نوستالجيا الطفولة.. ماذا يعرف جيل “بوبجي” عن “الطبّة والدحل وخمس بحصات”
“هات الروسيّة وخود أم 16 وأرمي القنابل”، تعلو أصوات مجموعة من الفتيان ممن لم يتجاوزا 12 عاماً من أعمارهم، بينما يتخذون من درج المدرسة مركز التجمع اليومي بقصد لعب “بوبجي”.
يجلسون مع بعضهم مكانياً، ويتصلون فيما بينهم عبر اللعبة الأشهر خلال الأعوام القليلة الماضية، يطلقون العنان لأصوات الرصاص الإفتراضي المصحوب ببعض الألفاظ الخادشة للحياء، المعبرة عن مرارة الموت على يد عدوهم مجهول الهوية المقيم في “تايوان”.
“هادا جيل وجيلنا جيل”، يطلق رامي جمعة (37 عاما ً) تساؤلاً موجهاً لنفسه في حنين واضح لطفولة تختلف جذرياً عما هو دارج الآن، بينما كان يصحب ابنته الوحيدة للعب في مدينة الملاهي بحي الأرمن في مدينة حمص.
وأضاف المعالج النفسي لتلفزيون الخبر: “إدمان الأطفال على هذه الألعاب يسبب آثارا ً سلبية كبيرة، كونها تنمي العنف في شخصيتهم، مع طموح وهوس بامتلاك الاسلحة المماثلة لتلك الموجودة في اللعبة”.
ولفت “جمعة” إلى أنه: “من الضروري أن يلعب الأهل دوراً أساسيا ً بمنع هذه الالعاب عن أطفالهم بكل الطرق، وتوجيه قدراتهم نحو النشاطات الهادفة كالرسم مثلاً، وترك المجال بالألعاب غير المؤذية جسدياً ونفسياً وسلوكياً”.
بدورها، تحدثت ميرنا عجيب وهي أم لثلاثة أطفال عن طفولتها التي كانت كما طفولة كثيرين من أبناء جيلها مليئة بالألعاب التقليدية الشيقة والممتعة.
تقول ميرنا لتلفزيون الخبر: “لعبنا سبع حجرات -لعبة العروس-سلوى يا سلوى-عالي واطي- 5 بحصات- عيش_ دقة حديد _طاق طاق طاقية، والكثير من الألعاب الأخرى، حيث كنا نجتمع يومياً في وقت معين ونقرع باب منزل أحدهم إن تأخر علينا ليخرج، وتبدأ بعدها المباريات والسباقات”.
“أيامنا كانت أحلى” تكمل ميرنا، لأنها كانت تعزز فينا قيماً مجتمعية باتت مفقودة اليوم بسبب الألعاب الإلكترونية وهوس الاطفال بها ، وعندما أرى الأطفال اليوم أقارن طفولتهم مع طفولة زمننا الجميل”.
وتابعت ميرنا لتلفزيون الخبر: “لا أصف زمننا بالجميل لأنه احتوى طفولتنا وحسب، بل لأنه تميز بكل مافيه من البساطة والطيبة والعفوية والضحكات الصادقة غير المصطنعة والحب والتآخي، عكس ما تسببه الألعاب الإلكترونية من عزلة والأمراض النفسية التي تؤدي إلى الموت أحياناً”.
من جهته، يبدي بشار الصارم (36 عاماً) عدم تقبله لألعاب الموبايل والحاسوب، قائلا ً: “منذ ظهور الالعاب الالكترونية بدأت ألعاب الزمن القديم تختفي وبشكل خاص ألعاب “كونتر سترايك” للكمبيوتر و”كندي كراش وببجي” للجوالات”.
“طبعاً الاختلاف كبير” يكمل بشار، لأن الألعاب التي عشناها في طفولتنا تميزت بروح الجماعة ونشوة الفوز، بينما يلعب الأطفال حالياً مع شخص مجهول وضد الآلة أحيانا ً، وكانت (7 طوابق) إحدى أكثر الألعاب المفضلة لدي”.
وتحدث جلال نادر (طالب دراسات) لتلفزيون الخبر عن الفرق ما بين ألعاب الماضي والحاضر، وقال: “لم يكن الجانب التقني موجودا ً في ألعاب الجيل السابق كما هو في الوقت الراهن، بالإضافة إلى الهوس الكبير المسيطر على الأطفال”.
وتابع جلال: “اعتدنا اللعب في باحات المدرسة بالألعاب التقليدية البسيطة كالدحل وبدريس عالي واطي وغيرها، أي التي تعتمد علينا كأشخاص حقيقيين دون تدخل التكنولوجيا”.ّ
ويكمل جلال لتلفزيون الخبر: “بدأت الألعاب تأخذ مكان الأشخاص في اللعب حتى وإن كانت اختصرت المسافات إلا أنها جعلت الطغل أسيراً خلف الشاشة، ناهيك عن كون معظمها يتضمن هدف القتل والعنف وهو ما يضر بفئة عمرية صغيرة تلعبها”.
“حتى ألعاب جيلنا الإلكترونية لم تكن بالسوء مقارنة مع الوضع الراهن”، يردف جلال، فعند ظهور أولى الألعاب على الكمبيوتر مثل “جنرال وريد أليرت” فقد كانت تصنف بالاستراتيجية وتتطلب وضع الخطط، وما اقصده أنها لم تكن نافعة لكنها لم تكن ضارة كما الألعاب الحالية”.
وأشار جلال لتلفزيون الخبر إلى أن: “الأطفال باتوا أسرى الالعاب على الموبايل وبشكل لافت مع “ببجي” لدرجة أنك قد تضرب الطفل دون أن يشعر أو يلتفت كون تركيزه يكون منصباً على اللعبة، وهذا ما يتطلب الإنتباه من قبل الأهالي”.
وختم جلال بالتنويه إلى الرابط المعنوي والعاطفي الذي جمع الطفل مع لعبته فيما مضى، كسيارة “سابق ولاحق واليويو والبلبل” وغيرها، لدرجة أنني ما زلت أحتفظ بالسيارة منذ كان عمري عشرة أعوام”.
يشار إلى أن ظاهرة انتشار الألعاب الإلكترونية هذه، يترافق مع ظاهرة شراء مسدسات الخرز والألعاب النارية المؤذية، وقيام الأطفال برميها عشوائياً في الطرقات لاسيما فترة العيد.
ويتطلب ذلك متابعة أكبر من الجهات المعنية التي تستمر بإصدار التحذيرات دون أي استجابة تذكر من الأهالي بالدرجة الأولى.
عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر