شبه جزيرة سيناء.. تاريخ من الصراع العربي الصهيوني
احتلت “إسرائيل” سيناء مرتين، الأولى عام 1956، والثانية عام 1967، واستمرَّ الاحتلال، حتى إبرام معاهدة السلام المصرية “الإسرائيلية”، في أواخر السبعينات، والتي تبعها انسحاب للقوات الصهيونية.
سيناء، أو “أرض الفيروز”، شبه جزيرة صحراوية، في الجزء الشمال الشرقي، من جمهورية مصر العربية، وهي الجزء الوحيد من مصر الذي يتبع قارة آسيا.
يحدها شمالاً البحر الأبيض المتوسط، وغرباً خليج السويس، وقناة السويس، وشرقاً فلسطين (قطاع غزة) وخليج العقبة، وجنوباً البحر الأحمر، وتُعتبر حلقة الوصل بين قارتيّ أفريقيا وآسيا.
تفصل قناة السويس شبه جزيرة سيناء عن مصر، وترتبط سيناء مع قطاع غزة عن طريق معبر رفح، ومع المناطق المحتلة، من قبل الكيان الصهيوني، عن طريق معبر “نيتسانا”، ومعبر “طابا”، ومعبر “كرم أبو سالم”.
وفي 29 تشرين الأول 1956، هبطت قوات “إسرائيلية”، في عمق سيناء، واتجهت إلى قناة السويس، لتصدر كل من بريطانيا، وفرنسا، إنذاراً يطالب بوقف القتال، ويطلب من الطرفين الانسحاب عشرة كيلومترات عن قناة السويس.
احتلّت قوات بريطانية فرنسية، مدن القناة، بحجة حماية الملاحة في القناة، أعلنت مصر رفضها احتلال إقليم القناة، لتبدأ غارات الدولتين على القاهرة ومنطقة القناة، والإسكندرية.
ونظراً لتشتت القوات المصرية، بين جبهة سيناء، وجبهة القناة، أصدر عبد الناصر أوامره بسحب القوات المصرية من سيناء إلى غرب القناة.
قاومت المقاومة الشعبية ببورسعيد الاحتلال، وفي 2 تشرين الثاني اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بوقف القتال، وفي 3 نشرين الثاني وجه الاتحاد السوفيتي إنذاراً إلى بريطانيا وفرنسا و”إسرائيل”.
أدى هذا الضغط الدولي إلى قبول الدولتين وقف إطلاق النار، وفي 23 كانون الأول، استردت السلطات المصرية، قناة السويس، وفي 16 أذار 1957، أتمت القوات “الإسرائيلية”، انسحابها من سيناء.
وكجزء من شروط الانسحاب “الإسرائيلي”، تم تجريد سيناء من السلاح، وإنشاء قوة حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة، هناك لمراقبة الحدود بين العدو، ومصر.
في حرب الستة أيام، في حزيران 1967، الحرب الثالثة، في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، وأدت نكسة حزيران، إلى احتلال العدو الصهيوني، لسيناء، وقطاع غزة، والضفة الغربية، والجولان.
في 6 تشرين الأول 1973، نفذت القوات المسلحة المصرية، والقوات المسلحة العربية السورية، هجوماً على القوات “الإسرائيلية”، في كل من شبه جزيرة سيناء والجولان.
أعيد فتح القناة في عام 1975، وفي عام 1979، وقعت مصر و”إسرائيل”، معاهدة سلام، “كامب ديفيد”، وافقت فيها “إسرائيل”، على الانسحاب من شبه جزيرة سيناء بأكملها.
انسحبت “إسرائيل”، من شبه جزيرة سيناء، تماماً في 25 نيسان 1982، مع الاحتفاظ بشريط “طابا” الحدودي، واسترجعت الحكومة المصرية، هذا الشريط فيما بعد، بناء على التحكيم الذي تم في محكمة العدل الدولية.
بعد الاتفاق المصري “الإسرائيلي”، سنة 1979 والانسحاب “الإسرائيلي” من سيناء سنة 1982، تمَّ تشييد معبر رفح، جنوب قطاع غزة، وهو شريط ضيق من الأرض، يسكنه 2.3 مليون نسمة.
