محليات

8 تموز 1949.. يوم غاب الزعيم أنطون سعادة

” أنا لا يهمني كيف أموت، بل من أجل ماذا أموت، لا أعدّ السنين التي عشتها، بل الأعمال التي نفّذتها، هذه الليلة سيعدمونني، أما أبناء عقيدتي فسينتصرون وسيجيء انتصارهم انتقاماً لموتي” .

كان فجر 8 تموز 1949 الوميض الأخير من حياة أنطون سعاده، زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي، شديد الحلكة والسواد، وهو اليوم الذي سجّل وصمة عارٍ على جبين التاريخ مع تنفيذ حكم الاعدام واغتيال أبرز قادة النهضة في القرن العشرين.

الزعيم سعادة أعدم رمياً بالرصاص، على يد السلطات اللبنانية بعد أن سلمه حسني الزعيم اليها وبالاتفاق مع السلطات والاستخبارات الفرنسية.

ولد الزعيم سعادة في 1 آذار عام 1904 في بلدة الشوير اللبنانية الواقعة في جبل لبنان، لأبوين هما الدكتور والمفكر خليل سعاده ونايفة نصير.

وهاجر عام 1919 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فعمل خلال تواجده فيها بمحطة قطارات، وانتقل بعدها الى البرازيل، وخلال هذه الفترة بدأ ببذل الجهود والتعلم بشكل ذاتي فأتقن ثلاث لغاتٍ جديدة هي البرتغالية والألمانية والروسية بالإضافة الى الانكليزية والفرنسية.

وعاد سعادة من البرازيل إلى لبنان عام 1930، وبقي في ضهر الشوير مسقط رأسه فترةً قصيرة، انتقل بعدها إلى دمشق مركز النشاط السياسي المعارض للانتداب الفرنسي، لدراسة إمكانيات العمل السياسي فيها.

ثم عاد الى لبنان ليؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي بعد وضع أسس عقيدته ومبادئه، وبقي الحزب سريًا بسبب التشديدات الأمنية والسياسية، التي وضعها الانتداب الفرنسي على سوريا الشمالية (سورية ولبنان)، لينكشف أمره عام 1935 .

اعتُقل بعدها سعادة والعديد من أعضاء الحزب الآخرين، بتهمة إنشاء جماعات سرية والإخلال بالأمن العام والإضرار بتشكيل الدولة، وحُوكم نتيجةً لذلك بالسجن لمدة ستة أشهر من قبل الانتداب الفرنسي والحكومة اللبنانية آنذاك.

وزار سعاده بعد تأسيس الحزب، عدة مناطق من سوريا الطبيعية، ونشر فيها العقيدة السورية القومية الاجتماعية، وخاصة في أواسط المثقفين والطلبة في تلك الفترة، لينتشر الحزب بين مئات الألاف من السوريين .

وادرك سعادة الأخطار المحدقة بالأمة السورية منذ 1937، منها الخطر التركي واليهودي حيث قال “إن الخطر اليهودي هو أحد خطرين أمرهما مستفحل وشرهما مستطير، والثاني هو الخطر التركي” .

تعرف أنطون سعادة إلى جولييت المير في الأرجنتين عام 1939 ، ونشأت بينها وبين أنطون سعاده علاقة حب قوية تكللت بالزواج عام 1941، وأنجبا ثلاث بنات هم : صفية – أليسار – راغدة .

وعمل سعادة على نهضة الأمة السورية ووحدة مجتمعها، وشدد على أن السوريين هم وحدهم أصحاب الحق في تقرير مصير سورية وسياستها وحياة أبنائها .

لم تنال أفكار زعيم الحزب إعجاب الانتداب الفرنسي حيث عمل على اعتقاله عدة مرات، الى أن سلمه حسني الزعيم بصفقة مع حكومة الانتداب في 7 تموز عام 1949، ليقوموا بإعدامه بعد أقل من 24 ساعة يوم 8 تموز، في محاكمة صورية، كانت وصمة عار على القضاء اللبناني .

تقدم حينها أحد الضباط، ليعصب عينيه فقال له “لماذا تعصب عيني؟ هي لحظة تطلقون فيها النار فأموت، وقد قلت لك أنا لا أخاف الموت”.

ثم طلب منه أن يركع على ركبتيه فأجاب “أنا لا أخاف الرصاص أفليس من سبيل الى الإستغناء عن هذه المسائل ؟” . فأجابه الضابط “إنه القانون”، فقال سعاده حينها “انا احترم القانون” .

وانطلقت بعد تقييد سعادة بخشبة الإعدام، في الرابعة صباحاً 11 رصاصة، استقرت في صدره، قطعت أولها أخر جملة نطقها “لتحيا سوريا” .

يذكر أن أنطون سعادة مُنِع من رؤية زوجته وأطفاله يوم إعدامه، أو من رؤية أي شخص من أصدقائه أو قادة الحزب يومها، وقابل فقط الخوري الذي عرفه وشهد على عملية الإعدام.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى