بسبب ارتفاع سعره.. أهالي القرى يعودون لتراث أجدادهم في صناعة البرغل
يستعيد أهالي بعض القرى في الأرياف السورية في ظل ظروفهم الحالية ذكرياتهم القديمة عن عادات أجدادهم و تراثهم في تحضير و تخزين مختلف المواد الغذائية، فكان شهر تموز موعد صنع البرغل وتخزين حبوب القمح بعد انتهاء حصاده.
وتحدثت وفاء (37عاماً) وهي أم لأربعة أطفال والمقيمة في إحدى قرى سهل الغاب بحماة لتلفزيون الخبر، “أنها بعدما اعتادت شراء البرغل لسنوات طويلة اضطرت منذ سنتين بسبب ارتفاع سعره للتوجه نحو صنعه في المنزل وتخزينه، للتغلب على زيادة الأسعار التي تحدث من يوم لأخر”.
وتابعت وفاء “أصبحنا نخصص مبلغاً من المال لشراء حبوب القمح وسلقها في المنزل، ليتم جرشها لاحقاً فكيلو البرغل لا يكلف بهذه الطريقة أكثر من 4500 ليرة مقارنة بسعره الذي وصل حتى 7000 ليرة في الأسواق، حيث استفدت من خبرة والدتي التي ما زالت تحافظ على هذا التقليد منذ عشرات السنين”.
“كانت أيام خير ووفرة” بهذه الكلمات علقت أم عبد الرحمن (75عاماً) والدة وفاء على حديث ابنتها، مضيفةً “كنا نزرع القمح ونحصده بأيدينا، ثم تجتمع النسوة لغربلته وتنقيته، أما اليوم تتوفر الحصادات والدراسات وآلات مخصصة للغربلة”.
وأضافت أم عبد الرحمن: “بعد غربلة الحنطة تختار كل أسرة مكان في محيط المنزل لتجهيز موقدة نار من أجل سلق الحنطة في طنجرة كبيرة جداً كانت تسمى “القصعة”، وكانت الأسر الصغيرة التي لا تحتاج كميات كبيرة تشترك مع بعضها لتسهيل العمل”.
وأردفت أم عبد الرحمن: “كان سلق الحنطة بمثابة مناسبة لاجتماع العائلة والجيران من أجل المساعدة وتناول السليقة (وهي عبارة عن حنطة مسلوقة مع الزبدة و السكر)”.
وتابعت: “بعد انتهاء السلق يتم فرد الحنطة على سطوح المنازل لتجفيفها تحت أشعة الشمس لعدة أيام، وفي بعض الأحيان نضطر لإعادة تنقيتها، ثم أخذها للجاروشة للحصول على البرغل الناعم والخشن”.
وتذكرت أم عبد الرحمن خلال حديثها، كيف كان أهلها يقومون بتخزين البرغل والحنطة وغيرها من الحبوب في مخزن مصنوع من الخشب والتنك المطلي، يسمى “العنبر”.
وقالت أم عبد الرحمن: “مازلت احتفظ بالعنبر الذي كان عند أهلي حتى الأن، لكن دون استخدامه فالكميات المخزنة من البرغل والحنطة أصبحت أقل بكثير ويتم وضعها في خزن المطبخ”.
يشار إلى أن الظروف الاقتصادية القاسية وغياب الكهرباء أجبر الكثير من السوريين للعودة إلى الطرق القديمة في حفظ وتخزين المأكولات، فضلاً عن كون فصل الصيف في سوريا كان معروفاً أنه موعد تجهيز مونة الشتاء، حيث تراجع هذا التقليد بسبب غلاء الأسعار الكبير.
مرح ديب – تلفزيون الخبر – حماة