جسور الود بين الجيران..”سيباطات حمص” بلسان أم سمير
“عيش كتير بتسمع كتير يا بيي”، بابتسامة تعلو وجهها تجيب أم سمير عن سؤال طرحناه عشرات المرات على شرائح وفئات متعددة في مدينة حمص دون أن يعرف أحد عما نسأله.
في عدة أحياء مشينا نسأل عن (السيباطات)، كهلاً وشاباً، عجوزاً وفتاة، إجابات تكررت بالنفي عن معرفة هذا الشيء، فالبعض اعتقدها أكلة شعبية، والآخر ظنها مكنة خياطة حتى وصل الأمر للإعتقاد أنها أداة تعذيب عثمانية.
بضحكة امتدت بضع ثوان وبنفس واحد، عبرت أم سمير، السيدة الحمصية السبعينية، عن ردة فعلها عند تعداد الأجوبة التي حصلنا عليها ممن التقينا بهم قبلها.
“هادا السيباط يا ابني”، تقوّس كفي يديها بشكل متلاصق راسمة قوساً ظهر وجهها من خلاله، لتبدأ أم سمير شرحها لتلفزيون الخبر، وأضافت” هو بناء بمثابة ممر يصل بين طرفي طريق أو بنائين أو زقاقين، سمه ما شئت”.
وتحكي أم سمير لتلفزيون الخبر تاريخ بناء السيباطات قائلة” يعود بعضها لأكثر من أربعمئة عام كما روى لي أجدادي، وهي جمع كلمة سيباط المترجمة من الفارسية والتي تعني الملاذ الذي يقي ثيابك من المطر والشمس”.
” متل حارات الشام”، تقول أم سمير أن هذه السيباطات صبغت أحياء مدينة حمص بطابع فريد يميزها كما تتميز دمشق بحاراتها القديمة، كما أنها فن عمراني بحد ذاته مع الرسومات والنقوش التي تزينها”.
“يا سيدي شي 20 سياط”، مستخدمة أصابع يديها لحساب عدد السيباطات في المدينة، مضيفة أن: كل منها يسمى بحسب مكان سكن إحدى العائلات الكبيرة أو تلك التي بنتها، فهناك سيباط بيت الجندي، بيت الاديب، بيت القاضي، بيت الجندلي، بيت البواب وغيرها”.
” القاضي مافي متلو” تعبر ام سمير عن رأيها في أجمل تلك السيباطات، ولا تتردد في مدح سيباط القاضي قائلة” تصميمه يأخذ منك عقلك مع عمره التاريخي القديم، فحسب ما سمعت أن عمره خمسة قرون وهو الوحيد الباقي الممتد لأكثر من 20 متراً مع بلاط خاص به”.
وكانت حكاية أم سمير بكل تفاصيلها، مؤكدة عبر المراجع التاريخية المختصة، حيث استفاض الكاتب والباحث التاريخي “محمد فيصل الشيخاني” في كتابه (حمص عبر التاريخ) بوصف السيباطات وأصل تسميتها.
ويشرح “شيخاني” بشكل مفصل كل ما يتعلق بالسيباطات الحمصية، إلا أن متعة القراءة الورقية أو الإلكترونية، لا تضاهي لذة سماع الحكاية بالمصطلحات الحمصية الخالصة بصوت الخالة أم سمير.
عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر _ حمص