العناوين الرئيسيةمحليات

ربيع وأحمد والمعتصم بالله.. ثلاثة جرحى رفضوا الاستسلام للإصابة كلّ على طريقته الخاصة

تترك الحروب دماراً يتعدى الأبنية والعمران، إذ تتسبب بصدمات نفسية من هول ما يراه الفرد ويعيشه فيدخل البعض في حالة من الذهول وفقدان القدرة على استيعاب ما يجري حولهم وإنكاره، وقد يعيش من ينجو في جحيم الآثار النفسية للحروب وما تخلفه من جروح نفسية عميقة وذكريات مؤلمة.

 

 

وخلّفت سنوات الحرب الطويلة في سوريا الآلاف من الجرحى في مختلف المحافظات، وبعثرت أحلام الكثيرين جراء الإصابات التي تعرضوا لها، لكن عدداً كبيراً منهم لم يقف عاجزاً، بل هبوا لتحقيق طموحاتهم العلمية والعملية وبدء مشاريعهم الخاصة واتخاذ المهن الحرة لكسب العيش.

 

أقوى من ست إصابات

تعرض الشاب ربيع حميشة لست إصابات مختلفة خلال الحرب على سوريا، وعلى الرغم من قساوتها لكنها لم تكن لتنال من عزيمته ورغبته بالحياة واستمراريتها.

وقال ربيع، المسرّح برتبة نقيب لتلفزيون الخبر إن: “آخر تلك الاصابات كانت في الفقرة القطنية الثانية بالعمود الفقري، وأدت لشلل سفلي تام، وبقيت لمدة ثلاث سنوات في المستشفى أتلقى العلاج الفيزيائي كوني كنت رافضاً لفكرة الخروج على كرسي مدولب”.

وتابع الشاب المتزوج، والأب لطفلة: “اعتمدت على العكازات بشكل رئيسي وأصبحت جزءاً رئيسياً من حياتي وبواسطتها استطعت الاعتماد على نفسي بشكل تام لتبدأ بعدها الأفكار حول العمل الذي يجب أن أمارسه”.

وأردف ربيع لتلفزيون الخبر: “سنحت لي فرصة عمل رائعة كناشر إلكتروني في وسيلة إعلامية محلية، لكنني كنت راغباً بممارسة عمل إضافي يسمح لي بالحركة والتفاعل مع الاخرين وزيادة مستوى الدخل المادي، ولذلك عملت بداية في مجال بيع اكسسوارات الموبايل ومن ثم تعلمت نقش الأوشام”.

 

وأكمل ربيع: “انتقلت من اللاذقية للسكن في جديدة عرطوز بريف دمشق، ومن ثم تزوجت ورزقت بطفلة، ولذلك كان العمل هو سبيلي لتأمين مستلزمات عائلتي دون انتظار المساعدة من أي شخص، وذلك رغم الألم الكبير الذي أشعر به جسدياً في بعض الأحيان جراء الاصابات لكن الأمل والإيمان كانا دائماً سلاحي لمواجهة كل الصعوبات”.

 

ورسالتي للجميع بشكل عام والجرحى بشكل خاص أنه ما من عيب في العودة إلى نقطة الصفر، والأهم من ذلك هو الانطلاق مجددداً رغم الألم والانكسار، فمن الحفرة يمكن أن تصنع جبلاً والإنسان رغم ضعفه أحيانا ً لكنه يمتلك بداخله قوة لا يستهان بها عند رفضه للاستسلام”، يختم ربيع لتلفزيون الخبر.

 

قابل نسبة عجز 100% بعزيمة 200%

 

لم تنل إصابات أحمد عبد الهادي حسن الثلاثة والمتكررة من عزيمته ورغبته في العيش بكرامة رغم وصول نسبة عجزه إلى 100% جراء ثلاث إصابات تعرض لها.

وقال أحمد، وهو أب لستة أطفال، لتلفزيون الخبر إن: “اول إصابة تعرضت لها كانت عام 2012، وهي طلق ناري نافذ بالعضد الأيسر وضياع عضم 10 سم وقطع أوتار، والثانية عام 2013 خلال تحرير الخالدية بطلق ناري نافذ بالبطن، والثالثة بعد عدة أشهر اثناء تحرير النبك، وهي طلق ناري متفجر بالبطن وكسر 4 فقرات وأذية عصبية أدت لشلل الأطراف السفلية”.

وتابع أحمد لتلفزيون الخبر بأنه: “رغم الإصابات فإن عزيمتي لم تهتز مطلقاً بل قررت العمل بتعبئة الغازات الصغيرة (السفير) أمام مدخل منزلي بحي وادي الذهب في مدينة حمص لكسب لقمة العيش الحلال”.

وأكمل أحمد: “الوضع الاقتصادي الراهن قاس على معظم السوريين، ولذلك كان لابد من العمل ضمن الإمكانيات ورفض الجلوس والاعتماد على الآخرين، ووجدت في تعبئة الغازات مصدر رزق جيد يؤمن مستلزمات عائلتي، وهذه رسالتي بأن الإنسان قادر على كل شيء عندما يمتلك الإرادة”.

 

المعتصم بالله الحمصي.. العمل ببيع البهارات على كرسيه المتحرك

كان قدر الشاب المعتصم بالله الحمصي أن تصيبه رصاصة في النخاع الشوكي خلال اشتباك في حماة عام 2013، ما أدى لإصابته بشلل نصفي سفلي دخل بعدها إلى المستشفى وخضع لتسع عمليات جراحية.

وقال المعتصم بالله لتلفزيون الخبر إن: “تأثير الإصابة النفسي كان كبيراً بداية الأمر، ودخلت في حالة اكتئاب لفترة وجيزة من الزمن، لكنتي قررت الاندماج مجددا ً في المجتمع والنهوض معنوياً رغم عدم قدرتي على المشي جسدياً”.

وأضاف الشاب المتزوج حديثاً أنه: “كان لدي خبرة سابقة بالتجارة ولذلك قررت بدء عملي الخاص بما يتناسب مع قدرتي، وكانت بسطة بهارات شعبية قرب السوق المسقوف بحمص هي ذلك العمل الذي أمن لي مدخولاً مادياً جيداً في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة”.

وختم الشاب بأن: “الإصابة الجسدية ليست المشكلة الحقيقية بل فقدان الأمل، وعلى الانسان أن يفكر خارج الصندوق وبالتالي لا يجب الاستسلام تحت أي ظرف بل مواجهة الحياة بكل صعوباتها ضمن الإمكانيات الموجودة”.

وتنتشر في المحافظات السورية مئات النماذج المماثلة من جرحى الحرب الذين رفضوا الاستسلام للإصابة، وعملوا على بدء مشاريعهم الخاصة لمواجهة ظروف الحياة الصعبة.

 

عمار ابراهيم – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى