمص عن غيرها من المحافظات بساعتيها القديمة والجديدة وإطلاق النكات على سكانها أو حتى “أربعاؤها” الخاص، بل تميزت بأصناف الحلويات مثل الحلاوة والخبزية والبشمينا وبلاطة جهنم و السمسمية والمغطوطة، وغيرها من أسماء أطلقها ونشرها أبناء العدية.

 

عمار ابراهيم – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى