العناوين الرئيسيةفلسطين

30 عاماً على “اتفاق الذل” في أوسلو.. والفلسطيني آبى التسليم

وقع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء الكيان “إسحق رابين” اتفاق تشكيل “سلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي” والمعروف بـ “اتفاق أوسلو” في 13 أيلول 1993 في حديقة “البيت الأبيض” بالعاصمة الأميركية واشنطن.

البداية من مدريد

في نهاية تشرين الأول 1991 وبعد نهاية حرب “الخليج2” ووسط اشتداد “انتفاضة الحجارة” في الأرض المحتلة عُقد مؤتمر دولي للسلام في مدريد عُرف بـ”مؤتمر مدريد للسلام” والذي رعته بشكل مباشر الولايات المتحدة وروسيا.

وشارك وفد منظمة التحرير الفلسطينية في المؤتمر ضمن وفد مشترك مع الأردن ليجتمع بذلك للمرة الأولى الفلسطينيين والصهاينة على طاولة واحدة حيث جرت سلسلة طويلة من المفاوضات السرية الثنائية والمتعددة الأطراف في دول عديدة بدون تحقيق تقدم فعلي إلى أن فتحت محادثات سرية مطلع 1993 في أوسلو بعيدا عن صيغة مدريد.

وألغى الكيان في كانون الثاني 1993 قانوناً أصدره في 1986 يمنع أفراد الحكومة من إجراء أي اتصال مع منظمة التحرير الفلسطينية ثم استضافت النروج خلال 8 أشهر 14 اجتماعاً سرياً بين الطرفين.

وكشف الاحتلال في نهاية أب 1993 عن اتفاق يتعلق بالخطوط العريضة لحكم ذاتي فلسطيني انتقالي يبدأ بقطاع غزة وجزء من الضفة الغربية حول أريحا كما اعترف الكيان في 10 أيلول من العام ذاته بمنظمة التحرير الفلسطينية على أنها “الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني”.

التوقيع

في 13 أيلول تم توقيع “إعلان مبادئ حول ترتيبات انتقالية لحكم ذاتي فلسطيني” لمدة 5 سنوات وقعه عن الاحتلال “شمعون بيريز” وعن منظمة التحرير محمود عباس.

وكتب في مقدمة الإعلان “إن حكومة دولة “إسرائيل” وفريق منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني يتفقان على أن الوقت قد حان لإنهاء عقود من المواجهة والنزاع والاعتراف بحقوقهما المشروعة والسياسية المتبادلة والسعي للعيش في ظل تعايش سلمي وبكرامة وأمن متبادلين ولتحقيق تسوية سلمية عادلة ودائمة وشاملة”.

والتقى بعد ذلك في حديقة البيت الأبيض وبحضور الرئيس الأميركي بيل كلينتون كل من الرئيس الفلسطيني أنداك ياسر عرفات ورئيس وزراء الكيان “إسحق رابين” لتوقيع الاتفاقية رسمياً وقاما بمصافحة سجلتها أعين الكاميرات وبحضور 3 ألاف مدعو.

وعاد “عرفات” في أيار 1994 إلى فلسطين للمرة الأولى منذ خروجه منها ليقيم “دولة فلسطينية” في الحيز الذي سمح به الكيان وفي أيلول 1995 وقع اتفاق انتقالي جديد “أوسلو 2” في واشنطن حول توسيع الحكم الذاتي إلى الضفة الغربية.

ما بعد التوقيع

نصت المعاهدة على تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية ذاتية ومجلس منتخب للفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة وذلك لمرحلة انتقالية لا تتجاوز 5 سنوات يتمكن خلالها الجانبان من عقد تسوية وفق قرار مجلس الأمن الذي ينص على الانسحاب الصهيوني من الأراضي المحتلة منذ عام 1967.

وترك الطرفان البت في ملف القدس المتنازع عليها إلى جانب بقية قضايا الحدود وعودة اللاجئين والاستيطان إلى مفاوضات الحل النهائي مع بعض الوعود بتقديم دعم اقتصادي للقطاع والضفة عبر لجان صهيونية فلسطينية مشتركة لم يبصر أي منها النور.

تبعيات الاتفاق

رسخت الاتفاقية انقساماً فلسطينياً على مستوى الفصائل حيث تؤكد حركات المقاومة في فلسطين المحتلة أن لا خيار مع العدو سوى مقاومته حتى تعود الحقوق لأهلها حيث تمثل هذه الاتفاقيات اعترافاً مجانياً بالكيان دون مقابل ف”أوسلو” لم يحتوِ على مشروع إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة إنما الحديث كان عن حكم ذاتي مقابل اعتراف وتنسيق وتبعية للاحتلال أمنياً وسياسياً واقتصادياً بشكل كامل.

واستفرد الاحتلال بكل من الضفة وغزة من جهة عزز وجوده الديموغرافي في الضفة بزيادة عدد المستوطنين من حوالي 250 ألفاً إلى ما يزيد على 650 ألف مستوطن ومن جهة ثانية فصل غزة عن الضفة وفرض عليها حصاراً مشدداً وحروباً متعددة لكسر مقاومتها.

ومع مرور الوقت نقض الكيان كل تعهداته في “أوسلو” حيث تتزايد مشاريع الاستيطان لتصل للسيطرة الصهيونية على أكثر من 85% من الأراضي الفلسطينية عدا عن مصادرة الأراضي وتدمير المنازل واعتقال المدنيين وقتلهم بأبشع الطرق.

الردود على الاتفاق

رفض الشارع الفلسطيني الاتفاق بكل بنوده وظهر ذلك جلياً في إعلان إنتفاضة الأقصى 2000 التي أنهت مسار تفاوض “أوسلو” واستمر النضال حتى تاريخنا الحالي على امتداد الخريطة الفلسطينية المحتلة وتزايدت عمليات المقاومة سواء ضمن القطاع أو في القدس والعمق الفلسطيني المحتل.

ووقفت سوريا إلى جانب الشعب الفلسطيني في رفضه لمقررات “أوسلو” منذ البداية وقدمت كل الدعم لحركات المقاومة الفلسطينية معتبرة أن “السلطة” تخلت عن فلسطين وشعبها لأجل حكم ذاتي وهمي لا يفيد سوى بشرعنة الاحتلال.

الواقع اليوم

بعد 30 عاماً من توقيع الاتفاقية لم يرتضي الفلسطيني على نفسه الخضوع لخطط الاحتلال فمنذ مطلع 2023 تصاعدت وتيرة العمل المقاوم في عموم الأرض المحتلة وشملت بشكل أساسي الضفة الغربية التي تحولت لقبلة المقاومين ونقطة ضعف للاحتلال بعد سنوات من الأمان الذي كان يظنه مع الضفة.

وحاول الاحتلال عبر العمليات العسكرية أو الاغتيالات أو آلة الترهيب والإجرام ثني الفلسطينيين عن صمودهم ومقاومتهم لكنهم لم يخضعو لا في غزة ولا القدس ولا جنين ولا أي مكان في الأرض المحتلة ثابتين على مواقفهم بمعزل عن اتفاقيات السلطة والكيان.

يذكر أن الشعب الفلسطيني بقي محافظاً على عهده مع المقاومة والنضال غير مهتماً بكل الخذلان والتآمر وموجات التطبيع من (أوسلو حتى الاتفاقيات الإبراهيمية) متمثلاً مقولة الشهيد الفلسطيني باسل الأعرج “أنا مع الإقصاء من يتنازل عن 78% من فلسطين يجب إقصاؤه من يرتبط بعلاقات مع العدو (المعسكر الاستعماري ككل) يجب إقصاؤه من يحترف فلسفة اعتذارية عن نضالات شعبنا ويحقرها يجب إقصاؤه وهل يستقيم الوضع بدون إقصاء هذه الفئة المارقة”.

جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى