حسام الضرير .. حكاية طبيب حلبي وقف أمام أنقاض بيته رافعاً شارة النصر
“ ما يهمني هو ارضي التي عادت ورجعت لي, الارض التي كبرت وتربيت عليها ,فعاد الشارع الذي مشيت عليه بصغري ليعود له ابني ويمشي حيث مشيت ، وعادت المدرسة التي درست فيها ليعود ابني ويدرس على نفس المقعد , اذكر تماما ان جدي من اقدم الساكنين لتلك الارض وهو صاحب الغرسة التي نبت انا منها” بهذه الكلمات يشرح الدكتور حسام الضرير شعوره وهو يقف أمام أنقاض منزله المهدم في حي سيف الدولة .
الدكتور حسام الضرير ، طبيب يختص في قسم الأمراض النفسية في مشفى ابن خلدون بحلب ، مشفى ابن خلدون الذي بدوره تحول إلى “ أثر بعد عين “ بعد أن سيطر عليه “ الثوار “ ولم ينج من الخراب ، كما لم ينج حتى أي مشفى ، أو بيت أو حديقة ، لم ينج منهم كل ما يضج بالحياة أويساعد على الحياة .
ويصف الدكتور حسام ما تبقى من ركام بيته بالأم “ أرضي عادت كالأم المتعبة والمنهكة ولكننا سنبقى معها حتى تستعيد عافيتها “ .
يقول “ أبو جعفر “ كما يحلو لأصدقائه مناداته ، وهو الذي كان محبوبا في كليته ، يساعد الجميع ، ويقدم كل ما يستطيع تقديمه ، وأحيانا ، ما لا يستطيع ، كان يحاول “ ذهبت ووقفت عند المكان الذي كنا نجتمع فيه انا و اصدقائي , رأيت تلك المشاهد كأنها تحصل امامي مجددا , ارتدت لي روحي وكلي ايمان بان الجيش العربي السوري قادر على فعل مافعل “
وكان الجيش العربي السوري حرر مدينة حلب بالكامل ، في ٢٢ من شهر كانون الأول الماضي ، بعد نحو أكثر من أربع سنوات قضتها أكثر من نصف أحياء حلب تحت الاحتلال .
يروي الدكتورحسام لتلفزيون الخبر, ابن حي سيف الدولة والذي غاب عن بيته 53 شهرا,ليظهر أمامه ناشرا صورته على أنقاضه رافعا لشارة النصر” حين وصلت لمنزلي لم استطع الدخول من الباب الأمامي للمبنى فكانت الواجهة الأمامية منهارة تماما و الشرفات الأمامية مطبقة على بعضها البعض , دخلت من الخلف لأرى بقايا منزلي المدمر وهو محترق تماما”
ويتابع “ حزنت في اللحظات الأولى مع أني كنت متوقع أن يكون مدمراً أو مسروقاً , لكني فكرت ، نعم علينا إعمارها مجددا , سنزيل الأنقاض ونزيل الركام سنعتبر الدمار كأي دمار حصل بسبب زلزال او بركان ولو أني على يقين انه لن يكون مليئاً بهذا الحقد في الحرق والتدمير” .
ويكمل ضرير” خرجنا من البيت بتاريخ 22 تموز 2012 بعد دخول المسلحين مباشرة . حاولت الوصول قبل ما يقارب العامين ولكن قوبلت بإطلاق النار فلم استطع الوصول لمنزلي في أخر خط سيف الدولة “ .
ويستطرد “قبل تحرير المنطقة بأسبوعين كان المبنى سليم بحسب سكان المنطقة ولكن مع بداية العملية العسكرية للجيش تم تدميرها فيما يبدو نتيجة استعمال المسلحين المبنى كنقطة دفاعية , لقد وجدت في المبنى دشم وسواتر ترابية بالإضافة لوجود فوارغ وعلب ذخيرة وبدلات عسكرية ومستودع مواد غذائية تركية الصنع في أسفل المبنى صاحب الإطلالة الإستراتيجية على أربع محاور” .
ويكمل صاحب الضحكة الذي كابد دموعه دموعه فهزمها بضحكة” حزنت على الحجر الذي من الممكن ان يكون كالبشر,دخلت غرفتي وربطت صور الذكريات القديمة بالصورة الحالية , لم اشعر باني اودع الماضي حين رأيته مهدما , كان فقط كالصديق الذي سافر خارجا وسألقاه مجددا” .
فراس جليلاتي – تلفزيون الخبر