تطويف الشموع على ضفاف الفرات..التقليد التراثي الأقدم
يعتبر موضوع تطويف شموع الخضر على سطح نهر الفرات عادة وتقليداً شعبياً فراتياً قديماً خاصاً بسكان منطقة نهر الفرات من بعض أهالي دير الزور.
وسميت بشموع الخضر نسبة إلى سيدنا الخضر عليه السلام الذي يعيش عند الأنهار والواحات الخضراء، وهو رجل صالح يُقال أنه هو نفس الشخص المذكور في القرآن الكريم مع سيدنا موسى عليه السلام.
ويعتبره أهل الدير بمرتبة “ولي” و ذو كرامة وخصوصية عند الله.
بدأت هذه الظاهرة بالتلاشي منذ بداية ستينيات القرن الماضي، تقريباً منذ عام ١٩٦٠، وبدأت بالتراجع تدريجياً بشكل كبير إلى أن تلاشت بشكل نهائي.
وتنسب شموع الخضر التي تطوف فوق الماء أنها فرس سيدنا الخضر عليه السلام، حيث أنه كان يمشي بفرسه فوق الماء، والغرض من تطويف الشموع فوق نهر الفرات من أجل النذور وتحقيق الأماني.
والنذر هو إلزام الإنسان نفسه بشيء غير مفروض عليه من قبل ويجب عليه فعله لأنه يُشهد الله و نفسه، على أنه سينجز الوعد الذي قطعه على نفسه إذا تحقق مُبتغاه.
أهم أيام تطويف الشموع هي ليلة ١٥ من شعبان في كل سنة، فتجد كثافة من البشر على شواطئ الفرات وكلهم يطوفون شموعهم على سطح الماء، وخصوصاً في الساعة ١٢ ليلاً.
ومن بعدها تبدأ المفرقعات والقسم الآخر من الناس يقرأون القرآن بتلك الليلة ويذكرون الله، والبعض يوزعون الحلويات.
وأيضاً يتم تطويف شموع الخضر بمواقيت ثانية لا على التعين لكن أغلب الأوقات هي بعد صلاة المغرب أو بعد صلاة العشاء أو بأي وقت تكون الشمس فيه غائبة أو خفيفة بعد المغرب أو بين المغرب والعشاء ووجه الصبح حيث تكون المياه راكدة قبل طلوع الشمس.
أما بالنسبة لعدد الشمع الذي يتم تطويفه، البعض يطوف شمعة واحدة، يكون القصد فيها كون سيدنا الخضر يشرب من ماء زمزم مرة واحدة في كل سنة، والبعض يطوف ٧ شمعات على عدد أيام الأسبوع، أو١٢ شمعة على عدد الأشهر، وفي معظم الأحيان على عدد أفراد الأسرة الرجل والمرأة والأولاد والجد والحبابة.
ثم يقوم كل فرد من أفراد العائلة بضمر أمنيته بقلبه ويرسل هذه الشمعة التي تحمل أمنيته إلى سيدنا الخضر مع بقية الشموع على سطح الماء بعد قراءة المعوذات وآية الكرسي.
وبهذه الحالة يعتبرون أن الخضر عليه السلام ينتظرها أو أن هذه الشموع ذاهبة إليه، فإذا تحققت الأماني التي ينوونها يقولون الشمع وصل للخضر.
وإذا ما انطفأت الشمعة بمياه النهر يقال أنها لن تصل لسيدنا الخضر ولن ننال ما ضمرناه من أماني.
وإذا تحققت الأماني يحلي الذي تحققت أمنيته أهل بيته وجيرانه و يقول لهم “الحلوان من خير الله والخضر”.
وأهم انواع الحلويات التي يتم توزيعها عند تحقيق الأماني الطيبونا هي والشعيبيات والبعض يوزع بقلاوة والبعض الآخر التمر والزبيب.
ويُقال أن الخضر عليه السلام لا يزال حي قڨث٣٣ يعيش على الشواطئ بجانب الفرات وأن بشراً كثيرين التقوا فيه من أهالي الدير وخصوصا منطقة الحويقة والعرضي والمناطق القريبة من النهر والحويقة.
واسمه المتعارف عليه بالدير “خضرالياس” ويقال أنهما اثنين خضر والياس، وكانوا لا يتفارقون أبداً خضر للخضار والياس لليباس”.
ويُقال أن سيدنا الخضر عليه السلام يكون عند ضفاف الفرات، وبجانب الطبيعة الخضراء القريبة من الماء دائما، أما سيدنا الياس عليه السلام فهو في البراري والجبال وأنه أيضاً لا يزال حياً و يلتقيان مرة في كل عام ثم يتفارقان.
الجدير بالذكر أن أكثر الأماكن التي كان يتم تطويف شموع الخضر منها تكون بجانب الجسر المعلق والضفة الذاهبة باتجاه كورنيش التسوق، ولا يتم التطويف من السُفن.
وقليلاً ما يأتي الرجال لتطويف الشموع ولا يأتي إلا مَن يرافق المرأة أو الذي عليه نذر لكي يشعل الشموع بيده.
حلا المشهور – تلفزيون الخبر – دير الزور