معبر رفح هو معبر حدودي، يقع بين قطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء، ظلَّ تحت إدارة هيئة المطارات “الإسرائيلية”، حتى عام 2005.
بعد انسحاب “إسرائيل”، من قطاع غزة، بقي مراقبون أوروبيون، لمراقبة المعبر، وفي حزيران 2007، أغلق المعبر تماماً بعد بسط حركة “حماس”، سلطتها على قطاع غزة.
تم حل قضية معبر رفح ومصر، وذلك بعد أحداث كانون الثاني 2011، حيث قررت مصر فتح المعبر في كافة أيام الأسبوع، مما أثار قلق “إسرائيل”، التي اقترحت نقل المعبر إلى مثلث حدودي في “كرم أبو سالم”.
بعد “طوفان الأقصى”، في السابع من تشرين الأول، فرضت “تل أبيب”، حصاراً شاملاً على غزة، وقطعت الكهرباء عن القطاع، ومنعت دخول جميع إمدادات الغذاء والوقود إليه.
وهكذا أصبح الطريق الوحيد، لإدخال المساعدات الإنسانية، إلى غزة، هو معبر رفح، كما أن المعبر، نقطة الخروج الوحيدة لسكان القطاع، في ظل العنف المتصاعد ومحاولات العدو التهجير الجماعي لأبناء القطاع.
أدت تضاريس سيناء القاسية، ونقص الموارد بها، إلى إبقائها منطقة فقيرة، كما فرضت البنود الأمنية، في معاهدة السلام 1979، تقليص التواجد الأمني فيها، وهكذا أصبحت بيئة مُهيَّأة للتشدد.
اسُتهلَّت الحوادث الإرهابية في سيناء، عام 2004، بسلسلة من التفجيرات المتزامنة، عقب التفجيرات، أعلنت جماعة تطلق على نفسها كتائب “شهداء عبد الله عزام”، مسؤوليتها عن الهجوم.
وقعت سلسة التفجيرات الثانية عام 2005، وأسفرت عن وقوع ما يقرب من مئة قتيل، وحوالي مئتي مصاب، في أكبر حصيلة من الضحايا، تشهدها مصر جراء حوادث الإرهاب.
وبذات السيناريو، شهد جنوب سيناء، عام 2006، سلسلة من التفجيرات المتزامنة، أسفرت عن مصرع وإصابة العشرات، من السياح الأجانب والمصريين، ليتأكد وجود تنظيم تكفيري على أرض سيناء، يرتبط بتنظيم القاعدة فكرياً.
استغلت العناصر المتطرفة في سيناء، الفرصة بعد “ثورة” “25 يناير”، التي أطاحت بالرئيس “حسني مبارك”، وأطلقت عدة موجات من الهجمات على المنشآت العسكرية والتجارية المصرية.
في2014، أعلنت جماعات تكفيرية “الإمارة الإسلامية”، في سيناء، ووزّعت منشوراً على أهالي مدينتي رفح، والشيخ زويد، ورفعت أعلام “داعش”، ودفعت هذه التحركات، لإعلان حالة الطوارئ جنوبي رفح، والشيخ زويد.
وأعلنت الجماعة بوضوح، أنها تحارب الجيش المصري، وتبنّت العديد من التفجيرات، وأعلنت مسؤوليتها عن تفجير مديرية أمن “الدقهلية”، التي أودى بحياة 15 شخص، وإصابة أكثر من 100 آخرين.
بعد تلك الهجمات، التي أودت بحياة الكثيرين، من القوات المسلحة، والشرطة، والمدنيين، لجأت السلطات المصرية إلى إقامة شريط عازل على الحدود المصرية، مع قطاع غزة.
بعد طوفان الأقصى، تحدث جيش العدو، عن أمر سكان مدينة غزة، بإخلائها، والنزوح جنوباً، في قرار أكدت الأمم المتحدة أنه يطال 1,1 مليون شخص.
يُذكر أن خرائط “غوغل” العالمية قامت بحذف اسم شبه جزيرة سيناء، وربط البعض هذه الخطوة، بمخطط تهجير الشعب الفلسطيني، من غزة، إلى سيناء.
تلفزيون الخبر