فلاش

طلقات “الأدرينالين والسيروتونين” تقتل السوريين أيضاً

بعكس ما اعتاده السوريون خلال سنوات الحرب من أخبار الموت على الجبهات وضحايا التفجيرات والقذائف والقناصات، أصبح للموت اليوم أسباباً جديدة يصلح أن يطلق عليها ” رصاص الأدرينالين العشوائي”.

وتكاد لا تمر مناسبة في سوريا إلا ويمتزج فيها أزيز الرصاص ويسقط على محرابها الضحايا الأبرياء، في الشوارع والساحات والشرفات أو داخل السيارات، يقتل هؤلاء مجاناً بسبب هيستريا الرصاص العشوائي.

يموت السوريون بعد الأفراح كما الأتراح وإثر مناسبات الانتصارات الرياضية والسياسية وفي الأعراس الوطنية وبعد حفلات التخرج أو النجاح بالثانوية وبعد عودة الأسرى والمخطوفين وعند سماع إشاعات الانقلابات العسكرية في الدول المعادية أيضاً .

وما يحدث عند كل مناسبة للفرح أو الحزن لم يعد رصاصاً طائشاً بل يصح تسميته فكراً قاتلاً يحمله كل شخص من منزله ومن سوء تربية أمه وأبيه ليوزعه على ضحاياه وهذا الفكر وللأسف تتميز به منطقتنا العربية فقط.

ونتيجة لفقدان أصحاب الرصاص العشوائي أي طريقة حضارية للتعبير عن انفعالهم العاطفي يفقد آخرون أرواحهم وأرواح أحبتهم، وآخرهم الشابة سراب سليمان من مدينة سلمية بحماة والتي قتلت برصاص الفرح بعد تعادل منتخبنا الوطني مع منتخب استراليا مساء الخميس.

وتوزع ضحايا الفرح الأخير بالتعادل مع استراليا في عدة مستشفيات، ووصل إلى مستشفى تشرين الجامعي باللاذقية ومستشفى المواساة بدمشق عدة إصابات متفاوتة الخطورة بسبب هؤلاء الفرحين.

وتصاعدت ظاهرة إطلاق النار في الهواء خلال سنوات الحرب وفقد السوريون الأمل في السيطرة عليها ولاسيما مع الانتشار العشوائي للسلاح ومع تراخي الجهات المعنية في محاسبة مطلقي النار رغم ارتفاع أعداد الضحايا مع كل مناسبة.

وهذا مادفع البعض إلى الطلب من مؤسسة معامل الدفاع تصنيع طلقات صوتية آمنة ورخيصة وذات مردود مادي يعود لخزينة الدولة، أسوة بالكتير من الدول.

وقال وائل زيتون المختص بعلم النفس الاجتماعي لتلفزيون الخبر أن ” إطلاق النار في الهواء عند الفرح أو الغضب هو سلوك للتعبير عن الانفعال في منطقتنا العربية فقط حيث يفقد الشخص أساليب واعية للتعبير عن عواطفه، وفي كل الأحوال لا يعبر هذا التصرف عن رجولة”.

وتابع زيتون ” يؤثر هرمون الأدرنيالين عند الانفعالات الشديدة في الجهاز العصبي ويدفع الشخص إلى التصرف بشكل انفعالي دون تفكير بالعواقب.”

وأضاف” كما يدفع هرمون السيروتونين عند الشعور بالسعادة على تصرفات غير منطقية لكن إطلاق الرصاص العشوائي في الهواء ليس مجرد ظاهرة بل أصبح ثقافة قاتلة عنوانها الاستهتار والإهمال يتباهى بها جزء من مجتمعنا، ليزهق بها حياة الآخرين”.

وأكد زيتون أن ” آثار إطلاق النار دائماً سلبية، ولا فرق بين الرصاصة التي تسمى طائشة وبين الرصاصة المتعمدة لأن النتيجة في الحالتين إصابة أو وفاة”.

ورغم أن هذه الظاهرة التي يتميز بها الشعب العربي تعود إلى ماقبل اندلاع الأزمة إلا أنها كانت في حدود ضيقة مثل الأعراس الريفية أو في مناطق محددة من المدن.

لكن أصبح السوريون اليوم بعد كل مناسبة يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من سماع أسماء ضحايا الفرح والحزن المنفلت أو على رؤوسهم خوفاً من طلقات المنفلتين المتزايدين في سنوات الحرب.

كيان جمعة – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى