92 عاماً على اكتشاف أوغاريت
في اليوم الثاني من شهر نيسان تحتفل اللاذقية بالذكرى الـ 92 على اكتشاف حضارة أوغاريت والتي اكتُشِفَ فيها أقدم أبجدية وأقدم نوطة موسيقية في التاريخ، ونصوص أدبية ودينية وعلمية.
كما عثر فيها على مقطع للأسطورة السومرية الشهيرة “جلجامش”، وتمثال شهير يعود لأميرة أوغاريتية.
وقال الباحث في التاريخ سجيع قرقماز لتلفزيون الخبر: اكتشف موقع أوغاريت عام 1928 صدفةً عند اصطدام “صمد” محراث فلاح سوري بمخلفات بنائية أثناء حراثته أرضه، وبدأت البعثة الفرنسية عملها في عام 1929 على إثر الحادثة.
وأضاف: تدل الوثائق والنصوص الكتابية المكتشفة أن هذه المملكة كانت قد طوّرت حياةً اقتصادية وثقافية وإدارية مزدهرة نهاية عصر البرونز الحديث قبل أن تدمر نهائياً، واستفادت من موقعها الجغرافي جعلها ملتقى ومعبر طرق برية وبحرية بين الحضارات والممالك على نهر الفرات شرقاً والعالم الإيجي وجزيرة كريت غرباً ومصر جنوباً.
وقال قرقماز وهو مؤسس جمعية أصدقاء أوغاريت: تقع بقايا أوغاريت القديمة قرب الساحل الغربي السوري وتطل على البحر من فوق تل أثري يدعى “رأس شمرا”، الذي سمي بهذا الاسم نسبة إلى اسم نبتة عطرة تغطي آثار الموقع تعرف في سوريا باسم “شُمره”.
وعن الآثار المعمارية في المدينة، أضاف قرقماز: شيدت أبنية أوغاريت من الحجر المنحوت الذي ساعد على حفظها سليمة إلى حد كبير، ومكّن من معرفة نظام البناء فيها، وبلغت ذروة عمرانها على الساحل السوري في الفترة الواقعة بين عامي 1200-1400 قبل الميلاد، وتم اكتشاف ثلاثة قصور فيها وعدد من المعابد.
وقال : عند دخولنا لأوغاريت نشاهد عند المدخل الحالي الحصن وبابه السري الذي يؤدي بدوره إلى الداخل عبر فتحة أُنشئت في جدار السور إلى يسارها، وبعدها ندخل طريق يقودنا إلى أول أحياء المدينة وهو حي القصور، الحي الرسمي، الذي يحتل القسم الشمالي الغربي من المدينة، ويتصدر هذا الحي قصر كبير (القصر الملكي الغربي) يحيط به قصران، جنوبي وشمالي وهي أهم مساكن الأمراء والملوك وأكثرهما شهرة في منطقة الشرق القديم.
وقال: تتضمن أوغاريت، المدينة العليا المعروفة بالحيّ الديني “الأكروبول” والمشهور بمعبديه “بعل وداجان”، ويقع هذا القسم في الجزء الذي يعلو الأحياء السكنية الواقعة في الجهة الشمالية من المدينة، وفي القسم الشرقي للمدينة، نشاهد حديقة القصر الملكي المتصلة بمخازن القصر الملكي.
وأضاف: أما في الجهة الجنوبية، فتظهر ساحة يتوسطها حوض ماء تغذيه شبكة متشعبة من الأقنية. وقد اكتشف في قاعة مجاورة لهذه الساحة فرن لشيّ الرُقم الفخارية، التي سطرت عليها آلاف النصوص المسمارية مسلطة الأضواء على تاريخ المدينة وعلاقاتها واقتصادها وآدابها وآلهتها.
وأشار قرقماز إلى أهمية اكتشاف اوغاريت الذي قدمت للعالم واحدة من أقدم الأبجديات المكتوبة في التاريخ (الأبجدية الأوغاريتية)، التي تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وتُدرس حالياً في 40 جامعة في العالم.
وقال: كما وقدمت أوغاريت أقدم مقطوعة موسيقية، وتعتبر المؤسس الحقيقي للموسيقى الغربية، حيث أن أقدم القطع الموسيقية المدونة في العالم والتي تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد- سبقت فيثاغورث بألف سنة كاملة- اكتشفت عام 1950 في مدينة أوغاريت، وقام بفك رموزها الكاتب ريتشارد دمبريل.
وأضاف: دوّنت حوالى عام 1400 قبل الميلاد مجموعة موسيقية تحتوي 36 أغنية أطلق عليها اسم “الأغاني الحرانية”، حفرت بالخط المسماري على ألواح من الطين، قدمت من خلالها تضرعاً للآلهة، وإحداها وجدت بشكل شبه كامل ما يجعلها أقرب مثال معروف للتدوين الموسيقي في العالم.
وعن نهاية أوغاريت قال: نتجه إلى فرضيتين حول نهاية أوغاريت عام 1180 قبل الميلاد، في كارثة آثارها واضحة، خصوصاً في القصر الملكي، فإما زلزالاً قوياً دمر المدينة أو غزواً خارجياً من قبل قوم عرفوا باسم شعوب البحر.
يذكر أن الجزء المكتشف من المملكة لا يتجاوز ربع المساحة الكلية للموقع، والكثير من الآثار المكتشفة نقلت إلى متحف اللوفر في باريس خلال الاحتلال الفرنسي.
شذى يوسف – تلفزيون الخبر – اللاذقية