هل سقطت البي بي سي في سوريا؟
ألغت وزارة الإعلام اعتماد هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي على أراضيها، وذلك رداً على التقارير المضللة، التي نشرتها بي بي سي وربطها جهات مسؤولة في الدولة بتجارة الحبوب المخدرة.
ووصفت وزارة الإعلام بي بي سي بالفشل، مؤكدة عدم التزامها بالمعايير المهنية وبثها تقارير مضللة ومنحازة.
وتزعم بي بي سي أنها مؤسسة مهنية وحيادية، على الرغم من كونها تتبنى توجهات سياسية، تؤثر بشكل مباشر على سمعة المؤسسة “العريقة”.
وشاركت بي بي سي في الحرب على سوريا، منذ آذار 2011 ، تاريخ بدء الأحداث فيها، حيث تأخرت قليلاً عن بدء الحملة الإعلامية ضد ما اتفق على تسميته بـ”النظام السوري”.
وكانت بي بي سي آخر وسائل الإعلام التي انضوت في الحملة الإعلامية على سوريا، حيث حاولت العمل بمهنية وحياد في بداية الأحداث، إلا أنها وجدت نفسها خارج دائرة اهتمام المشاهد العربي، والسوري بشكل خاص، بسب حالة “الاستقطاب” التي كانت تعيشها المنطقة، وانقسام الجمهور.
أصل الحكاية
انضمت بي بي سي آخر شهر أب الماضي للحملة الأمريكية المكثفة على سوريا، والتي اتخذت من فكرة شيطنة الدولة السورية، هدفاً، عبر تحميلها مسؤولية “تجارة الكبتاغون” والمخدرات في المنطقة.
ونشرت بي بي سي، “تحقيقاً صحافياً” تحت عنوان (من داخل “دولة المخدرات” السورية) اعتمد على الاستسهال، والاتهامات المرسلة، غير القائمة على أدلة مثبتة.
ويمكن لأي شخص مطلع على المعايير المهنية وقواعد العمل الصحفي، أن يكتشف بسهولة، أن التقرير مسيس، وضعيف مهنياً، ومنحاز ضد الدولة السورية.
وجاء التقرير بعد فترة قصيرة، من قرار إعادة دمشق لمقعدها في جامعة الدول العربية.
وكان أقر الكونغرس الأميركي، أواخر العام المنصرم، مشروع قانون لمكافحة ما أسماه “تجارة النظام السوري بالمخدرات”، في إطار تضييق الحصار على سوريا وخنقها، بعد إصدار قانون قيصر.
وتعتبر أمريكا أكثر من 15 مليون مواطن سوري موجود في الداخل، هدفاً لحربها الاقتصادية، محملة إياهم ذنب فشل سياساتها الرامية إلى إسقاط “نظام الأسد” .
ماذا جاء في تحقيق البي بي سي الأخير؟
لم يحمل التحقيق الذي أجرته مؤسسة “عريقة” بحجم بي بي سي، بالشراكة مع شبكة الصحافة الاستقصائية OCCRP، أي وثائق، واعتمد على معلومات مرسلة، حملها على لسان حاملي الفكرة مثل “أحد الجنود” أو “صحفي محلي” .
ولا يخفى الاستسهال الواضح الذي اتبعته بي بي سي في تقديم التقرير المسيس، في توجيه الاتهامات، لجهات تعتبرها المؤسسة خصماً سياسياً، ولو أنكرت ذلك، وادعت الحيادية.
وتم الزج باسم “حزب الله” اللبناني، الذي تعتبره أمريكا مصدر الخطر الرئيسي لمصالحها في الشرق الأوسط، من خلال ربط المدعو “حسين رياض الفطروني” بالحزب، وفق ما “أخبرنا صحفيون محليون أنه مرتبط بحزب الله” والكلام للمؤسسة “المهنية”.
وبنفس الطريقة، البسيطة، والمسيسة، تم الزج بأسماء من قبيل ” أفراد من عائلة الاسد” و”الفرقة الرابعة” و”غسان بلال”، بالاعتماد على استنتاجات لا ترقى لأن تكون معلومة قابلة للاستخدام في تحقيق تجريه مؤسسة مبتدئة، وليس بي بي سي .
ويمكن لأي متابع للتحقيق، أن يلمس بشكل كبير، حجم التسييس الذي احتواه، من خلال إدراج سياقات بعيدة عن المهنية، وتحوي توجيهاً “فجاً” لمسار “التحقيق” إذا ما جاز التعبير عنه بهذه التسمية.
ومن المستغرب أن تخاطر مؤسسة “عريقة” بسمعتها وتاريخها، وبجمهورها، من خلال الاستسهال المفرط بتقديم “تحقيق” مسيس لخدمة السياسة الأمريكية في المنطقة، بهذه الطريقة .
يذكر أن مكتب بي بي سي بقي مفتوحاً في سوريا، على مدى سنوات من الحرب، على الرغم من مشاركة المؤسسة “العريقة” في الحملات الإعلامية التي استهدفت الدولة السورية، أو “النظام” كما يحلو لبي بي سي تسميته.
تلفزيون الخبر