“ما حك جلدك إلا ظفرك”.. سوريون يشترون أكبال الكهرباء على نفقتهم الخاصة
لم تعد كلمة “ع حسابك” باللهجة السّورية المحكيّة تُشير إلى كرم الشّخص وتقديمه خدمة مجانيةً للآخر، بل أخفت ورائها أعباء وحمولات كبيرة على نفقات بعض المواطنين بعد شرائهم أكبالاً كهربائية نحاسية للتخلص من أعطال متكررة أرهقت الأكبال الحكومية ضمن أحيائهم في دمشق.
وروى فجر (اسم مستعار) لتلفزيون الخبر معاناته ومعاناة سكان البناء الذي يقطن فيه بإحدى أحياء دمشق مع مشكلة الكهرباء، قائلاً: “تكرّرت الأعطال الكهربائية منذ بداية 2022، ثم وافقنا على تركيب كبل كهربائي أولي ودفعنا تكلفته المقدرة بـ300 ألف ليرة سورية، وانتهت التجربة بإخماد نيران اشتعاله بسبب ضعفه وسوء نوعه، علماً أنه مصنوع من مادة الألمنيوم”.
وأضاف “فجر”: “لجأنا إلى حلول أخرى وجمعنا المال لشراء كبل كهربائي نحاسي جيد، حيث بلغ سعره 2 مليون ونصف ليرة سورية، وتحمّلنا كامل نفقات عملية التركيب التي بلغت 500 ألف ليرة سورية مقدّمة لفريق طوارئ الكهرباء بعد تكرار محاولات الترميم الفاشلة لكبل الكهرباء السابق المصنوع من الألمنيوم”، بحسب وصفه.
بدوره، قال العامل في صيانة الكهرباء “أبو بشار” لتلفزيون الخبر إن “ناقلية النحاس تأتي مباشرة بعد الذهب من حيث جودته، فهو ليّن وسهل الاستخدام، أما الألمنيوم فكيانه قاس وسريع الانكسار والانصهار”.
وأضاف: “النحاس متوفر في البلاد ولكن سعره يضاهي ثلاثة أضعاف سعر الألمنيوم، حيث يبلغ سعر متر الكبل النحاسي الكهربائي الأكثر استخداماً 18 ألف ليرة سورية تقريباً، علماً أن الكبل الكهربائي المصنوع من مادة الألمنيوم يتم تركيبه عوضاً عن النحاسي وتبلغ استطاعته بحسب كمية السحب المطلوبة”.
وأردف: “عمّال الطوارئ هم مواطنون يواجهون الأحوال المعيشية السيئة مثل غيرهم، إضافة إلى رواتبهم الزهيدة، ولكن عملهم وواجبهم يقتضي تصليح أعطال الكهرباء دون مقابل”.
وأعاد “أبو بشار” السبب الرئيسي في الأعطال الكهربائية المتكررة “إلى التغذية الكهربائية المتقطّعة لأن الحمولات الكهربائية العظمى تحدث عند عملية إقلاع الأجهزة الكهربائية في المنازل، والتغذية المتقطعة تؤدي إلى إرهاق الأجهزة، وبالتالي تزداد الحمولات على الأكبال وصولاً لاستنزاف الشبكة”.
من جانبه، أوضح الصناعي “أبو كنان” لتلفزيون الخبر أن “الفرق كبير بين النحاس والألمنيوم من ناحية السعر، حيث يبلغ سعر كيلو النحاس 25 ألف ليرة سورية، وكيلو الألمنيوم 2000 ليرة سورية، أي أن الـ 6 مم من كبل الكهرباء النحاسي يبلغ سعرها 3500 ليرة سورية”.
ومن جهة أخرى، بين مدير كهرباء دمشق هيسم الميلع، رده على المعلومات الواردة بخصوص شراء المواطنين لأكبال كهربائية نحاسية على عاتقهم الشخصي، لتلفزيون الخبر “أن المديرية مسؤولة عن الشبكة وعن جميع الأعطال الكهربائية دون أي مقابل مادي”.
ونفى “ميلع” وجود “أي طلب مقدّم عن طريق المختار أو محافظة دمشق حتى الآن يدل على رغبة أحد المواطنين بشراء كبلاً نحاسياً على نفقته الشخصية”.
وقال “ميلع”: “لا نستخدم الأكبال النحاسية حالياً بسبب تكرار عمليات السرقة والأكبال التي يتم تركيبها مصنوعة من الألمنيوم، وليست مسبّبة للأعطال الكهربائية لأنها تكافئ عمل النحاس فنياً، وهناك أسباب أخرى للأعطال منها الحمولات الزائدة”.
ونوّه “ميلع” أنه “في حال تعرّض أي مواطن لعملية نصب أو احتيال يرجى تقديم شكوى باسم عامل الطوارئ، ليتم تقديمه إلى القضاء المختص”.
وتكرّرت عملية تركيب الكبل النحاسي على نفقة بعض المواطنين الشخصية للتخلص من الأعطال الكهربائية المتكررة بمناطق عديدة في دمشق منها القصاع وشارع فارس الخوري والتجارة والقصور، بحسب المعلومات الواردة لتلفزيون الخبر.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر