كاسة شاي

في ذكرى أول مرة تم حمله واستخدامه..هل نتخيل حياتنا دون الهاتف النقال؟

أثارت والدة إحدى الفتيات في أحد باصات النقل الصغيرة (السرفيس)، ضجة وهي تصر على التحدث إلى السائق وإحدى الراكبات عبر الموبايل، للإطمئنان على ابنتها التي تأخرت بالعودة إلى المنزل(مع أن الوقت لم يكن متأخراً)، والمنطقة وسط دمشق.

وظلت الإبنة تحاول طمأنة والدتها التي لم تقتنع على ما يبدو، ليتحول الموضوع إلى سخرية بين الركاب الباقين ويدفع أحدهم للتساؤل “لوكانت البنت والأم قبل ما يخترعوا الموبايل شو كان صار فيها”؟

لا يستطيع الكثيرون تخيل حياتهم دون الهاتف المحمول، ولا نكاد نذكر كيف كانت حياتنا فعلا، قبل وجود هذا الجهاز الصغير الذي يصلنا بالعالم أجمع بطرق مختلفة تطورت مع تطوره.

قبل الانترنت مواقع التواصل الاجتماعي، كان الموبايل هو البديل عن الهاتف الأرضي الذي يستطيع القيام بوظيفته دون الحاجة إلى سلك، فقلص المسافات وحل المشاكل وسرّع الأعمال.

وفي سنوات الحرب المريرة في سوريا، كان هو الوسيلة الوحيدة ليتمكن السوريون من الإطمئنان على أخوتهم وأحبتهم مهما بعدت المسافات، فتمكن بفضله الجندي من التحدث إلى والدته القلقة، والمسافر والخارج إلى الشارع في أيام القذائف.

وتحول “الهاتف” إلى “جهاز ذكي”، ليتم استغلال ذكائه في التحايل على أسعار المكالمات المرتفعة.

فأتاحت ميزة التحدث المجانية، من خلال الواتساب والمسنجر بالصوت والصورة، المجال أمام السوريين للاستغناء عن هذه المكالمات المكلفة، خاصة مع الأقارب المسافرين في الخارج.

الأمر الذي دفع وزارة الإتصالات إلى الإعلان عن نيتها جعل المكالمات عبر “واتساب” و”الماسنجر ” مأجورة، نهاية العام الماضي.

كما تحولت الأجهزة الذكية لتصبح بديلاً عن الكتب والمجلات وألبومات الصور والتلفاز وغيره ، ولتصبح رفيقاً “متعدد الإستعمال”، فصارت المعلم والطبيب أحياناً، ونقلت الإنسان للعيش في عالم إفتراضي، فغيرت بذلك منظومة كاملة من المفاهيم والعادات وحتى القيم.

تقول “ريما” لتلفزيون الخبر، ” لا أعلم كيف كنا نعيش قبله، اليوم نستخدمه أكثر من أي شيء آخر وننظر إلى شاشته أكثر مما ننظر إلى وجوه أهلنا ومن نعيش معهم”.

وتضيف ” لا نستطيع أن ننكر كم أصبحت حياتنا أسهل، فالقدرة على التواصل مع أي شخص في أي مكان وأي وقت حلتّ الكثير من مشكلاتنا واختصرت الوقت والجهد علينا”.

من ناحيتها تشير لينا ، قائلة ” لازلت أذكر أول مرة أخبرتني صديقتي عن حصول عمها على جهاز هاتف محمول سعره”هديك الحسبة”، وقادر على التقاط الصور”.

وتتابع ” فكرت يومها كيف يمكن لهاتف صغير أن يلتقط صورة ما ويقوم بمعالجتها وتظهيرها ، ولم يخطر ببالي أنها ستكون صورة على الشاشة، اليوم حياتنا كلها تختصرها شاشة بحجم الكف أو أصغر”.

ويعقب سمير على حديث لينا ” في البداية اقتنيت جهازاً للتكلم عبره، ومع ظهور أجهزة أحدث حرصت على مواكبة كل تطور فيها، واذكر اول جهاز كان يستطيع أن يحمّل مقاطع صوتية صغيرة(مقطع من أغنية ) مثلا، ثم أغان كاملة وكاميرا بدقة أفضل، اليوم موبايلي هو صديقي الذي لايفارقني”.

عن استخدام آخر للموبايل تتحدث زينة، فتقول ” وفر عليي عناء شراء الكتب وتكلفتها، اليوم أستطيع أن أحمّل أي كتاب أريد بدقائق، وقراءته عبر هاتفي المحمول، ورغم أن الكتاب الورقي أجمل إلا أن هذه الميزة ساعدتني وغيري كثيراً”.

وعن نفس الموضوع يوضح راغب، صاحب مكتبة، ” للحقيقة إمكانية القراءة عبر الموبايل والحاسوب لم تؤثر على سوق الكتب كما يعتقد الكثيرون، للكتاب الورقي ألقه عند محبيه، والقارئ الحقيقي لازال يعتمد عليه”.

ولكبار السن رأي في هذا الإختراع الذي جاءهم متأخراً إلى حد ما فيقول محمد، ذو ال65 عاماً، ” كانت الأمور مختلفة جداً قبل الموبايل، صحيح أنه جعل الحياة أسهل، لكنه في نفس الوقت ساهم في تقليل التواصل الحقيقي بين الناس، أجلس اليوم مع أحفادي وأولادي وكل منهم مشغول بهاتفه لا يكاد يتكلم”.

وعن المستقبل المتوقع لوجود الهاتف المحمول في حياتنا، قال بلال مهندس لتلفزيون الخبر إن ” هذا الجهاز الصغيرسوف يتجسد فينا وفي حياتنا بشكل أكبر، بمعنى مثل ما حلّ مكان الحاسوب و الساعة و الآلة الحاسبة ، سوف يصبح النظارات والقارئ الناطق و مذيع الأخبار و توقعات الطقس و المدرس الخاص و الطبيب الخاص وكل شيء نتخيله”.

وتابع بلال ” وفي المستقبل وحسب متابعتي، سوف يتحول هاد الجهاز إلى رقاقة يتم زرعها بجانب الدماغ، لتسهيل عمليات التعلّم والتذكر ويكون متصل بالإنترنت”.

ونشأت فكرة ابتكار الهاتف النقال لدى مهندس أمريكي يدعى مارتن كوبر، في أوائل السبعينيات، في الوقت الذي كانت فيه الهواتف الخلوية أجهزة غير عملية، مدمجة في لوحات عدادات السيارات.

وفي الثالث من نيسان عام 1973، أجرى كوبر أول مكالمة هاتفية مستخدماً جهازاً لاسلكياً، بعد عقد مع شركة “موتورولا”، التي أنتجت الجهاز، ليغزو العالم بعدها بسنوات ويتطور تباعاً، حتى صار “الصديق الصدوق” الذي لابديل عنه.

رنا سليمان _ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى