المهرجانات VS لقمة العيش.. عن الحكومة “الفرفوشة” ونحن “النكديين”
“أي أهم شي المهرجانات يا عمي” يتهكم أبو علي، أحد سكان مدينة حمص، على لوحة إعلانية وقعت تحت مرمى ناظريه، وتشير إلى موعد افتتاح مهرجانات القلعة والوادي.
“جيبو الكهربا، أمنولنا الأكل”، يطلق الرجل الستيني عدة مطالب تشغل باله وبال فئةٍ عظمى من السوريين ممن تم تصنيفهم عالمياً بحسب مؤشرات إقتصادية بحتة أنهم يعيشون تحت خط الفقر.
بدورها، تستغرب رجاء (متقاعدة) تركيز واهتمام بعض الجهات الحكومية على تنظيم المهرجانات، من قلعة دمشق ومهرجانات القلعة والوادي وغيرها، مضيفة: “أليست لقمتنا أهم، ألا يرون أين وصلت الامور؟، أم أنهم يغردون خارج السرب والكوكب”.
“أنو هيك يعني حاربنا الحصار وقضينا عليه؟”، تتساءل المرأة الخمسينية بتعبير ساخر عن هدف إقامة المهرجانات في الوقت الذي تكافح وتركض هي وآلاف العائلات لتأمين قوت يومها و”هالله هالله نلحق”،حسب تعبيرها
إنارة الفعالية وتعتيم للمحافظة!
يطرح الكثير من المواطنين في حمص تساؤلات واتهامات ليست بالجديدة، يتم دحضها باستمرار من قبل المعنيين في قطاع الكهرباء، وتدور حول دعم فعاليات المهرجان بالكميات الكافية من الكهرباء مقابل ربع ساعة وصل كل 6 ساعات في المحافظة.
تساؤلات حاول تلفزيون الخبر توصيلها إلى شركة كهرباء حمص، وطرحها على مديرها العام المهندس محمود الحديد، إلا أننا وكما في 95% من الأحيان لم نحصل على رد رغم معرفة “الحديد” بهوية المتصل ووصول رسائل “واتس أب” الى حسابه دون أي رد منه.
ويشكل مدير كهرباء حمص نموذجاً للمسؤول الذي لا يطبق التوجيهات، والتوصيات من أعلى المستويات، بالتعاون مع الإعلام، في سبيل خدمة المواطن، حيث تتراكم شكاوى سكان المدينة والمحافظة، بانتظار أن يتكرم بالرد.
والجدير بالذكر أن الواقع الكهربائي الراهن في المحافظة لا يتحمل أصلا ً تراجع (ساعات) التغذية مع وضع كلمة ساعات بين قوسين، فالأصح هو ساعتي الكهرباء خلال اليوم بأكمله.
وفي هذا الخصوص، تبقى الإشارة إلى الأجوبة السابقة من المعنيين في الشركة، أنه “لا صحة لما يشاع عن تراجع مدة التغذية الكهربائية بسبب مهرجان القلعة والوادي بريف المحافظة الغربي، بل ان عدم استقرار الشبكة الكهربائية هو السبب”.
“أنتو نكديين”
في الوقت الذي تكتب فيه الاف التعليقات على وسائل التواصل الإجتماعي مستنكرة توجه اهتمام الحكومة لإقامة المهرجانات في حمص وغيرها، فإنها تواجه بتعليقات مضادة على “البوستات نفسها” وترى في إقامة المهرجانات رسائل وأهداف هامة.
ويرى البعض أن إقامة مهرجان القلعة والوادي على سبيل المثال لا الحصر، يأتي تكريساً لجو الإستقرار الذي تعيشه محافظة حمص، ويلعب دوراً كبيراً في تحريك عجلة الإقتصاد في المنطقة لاسيما عبر السياحة الداخلية، مع تقديم أنشطة فنية وثقافية ورياضية وزراعية وسياحية في معظم تلك القرى.
ويهاجم هؤلاء كل من ينتقد مظاهر “الفرح والسرور والبسط” هذه، ويطلقون عليهم لقب “النكديين” ممن لا يعرفون كيفية الشعور بالفرح أو ترك غيرهم يفرح، كما أن “الدبكة والرقصة” توجه رسائل للخارج بالصمود وقهر الأعداء، حسب تعبيرهم.
أسئلة متوقعة إجاباتها
اندلعت نيران ارتفاع الأسعار في جيوب المواطنين “النكديين” كالحرائق التي طالت مناطق واسعة من المحافظات السورية خلال الاسبوع الماضي، مع وصول “الشواسمو” إلى مستويات قياسية مستمرة الارتفاع بطبيعة الحال.
ونطرح هنا بعض الأسئلة التي تم رصدها عبر مواقع التواصل الإجتماعي لمواطنين ضاقت بهم سبل تأمين لقمة العيش، “ألم يكن أجدر بالمعنيين تأمين ساعة كهرباء إضافية تمكننا من ملء خزانات المياه؟”.
“ألم يكن من الأجدر إنارة طرقات أصابها العمى في المدينة والريف، أو تعبيد طرق محفرة منذ عقود، أو تأمين المواد المقننة التي طالت مدرة دورتها أو أو أو، أم إن “البروظة أمام الشاشات أهم”، -بحسب التعليقات حرفياً-.
300ألف ثمن تذكرة..”بحق فروج”
لا بد هنا من استعارة تصريح للمدير الفني لمهرجان ليالي قلعة دمشق في رده على موجة الاستغراب حول ثمن أسعار البطاقات التي وصلت لـ 300 ألف ليرة، وذلك لمعرفة اختلاف طريقة التفكير بين فئات يستهويها الطرب وأخرى تحلم “بفروج” يعادل ثمن البطاقة.
وكان اعتبر المدير الفني للشركة المنظمة المايسترو فراس هزيم في تصريح عبر إذاعة “ميلودي” أن “أسعار التذاكر تعادل سعر فروج”، رداً منه على ما أثير من جدل.
وقال “هزيم”: “أصحاب الدخل المحدود الذين لا يمتلكون مورد آخر لا يستطيعون حضور المهرجان، علماً أن أسعار التذاكر تتماشى مع أجور الفنانين”.
تصريح لا يعد مستغربا قياساً بما تردد على مسامع السوريين من وعود حكومية شبه يومية بتحويل الواقع الأليم إلى جنة حقيقة، بدءاً بتحسن الكهرباء، وليس انتهاءاً بضبط فلتان الأسعار في الاسواق.
عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر