العناوين الرئيسيةمجتمع

سلمى بين ورود المجتمع وأشواكه

تنتظر سلمى مساء كل يوم، المارة ورتل السيارات الذي يتوقف بجانب كوة لبيع القهوة، على الكورنيش الجنوبي في اللاذقية، لتبدأ ببيع الورود التي بحوزتها.

تقول سلمى لتلفزيون الخبر: عمري 13 سنة لأب وأم منفصلين، جدتي التي أعيش معها هي التي اقترحت علي بيع الورد، دائما كانت تخبرني أني أشبه الورود، وأنا أحببت هذا العمل.

سلمى التي سمحت لنا بتصويرها عن بعد، لأنها تخجل من الكاميرا على حد تعبيرها، قالت: أنتظر ساعات غروب الشمس لأتجه الى الكورنيش الجنوبي، أشتري الورد وأبيعه بسعر أعلى ب 100 أو 200 ليرة، يعني بربح بالوردات شي 3000 ليرة باليوم، وبعطي المصاري لستي.

تلمس سلمى عروق ورداتها لتفاجئها شوكة تغرز في أصابعها الطرية، لترجعها إلى الواقع، وتقول: أشعر بالفرح عندما يأتي فصل الصيف، فالشوارع تكون ممتلئة، يخيفني فصل الشتاء، المساء يحل باكرا”.

كنت أصادف من وقت لآخر أشخاصاً مخمورين، أكبر مني بالعمر بكم سنة، كانوا يحاولون لمسي بطرق مزعجة، كانت نظراتهم غريبة ومخيفة، العديد منهم حاول أخذي لأماكن مقطوعة بحجة شراء الورد، لكن كنت أركض دائما مبتعدة عنهم.

احمرت وجنتي سلمى كورودها الجورية، وقالت: عندما أشاهد عاشقين أتجه إليهما وأقول “الله يخليلك إياها، اشتري وردة للوردة”، هناك من يأخذون وردة مني وآخرون من يبدأون بالسب والشتم، وتهديدهم لي “باستدعاء الشرطة لأخذي”.

ما في حب بلا ورد، بستغرب من الناس اللي بيكونو راكبين سيارات كتير غالية، وبيستكترو يشتروا وردة، وتضيف سلمى: الشب اللي بيكون عم يتمشى مع حبيبتو بياخد مني وردة، وبيساعدني وبيسألني عن عمري ودراستي، بس اللي بالسيارات بيكسرو بخاطري.

أنا في الصف السابع ومجتهدة في دروسي، وتتابع سلمى: يجب علي العمل بالرغم من التزامي بمدرستي، فجدتي كبيرة بالعمر ويادوب المصروف يكفينا، والله مابيقطع بحدا.

وتتابع سلمى كلامها بخجل طفولي: أحياناً أكون على الرصيف مع ورداتي أراقب المارة، أتمنى أن تتحول باقة الورد لتصبح أمي أو أبي، لألعب وأركض مثل بقية الأطفال اللذين هم في عمري، لكن حظي هيك.. بيكفيني..

عندما أعود للغرفة التي أسكنها مع جدتي، أجدها تنتظرني لنتناول الطعام سوية، ومن ثم أغفى في حضنها، وأنا أحدثها عن يومي وتفاصيله.

يسرق البحر نظرات سلمى، لتبدأ بالحديث مرة أخرى لكن عن أحلامها هذه المرة: لدي حلم يراودني في يقظتي وفي نومي، وأريد تحقيقه بأن يصبح لدي مشتل كبير من الورود أقوم بعنايتها وزراعتها وتنسيق ألوانها.

في أحد الأيام أخبرتني صبية أنها مهندسة زراعية، وأن الورد بيلبقلي .. وأنها بانتظاري لأصبح زميلتها، وأنا أعمل لتحقيق حلمي.

شذى يوسف – تلفزيون الخبر – اللاذقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى