رحيل المايسترو السوري العالمي نوري الرحيباني
توفي الفنان والمايسترو السوري نوري الرحيباني، في ألمانيا، عن عمر ناهز 84 عاماً، ويعد أحد أهم القامات الموسيقية السورية.
ولد المايسترو نوري الرحيباني في مدينة الحسكة عام 1939، ورغم انتمائه لعائلة دمشقية، إلا أن جده قام بتبديل اسم العائلة من المنّجد الى الرحيباني، تهرباً من حملات السفر برلك.
وتنقل “الرحيباني” بين عدة مدن سورية بسبب عمل والده مصطفى الرحيباني في سلك القضاء، وكانت والدته من أصول تركية شركسية، وتتقن لغات متعددة وتعزف البيانو، ما جعل الطفل نوري وأخوته يحظون برعاية خاصة.
ودرس “الرحيباني” الحقوق في جامعة دمشق، بسبب عدم وجود معهد عالي للموسيقى في سوريا حينها، وكانت رغبته في دراسة الموسيقى في ألمانيا المعروفة بموسيقييها الكبار من أمثال باخ وبيتهوفن، وكان يعزف البيانو في قاعة الموسيقى في كلية الحقوق أنذاك.
وفي عام 1959 أعلنت وزارة المعارف عن مسابقة للإيفاد فتقدم لها ونجح، حيث حصلت سوريا في تلك الفترة على أربعين منحة من جمهورية ألمانيا ومن ضمنها منحتان للموسيقى.
وحصل المايسترو على دبلوم في وضع الألحان والبيانو من المعهد العالي للموسيقى في مدينة لايبزيغ الألمانية عام 1968، كما حصل عام 1973 على دبلوم في قيادة الفرقة السيمفونية من المعهد العالي للموسيقى في درسدن .
وأقام “الرحيباني” في ألمانيا وتفرغ للعمل الموسيقي، وكان
عضواً في جمعية “كارل أورف” الدولية في “زالسبورغ” والجمعية الدولية لتطوير الدراسات الموسيقية في ألمانيا “IGMJ”.
وعمل المايسترو “الرحيباني” قائد أوركسترا العديد من الفرق السيمفونية العالمية منها فرقة رايشنباخ وفرقة سان بطرسبورغ السيمفونية وفرقة هاليه الفلهارمونية وفرقة إذاعة برلين السيمفونية الكبيرة والفرقة السيمفونية الوطنية السورية.
ومنح الرئيس الألماني “هورست كوهلر” للموسيقار السوري نوري الرحيباني وسام الاستحقاق الألماني من الدرجة الأولى و ذلك تقديراً لإبداعه في مجال الموسيقا و قيادة الأوركسترا في ألمانيا والعالم.
وفي عام 2011 قدم مع الفرقة السمفونية الوطنية السورية الملحمة الموسيقية الشهيرة “كارمينا بورانا” لكارل أورف على مسرح الدراما في دار الأوبرا السورية بدمشق .
وقدم المايسترو عدداً من المشاريع لوزارة الثقافة السورية وكان حلمه بإنشاء معهد عالي للموسيقى وتأسيس فرقة سيمفونية وطنية لكنه لم يفلح في جهوده وطُلب منه نسيان الموضوع.
وبعد تأسيس الفرقة السيمفونية الوطنية عام 1993، استدعي الرحيباني لأول مرة عام 2001 لقيادتها، ولم ينقطع عنها منذ ذلك الحين، حيث أحيا عدداً من الحفلات في سوريا خلال سنوات الحرب، وكان من القلة الذين تحدوا الظروف الأمنية منذ 2011 حتى 2018، واستمر بزيارة بلده الأم.
كما وضع الموسيقى التصويرية لعدد من المسرحيات والأعمال السينمائية منها “يوميات مجنون” لفواز الساجر و”الأبطال يولدون مرتين” لصلاح دهني ونفذ العديد من التسجيلات الإذاعية والتلفزيونية مع أوركسترا إذاعة برلين الكبيرة وفرقة الكورال التابعة لها.
والجدير بالذكر أن المايسترو الرحيباني ألف عدداً من السيمفونيات أشهرها: “المدن الميتة”، “أنشودة السلام”، “نشيد العاصفة”، إلى جانب أغان ورقصات شعبية سيمفونية وصور موسيقية من الفلوكلور السوري.