البرد قادم و”مافي كانونة” .. فطوم على أبواب الشتاء والسوريون “حيص بيص”
كانت سهرات الشتاء عامرة بالجمعات العائلية حول المدفأة و”إبريق الشاي” و”صحن الكستنا” مع انتظار نهاية النشرة الجوية على القناة الأولى لمتابعة المسلسل العربي في تمام التاسعة مساءاً.
ومع وصول “الستلايت” أو “الدش” للبيوت السورية أُضيف على ما ذكرناه من “حباشات السهرة” قنوات تلفزيونية متعددة، تتيح المجال “للسهيرة” للتنعم بحميمية الشتاء خلال متابعة فيلم أجنبي أو برنامج سياسي أو برامج المنوعات.
اليوم، وبعد 13 عاماً من الحرب، وما خلقته من ترد في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، أصبح الشتاء نقمة، وفقد الجو العائلي الخاص به، فلا كهرباء للتلفزيونات ولا الجمعات العائلية حافظت على أفرادها والمدفأة فقدت دفئها وأصبحت في أفضل الأحوال “منشر غسيل”.
ووسط أزمات المحروقات التي تحاصر السوريين منذ سنوات، من فقدان للمادة وغلاء في سعرها بحسب بورصة السوق السوداء، أصبح الدفء في فصل الشتاء من نصيب “الأندرين” ممن يستطيعون تعبئة المازوت أو من ضحك له الحظ ويملك “لحاف سميك عندو ياه من زمان”.
وأجرى فريق تلفزيون الخبر جولة على سوق “المناخلية” بدمشق المشهور ببيع “الصوبيات” لمعرفة أنواع المدافئ وأسعارها.
“صوبيا المازوت”
بلغ متوسط سعر المدافئ التي تعتمد على المازوت ذات الحجم الصغير بمختلف علاماتها التجارية حوالي 600 ألف ليرة سورية، فيما بلغ سعر المدافئ الوسط حوالي 900 ألف، وسعر المدافئ الكبيرة بين 900 ألف ومليون و200 ألف ليرة.
“صوبيا الحطب”
ازداد خلال السنوات الأخيرة الطلب على مدافئ الحطب، فمن جهة لا يتوه صاحبها بهم تأمين المازوت، ومن جهة أُخرى يمكن إشعالها على بقايا الملابس أو الأوراق وغيرها من “زوايد البيت”.
ووصل متوسط سعر مدفأة الحطب صغيرة الحجم لحوالي 200 ألف ليرة، والحجم الوسط حوالي نصف مليون ليرة، وبالنسبة للأحجام الكبيرة وصل السعر لحوالي مليون ليرة في الوقت الذي تراوح فيه سعر طن الحطب بين 3 و4 مليون ليرة سورية.
“التيربو”
سجلت مدفأة “تيربو” على بورصة الشتاء أسعاراً غير مسبوقة بحسب بائعي المدافئ في “المناخلية” حيث بلغ سعر المدفأة بين 2 و5 مليون ليرة ويختلف السعر باختلاف الحجم والميزات.
“اللوجستيات”
تجاوز سعر بوري المدفأة 30 ألف ليرة بحسب جودته، فيما يصل سعر الكوع لحوالي 20 ألف ليرة أيضاً، وفقاً للنوعية والجودة وبكرة اللاصق أكثر من 70 ألف ليرة.
المحروقات!
أعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية عن بدء التسجيل للحصول على مازوت التدفئة لموسم 2023/2024 بدفعة أولى مقدارها 50 لتراً لكل عائلة، مع منح الأولوية في التنفيذ للعائلات التي لم تحصل على مخصصاتها خلال الموسم الماضي.
وخلال الشهور الأخيرة أصدرت وزارة “حماية المستهلك” سلسلة قرارات طالت “رفع/تعديل” سعر المحروقات الامر الذي أثار غضباً كبيراً في صفوف السوريين.
وبلغ سعر ليتر المازوت المدعوم بحسب قرارات “حماية المستهلك” 2000 ليرة سورية، بينما في آخر قرارات “التعديل” وصل سعر ليتر المازوت الحر إلى 13290 ليرة بينما لا يقل سعر الليتر في السوق السوداء عن 16 ألف ليرة.
أين “الكانونة”؟
“مالي غيرك كانونة” هذه الجملة جزء من الأغنية الشعبية الشهيرة للفنان دريد لحام “فطوم فطومة”، ورغم استمرار السوريين في سماعها لسنوات لم يُخيل لهم أن يعودوا إلى زمن يحلمون به بـ “الكانونة” وهم في 2023.
ولمن لا يعرف “الكانونة” فهي أحد أنواع المواقد التقليدية القديمة، تكون عادةً في الأرض، وتُصنع من الحجر أو الطين، يُوقَد فيها الحطب أو الجمر وتُستعمل من أجل التدفئة والطهي.
ومع زيادة تدهور الوضع الاقتصادي بين السوريين، ووصول أسعار المدافئ والمحروقات المُشغلة لها إلى أسعار تتعدى ضعفي راتب موظف قطاع العام وضعف راتب موظف قطاع خاص (غير 5 نجوم)، بات انتظار الشتاء بالنسبة للسوريين يشبه انتظار الساعة 12 ليلاً لمعرفة القرار الحكومي القادم.
يذكر أن الحديث عن آثار الفصول الأربعة على السوريين بات أمراً مُستهلكاً لا جديد فيه حيث أن السوري وعلى مدار السنوات اعتاد حتى وجع الطبيعة، وبات كمن يقول “رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى.. فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ.. فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ.. تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النصال”.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر