فلاش

شواهد القبور “تسوق مع السوق”.. “صنعة” تزيين الموت ب “الإكسسوارات” والرخام المستورد!

يفتح الرجل البوابة على مساحة مزدحمة، تشغلها شواهد القبور المتباعدة نوعاً ما، وفي المقدمة ترى شاهدة صغيرة ومكتوبة بألوان خفيفة ،وشاهدة ثانية بعروش خضراء منحوتٌ عليها رسوم وكتابات ، وأخرى بصورة ومصحف حجري بجانب القبر، فيتبادر إلى الذهن فوراً أسئلة عن أسعار هذه الشواهد والإضافات من نحت للأشكال والألوان ونوعية الأحجار المستخدمة.

“جهاد نهتان” الذي يعمل في صناعة شواهد القبور منذ 30 عاماً في ورشة صغيرة قرب باب مصلى بدمشق يتحدث لتلفزيون الخبر عن أسعار الشواهد ونوعية الحجر المستخدم

يقول : ” تتنوع أسعار الشواهد بحسب كمية النحت ومقاس الشاهدة ونوعية الأحجار، فهناك رخام تركي وإيطالي، وهناك أيضاً الوطني ذو التكلفة المنخفضة مقارنة بحجر الغرانيت الذي يصل سعر الحفر عليها فقط ل 100 ألف ليرة”.

وذكر النهتان أن سعر الشاهدة يتراوح بين 3 إلى 17 ألف كحد أدنى لشاهدة بمقاس متر ونصف مصنوعة من حجر الرخام، أما بعد حفر الكتابات عليها فيصل سعرها إلى 75ألفاً ، في حين تبلغ تكلفة تجهيز القبر بشكل كامل نحو 200 ألف ليرة.

وبيّن النهتان لتلفزيون الخبر أن “للشواهد أشكال متنوعة منها شواهد مع صورة، وأخرى برسوم للجوامع ، ويضاف إلى ذلك أن بعض الناس تضع مصحف حجري مزخرف بجانب الشاهدة، والبعض الآخر يحفر صورة المتوفى على حجر الغرانيت للتعريف بالقبر.

وأضاف النهتان أن “هذه المهنة تستخدم المطرقة والإزميل فقط، مع العلم أن هناك آلالات حديثة لتطبيق ورسم هذه الشواهد لكن سعرها يصل ل 20 ميلون ليرة”.

وتختلف صناعة هذه الشواهد وتكلفتها باختلاف المحافظة أيضاً، ففي حلب يستخدم للقبر شاهدتان، أما في دمشق فشاهدة واحدة”، وأرجع “النهتان” السبب في ذلك إلى العادات والتقاليد المتبعة في كل منطقة.

تلفزيون الخبر تحدث إلى مواطنين في محاولة لمعرفة آرائهم حول هذه “الصنعة” وضرورتها ، حيث بيّن المواطن “سامر مصطفى” لتلفزيون الخبر بأنه “هناك مبالغة في صناعة الشواهد وتزيينها، فليس هناك سبب قوي لدفع مليون ليرة لتجهيز قبر بمواصفات مثالية وإكسسوارت! .

ويشير سامر إلى أن بعض العائلات المرموقة التي تضع القبر في مساحة خالية قد تكون جامع قديم أو بيت، وتصنع لهذه القبور أشكالاً للشواهد كتفريغها فيما يعرف ب”وتر جيت” وتصل تكلفة التفريغ لوحدها ل50 ألف ليرة .

أحمد الذي يعمل في محل مجاور لورشة صنع الشواهد، اعتبر بأن هذا الأمر يعود إلى الوضع المادي لكل عائلة ، مضيفاً “اللي معو فلفل بيرش ع المخلوطة”، رغم أنه يجد من ناحيته الأمر غريباً، فالميت لن تحييه الشاهدة الفخمة ولا الإكسسوارات باهظة الثمن، مضيفاً :”في الموت وحده يتساوى الجميع فقراء وأغنياء”.

وتختلف شواهد القبور حسب البلدان غربية كانت أم شرقية، بالأشكال والعبارات، باستثناء السعودية، التي تكتفي بصخرة صغيرة على رأس القبر.

أما شواهد القبور العثمانية في تركيا على سبيل المثال فنجد أنها” تتميز بالتنوع الكبير، ونجدها تحمل أيضًا إشارات عديدة، كل منها تدل على صفة من صفات الشخص المتوفى وجنسه، فبينما يكون على شاهدة قبر الرجل ما يشبه القبعة أو العمامة، فإنّ شاهدة قبر المرأة يزيّن بإكليل من الزهر.

وفي أوروبا تطالعنا شواهد القبور بالعديد من العبارات ، ففي إيطاليا مثلا نجد أحد القبور كتب عليها “هنا يرقد من كان زوجاً محباً وأباً رائعاً”، ومنهم من يكتب على قبر زوجته “هنا ترقد زوجتي العزيزة، أيها الرب استقبلها بسعادة، كما أرسلتها”.

عبود الصفر – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى