أكرم الحوراني .. رَجُل سوريا الإشكالي
ولد أكرم الحوراني في مدينة حماة عام 1911, والده رشيد محيي الدين الحوراني كان تاجراً للأقمشة ومالكا صغيراً للأراضي ورجلاً من وجهاء حماه.
كان الحوراني الاب على اتصال بجمعية (العربية الفتاة) السرية المناوئة للحكم العثماني, وانتخب مجلس إدارة حماه، ورشح نفسه لعضوية مجلس (المبعوثان) ممثلا لحماه وحمص في استانبول لكنه لم ينجح, توفي الاب خلال الحرب العالمية الأولى بداء الكوليرا التي اصابته اثناء تقديم المساعدة للنازحين الأرمن.
تعلم أكرم الحوراني في مدرسة دار العلم والتربية مع أبناء الأسر الإقطاعية، وتأثر أكرم الحوراني بأستاذه عثمان الحوراني الذي كان يدرسه مادة التاريخ، والذي أيّد ودعا إلى الثورة المسلحة ضد المستعمر الفرنسي وكان من المشاركين في ثورة 1925.
وبدأ وعي أكرم الحوراني السياسي يتكون على وقع أحداث ثورة سورية الكبرى (1925ـ 1927).
وأكمل دراسته الثانويه في مكتب عنبر الذي خرّج العديد من قادة سوريا.
ثم انتسب إلى الجامعة اليسوعية في بيروت لمده قصيره تركها عائدا الى دمشق بسبب مشاركته في التخطيط لمحاولة اغتيال رئيس الوزراء صبحي بركات الذي كان متعاونا مع الفرنسيين, فدرس الحقوق في دمشق.
كان أول اشتراك للحوراني في العمل السياسي المنظم في عام 1936 بعد تخرجه من كلية الحقوق، عندما انتسب إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي منجذباً إلى المبادئ العلمانية لهذا الحزب.
وبقي فيه كعضو ناشط ثم منفذا لمدينة حماه إلى أن فصل منه سنة 1939، لاختلافه مع قادة الحزب بشأن الهوية العربية.
ساهم بعدها بتشكيل حزب الشباب الذي تزعمه استاذه و قريبه عثمان الحوراني في عام 1938.
سافر الحوراني وبعض ضباط الجيش السوري ومتطوعون آخرون من بقية الطيف السياسي الوطني إلى بغداد لمؤازرة ثورة رشيد عالي الكيلاني ضد البريطانيين في عام 1941، وبعد أن تمكن البريطانيون من قمع الثورة، عاد الوطنيون (الحوراني ومن معه) من العراق إلى سوريا.
وتم احتجازهم لفترة من قبل حكومة الانتداب الفرنسي في دير الزور على الحدود السورية العراقية. ويُذكر أن اتصالات الحوراني بالجيش السوري وبعفلق والبيطار بدأت على إثر هذه الواقعة.
قاد الحوراني انتفاضة الفلاحين في ريف حماة ضد الإقطاعيين، فانتخب نائباً عن حماة سنة 1943، 1947، 1949، كما ساهم في التحريض على الوجود الفرنسي في مدينة حماة عام 1945، وتتوجت حياته النيابيه بانتخابه رئيسا للمجلس النيابي في عام 1957.
وترافق تمثيله النيابي مع تبنيه لقضية تحرير الفلاح من ظلم وسيطرة الاقطاع والذي توج بقانون الاصلاح الزراعي اثناء الوحدة مع مصر حيث كان نائبا لرئيس الجمهورية وكان رفيقه بالحزب وقريبه مصطفى حمدون وزيرا للاصلاح الزراعي.
قاد التوجه المعارض للارتباط مع المحاور العربية المتحالفة مع الغرب – خصوصا الاتحاد مع العراق.
وتذكر مصادر عدة أن حوراني بعد انتخابه عام 1943، عزز صلاته ببعض الضباط الشباب الذين تخرجوا من الكلية العسكرية في حمص أمثال عدنان المالكي وأديب الشيشكلي.
وبحسب موسوعة المعرفة للأعلام فقد كانت علاقات حوراني الوثيقة بالضباط هي ما ساعد على احباط الانقلابات العسكريه الثلاث الزعيم و الحناوي و آخرها الشيشكلي حيث قاد الانقلاب ضده قريب الحوراني و رفيقه في الحزب الضابط مصطفى حمدون، فتمت على اثرها اعادة الحياة النيابية، وضمان استقرار سوريا و جيشها حتى قيام الوحدة مع مصر.
تولى الحوراني وزارة الزراعة وفي شهر كانون أول 1949 تولى وزارة الدفاع في حكومة خالد العظم، ثم ما لبث أن استقال منها في شهر نيسان.
وقف الحوراني عندما كان وزيراً للدفاع إلى جانب الشيوعيين في المجلس البرلماني ضد الأحلاف وضد الإخوان المسلمين باسم العلمانية والتحرر متهماً إياهم بالعمالة للاستعمار.
وحصل في 1950 على ترخيص لتأسيس الحزب العربي الاشتراكي وجعل مدينة حماة مقره الرئيسي.
في سنة 1952، اندمج الحزب العربي الاشتراكي الذي يرأسه أكرم الحوراني مع حزب البعث العربي (عفلق -البيطار) في حزب واحد أصبح اسمه “حزب البعث العربي الاشتراكي” ، طارحا نفسه كحزب قومي عربي يسعى لخلق جيل عربي جديد مؤمن بوحدة أمته.
كانت سياسة الحوراني في وزارة الدفاع تعتمد على السيطرة على الجيش، وربط العلاقات الشخصية، لتوظيفها في مشروعه السياسي، و استفاد من البعثات التي وزعها على أصدقائه في توكيد هذه العلاقات. وكان له دور بارز في بناء جهاز مخابرات الجيش.
وورد في الموسوعة الحرة “ويكيبيديا” أن الحوراني ورفاقه عفلق والبيطار كانوا ينظرون إلى الجيش دائماً كأداة للوصول إلى الحكم، وليس كمؤسسة لحماية البلاد.
وأنهم جنوا مغبة سياستهم هذه حين ظنوا أنهم نجحوا في الوصول إلى السلطة، إذ سرعان ما انقلبت العصا التي حاربوا بها إلى سوط يلسع ظهورهم (بحسب تعبير الموسوعة).
طالب اكرم الحوراني بالاتحاد الفدرالي مع مصر، لكنه لم يعترض على الوحدة الاندماجية عام 1958 وأيدها, اصطدم بعدها مع نظام عبد الناصر بشأن عدة قضايا ابرزها تجاهل تحويل نهر الاردن من “الاسرائيليين” والتي استقال على اثرها.
أيَّد الحوراني الوثيقة التي تطالب باعادة الحياة النيابية الى الكيان السوري (وثيقة الانفصال)، وشارك في الحياة السياسية و النيابية في فترة ما بعد الوحدة.
الى ان حدثت ثورة 8 آذار، فاعتقل لفترة وجيزة ثم أبعد الى خارج سوريا، وعاش في العراق وفرنسا ثم توفي في عمان عام 1996.