كيف ينبغي أن تتعامل الشركات مع “الموظف السام”؟
عندما يدرك المدير أن عليه التعامل مع موظف مثير للمشاكل في شركته أو مؤسسته، يعلم أن عليه التصرف بسرعة مع ذلك الموظف بسبب تأثيره السلبي المحتمل على الآخرين.
يقول مدير شركة صغيرة (بحسب BBC) إنه بالرغم من أن ذلك الموظف المثير للمشاكل تمكن من جذب عميل كبير للشركة في الفترة الأخيرة، إلا أن تصرفاته غير المرغوبة بدأت تؤثر سلبيا على الشركة.
ويقول إن الرجل الذي يتحدث عنه يحرص على أن ينسب لنفسه فقط الفضل في تحقيق مكاسب للشركة، وكان يتعمد إهمال الأعضاء الآخرين في فريقه.
في الوقت ذاته، قيل إن الموظف يتمرد ضد الشركة من خلال محاولة جمع عدد من العاملين بها حوله.
يقول مدير الشركة أيضا: “كانت هناك حاجة لنُظهر للعاملين في شركتنا أن شخصا واحدا لا يمكن تفضيله على أعضاء الفريق بالكامل”. وهكذا تم طرد ذلك الشخص.
ويصادف معظمنا زميلا يصعب التعامل معه في مناسبة أو أكثر، خلال مسيرتنا العملية. وربما يكون شخصا جيدا في عمله، لكن سلوكه سيء على جميع الأصعدة، بدءا من الأنانية، ومضايقة الآخرين، والفظاظة في التعامل معهم، إلى العناد مع الآخرين من أجل العناد فقط. ويمكن لذلك الشخص أن يكون له تأثير مُدمر على معنويات الموظفين.
ويطلق على ذلك الموظف الذي يحمل هذه الصفات في كثير من أماكن العمل وصف “الموظف السام”.
وأظهرت دراسات متعددة أن هذه النوعية من الموظفين تُكلف الشركات والدوائر الحكومية أموالا كثيرة، نظرا لتراجع إنتاجية الموظفين، أو تقديم الموظفين طلبات للحصول على إجازات مرضية، أو حتى الاستقالة، بسبب سوء سلوك هؤلاء الموظفين المثيرين للمشاكل.
وذكر تقرير صادر عن كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد عام 2015، أن الاحتفاظ بموظف من هذا النوع “السام” يُمكن أن يكلف ميزانية الشركة أكثر من 12 ألف دولار في العام الواحد. وهذا أكثر من ضعف القيمة الإنتاجية التي يمكن للشركة أن تجنيها من موظف ذي أداء جيد.
وتقول دراسة أخرى إن الخسائر المالية السنوية التي يمكن أن يتسبب فيها مثل هذا النوع من الموظفين يمكن أن تكون أكثر سوءا.
ويقول أستاذ جامعي مشارك في كتابة التقرير الذي أصدرته جامعة هارفارد، إن ما يمكن أن يكون سببا في الإحباط بالنسبة للمديرين هو أن هؤلاء الموظفون “عادة ما يتصفون بالإنتاجية العالية، لأن الموظفين الذين لديهم ثقة زائدة في النفس، يكونون في الغالب من الأشخاص الناجحين”.
ويضيف: “لكن أرباب العمل عليهم أن يفكروا في الأبعاد الأخرى المتمثلة في وجود هؤلاء الموظفين السلبيين، وتأثيرهم على بقية العاملين”.
يقول خبراء شؤون الإدارة، إنه يتعين على مسؤولي الشركة أن يكونوا واضحين تماما إزاء ما هو السلوك مقبول في الشركة وما هو السلوك غير المقبول، وأن يقوموا بالتعرف على الموظف ذي الأداء السلوكي المتدني، والذي يوصف بأنه موظف “سام”.
ويضيف الخبراء: “إذا لم تعالج الشركة مشكلة الأداء السلوكي المتدني، فسيكون ذلك رسالة ذات مضمون سلبي لبقية العاملين في الشركة”.
ويقترح الخبراء أيضا الالتقاء بذلك الموظف الذي يثير المشاكل بهدف “توضيح حقيقة السلوك الذي يتبعه، وتحليله، ومراقبته، وتقدير حجمه، ومن ثم تقديم النصيحة والتوجيهات لتصحيحه”.
ويضيف الخبراء: “يستهلك تصحيح السلوك السيء كثيرا من الوقت”. لكن إذا لم تنجح هذه الإجراءات في تحسين سلوك الموظف، فهو ينصح بالتخلص منه، قائلا: “ذلك نظرا لأنك تدفع له أجراً وهو لا يتبع التعليمات، وهذا يعتبر عصيانا للأوامر”.
وتقول ويندي هيرش، الأستاذة بالمعهد البريطاني لدراسات التوظيف أنه على الشركات العمل بجد لمنع السلوك السلبي من البداية من خلال التأكد من شعور العاملين لديها بالأريحية في مكان عملهم. وللمساعدة على تحقيق ذلك ينبغي على الشركات تشجيع ثقافة يكون فيها الموظف قادراً على التعبير عن وجهة نظره بطريقةٍ بناءة.
ويحدث الضررُ الحقيقي عندما لا يكون الموظف الذي يشعر بحالة من الاستياء وعدم الرضا ظاهرا للإداري، وهذا أصعب في التعامل معه والتعرف عليه، وهو في نهاية الأمر أكثر ضرراً لثقافة العمل السائدة.
ويتعين على الشركات كذلك أن تمنع المسؤولين فيها من المضايقة المتكررة للموظفين، حتى لا يقوم بعض الموظفين الطموحين – عن وعي أو بدون وعي – بتقليد تلك السلوكيات المثيرة للمشاكل، في إطار سعيهم للبقاء في الشركة.
وتحاول بعض الشركات التخلص من “التفاحة المصابة بالعفن” في وقت مبكر جدا، خلال مرحلة إجراء المقابلة الشخصية مع المتقدمين لشغل الوظائف.
ففي شركة غرافيتي ميديا للإعلانات في نيويورك، يفضل المسؤولون إجراء المقابلات مع المرشحين للعمل بدعوتهم لتناول مشروب في مكان عام خارج الشركة، ويفسرون ذلك بالقول: “لكي نتجاذب أطراف الحديث، ولكي نرى كيف تكون ردود فعلهم تجاه أمور معينة”.
أما شركة “لويالتي وان” الكندية، التي تدير برامج تتعلق بتعزيز ولاء الموظفين لشركاتهم، فتذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وتسعى إلى أن يلتقي المتقدمون لشغل مناصب عليا في الشركة مع أطباء نفسيين، لأنهم قادرون على تحديد أين تكمن عوامل الخطر عندما تقوم بتوظيف شخص ما في منصب مهم.