العناوين الرئيسيةثقافة وفن

بعد أن صمت عنه شعراء وملحنون عشرات السنوات.. إطلاق مشروع لإعادة إحياء الموشحات الأندلسية

احتضن مسرح المركز الثقافي العربي بحي العزيزية في حلب، ظهر اليوم، إطلاق المرحلة الأولى من مشروع “الموشحات رحلة لا تنتهي” التي تضمنت في مرحلتها الأولى ندوة ثقافية فنية تتحدث عن رحلة الموشحات بين الماضي والحاضر نظمتها جمعية بيت القصيد الثقافية ومقهى حلب الثقافي بالتعاون مع مديرية الثقافة في حلب وبحضور المهتمين بالشأن الثقافي والفني.

وأوضح “أمجد بري” رئيس جمعية بيت القصيد الثقافية خلال حديثه لتلفزيون الخبر أهمية الموشحات الأندلسية وإزدهارها في مراحل تاريخية سابقة وأفول نجمها وعزوف الشعراء والفنانين عنها في الوقت الراهن، مبيناً أنها تشكل أهم عناصر التراث السوري اللامادي العريق إنطلاقاً من كونها أقدم الأصناف الأدبية العربية والأنماط الغنائية الطربية، ولعدم السماح بإندثارها فهي رحلة زاخرة بالإبداع وجديرة بالاستدامة.

وأعلن رئيس جمعية بيت القصيد الثقافية وجود رصيد جيد من الموشحات الشعرية المعاصرة كتبها الشعراء الشباب ببراعة وحافظوا فيها على هوية الموشح القديم المعروف من حيث الشكل العام والمضمون، أما من حيث الكلمات فعمدوا إلى استخدام الكلمات التي تبرز فيها روح الشاعر وتتناسب مع العصر الحاضر، لترتقي الفكرة وتصبح مشروعاً حضارياً من خلال تلحين الموشح الجديد بألحان تجعله جاهزاً للغناء، ولتزويد المكتبة الوطنية في سورية بألحان رائعة وأغانٍ عذبة.

 

وكشف “بري” عن وجود حوالي 10 قصائد مكتوبة حديثاً، مبيناً أن نشوء فكرة المشروع جاءت من خلال حالات فردية من بعض الشعراء منذ حوالي عامين، لكنها ازدهرت من حوالي ثلاثة أشهر لإعادة الحياة للموشحات وتداولها، انطلاقاً من كونها عاشت مرحلة ازدهار تغنى بها المؤرخون والكتاب والشعراء، وفي مقدمتهم الفنان الراحل صباح فخري بمحاولاته الفردية، واليوم يستعد أعضاء الجمعية لكتابة موشحات عربية على البحور الموزونة للحفاظ على هوية الموشح الأندلسي الأساسية القديمة بكلمات وألحان جديدة.

 

وأضاف “بري” أن هذا المشروع بمثابة إنجاز فريد فناً وأدباً صمت عنه الشعراء والملحنون والمغنّون منذ عشرات السنين إلا في تجارب فردية، وهو مشروع وطني فني أدبي مؤلف من ثلاثة مراحل، المرحلة الأولى تتضمن ندوة للتعريف عن الموشحات شعراً وفناً موسيقى وغناءً، في حين أن المرحلة الثانية ستتضمن أمسيات شعرية خاصة بالموشحات الحديثة التي تضعنا في أجواء حقبة تاريخية تغنّى بها الشعراء، أما المرحلة الثالثة يكتمل بها المشروع من خلال حفل فني طربي سيتم فيه غناء ما تم كتابته وتلحينه من موشحات جديدة بألحان تطرب لها الأذان.

 

ونوه رئيس جمعية بيت القصيد الثقافية أنه منذ فترة وجيزة تم إطلاق مسابقة أجمل موال سبعاوي، وسيتم إعلان نتائجها في الشهر القادم، وهدفها الرئيسي صون أحد عناصر التراث الغنائي العريق، وستغنى هذه المواويل والموشحات الجديدة والقدود الحلبية.

 

في حين أشار الشاعر “محمد بشير دحدوح” عضو اتحاد الكتّاب العرب ومؤسس مقهى حلب الثقافي في حديثه لتلفزيون الخبر إلى أهمية المشروع انطلاقاً من صون التراث الأدبي والفني والذي يعتبر الموشح والموال من أهم عناصره، والذي أخذ حظه في السنوات القديمة الماضية متألقاً ولكنه في الحقبة الأخيرة كان متهامداً من حيث الفقر في النصوص الشعرية والفقر في الألحان الجديدة، وبالتالي أصبح الشارع الأدبي الفني يردد ما كتب ولحن سابقاً، وإطلاق المرحلة الأولى جاءت لإعادة إحياء المكون التراثي الأصيل، من حيث إحياء كتابات وألحان ومواويل جديدة.

 

وبيّن مؤسس مقهى حلب الثقافي أن السبب الرئيس لإطلاق المشروع هو غياب كتابة الموشحات الجديدة رغم المحاولات الفردية التي تأتي ضمن وصلات غنائية، وأن المناداة تتم اليوم لإنتاج نصوص شعرية خاصة بالموشحات الجديدة من المواهب الشابة، وسيكون المشروع نقطة انعطاف هامة للمكون التراثي الطربي الحلبي، وستندلع بعدها نيران الموشحات وبالتالي سيتنادى الجميع لإنتاج موشحات بألحان جديدة بعد أن يبصروا مدى جدية وفائدة ومردود هذه الموشحات الجديدة.

 

الدكتور “محمد دواليبي” مدرس مادة الأدب الأندلسي في الجامعات السورية تحدث عن نشأة الموشح الأندلسي والأسباب والدوافع والحيثيات التي أدت إلى نشوئه، حيث تضافرت عوامل عدة في تطوير الموشحات الأندلسية منها العامل الاجتماعي والخاضنة الثقافية للشاعر والطبيعة التي يعيش فيها الشاعر فيؤثر ويتأثر بها وتبادل المفردات بين شعراء العرب والأندلس وظهور الدواوين، إلى أن أحب الأندلسيون التفرد بخاصية الموشحات والتفنن بأنواعه وأقسامه.

 

وبينت الشاعرة رنا رضوان التعاريف العديدة للموشح، مبينةً أن الوشاح حلي للمرأة تضعه كنوع من التزيين لها، واستخرجت كلمة الموشح لتزيين الشعر العربي الأصيل، مبينة ما قاله المؤرخون وفي مقدمتهم ابن خلدون الذي قال: “إن الموشح هو فن استحدثه المتأخرون في الشعر من أهل الأندلس”.

 

المهندس الموسيقي “ظافر جسري” أكد لتلفزيون الخبر أهمية إقامة تجديد الموشحات من لحن وكتابة وأن أي عمل فني له إطار فني يتحول لصورة قابلة للعرض، مبيناً أن الفن يجب أن يتجدد ويتقدم ويطرح أفكار جديدة، كاشفاً أننا في الوقت الراهن نعاني من حالة تخلف مدهشة في الناحية الفنية والفكر السطحي للموسيقيين “البسطاء” الذين يبحثون عن لقمة العيش وما يتعرضون له من صعوبات يومية وأن الفن سابقاً تطور على يد هواة وأن الحل يكمن في استقطاب وجوه شابة تحتاج للدعم والحماس للوصول إلى إنتاج موشحات جديدة.

 

أنطوان بصمه جي – تلفزيون الخبر – حلب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى