محليات

بعد ثمان سنوات من الحرب .. ما مصير الحرف السورية التقليدية ؟

تعرضت الحرف السورية التقليدية كغيرها من المهن في سوريا إلى صعوبات و عقبات خلال أعوام الحرب، استطاعت تجاوز عدد منها، وابتكرت طرقاً وأساليب جديدة لتحافظ على استمرارية الحرفة وتوريثها و وحفظ هويتها السورية الأولى.

وتتنوع الحرف السورية ما بين البروكار الدمشقي، والفن العجمي، كذلك تطعيم الخشب بالصدف أو العظم، ونقش النحاس، النفخ بالزجاج وغيرها العديد من الحرف السورية التقليدية التي تعود أصولها لآلاف السنين مع ظهور الإنسانية في سوريا.

وفي حديث تلفزيون الخبر مع كنان الشماط، مدير العمليات في الشركة السورية للحرف قال إن” توجه الحرف السورية خلال الحرب كان باتجاه الحفاظ عليها، خاصة وأن عدداً كبيراً من العاملين فيها تركوا الحرفة وتوجهوا لعمل مختلف تماماً”.

وأضاف الشماط ” كذلك فإن البعض هاجر إلى دولة أخرى، بالإضافة لتعرض عدد من الورشات الموجودة في المناطق الريفية للضرر”.

ولعل أبرز الصعوبات التي واجهها مجال العمل الحرفي، بحسب الشماط “هو الحصول على المواد الأولية في ظل الحصار الاقتصادي المفروض على سوريا، ومن هنا فُقدت العديد من هذه المواد ليحاول الحرفي الحصول عليها بطرق ابتكارية جديدة تُخرج المنتج بسوية لا بأس بها مقارنة مع الظروف الصعبة”.

وأوضح الشماط أن “الحرفي هو إبداع داخلي، وأصابعه فنانة ماهرة و مبدعة، وخسارته لا تقدر بخسارة أي شيء آخر، خاصة وأن هناك بعض من هذه الحرف عدد قليل ونادر من يعمل بها”.

وأشار الشماط إلى أنه بقياس المردود المادي مقابل الجهد والوقت، فإنه “بالرغم من ارتفاع سعر القطعة إلا أنها لا تعود بالقيمة المادية الحقيقية للحرفي، فالأمر سيان بالنسبة لمن كان باستطاعته شراء قطعة أو اثنتين قبل الحرب”.

وأضاف مدير العمليات في الشركة السورية للحرف “أما اليوم فأصبحت الأولويات متجهة لتلبية الحاجيات الرئيسة للمواطن، ثم يفكر بشراء واحدة إن استطاع بالنظر للأوضاع المعيشية السورية”.

ومع الغزو الصيني للقطع المقلدة، مازال السوري “يتذوق الفن وجودة الإتقان السوري اليدوي، كونها جزء عاكس لتاريخ أرضه وهويته وثقافته التي يرغب باقتنائها، لكننا بتنا نواجه منافسة من بضاعة رخيصة لكنها تخلو من أي قيمة تذكر” وفقاً للشماط.

وتواجه الحرف السورية “خطر الاندثار” ، حيث صرحت زينة ديبة المدير التنفيذي للشركة السورية للحرف، لتلفزيون الخبر أن “معاناتنا اليوم هي استدامة الحرفة، حيث أنه بظل كل الظروف التي واجهت الحرفيين، لم يعد لدى الكثيرين الرغبة بالاستمرار في ممارسة المهنة”.

ونوهت ديبة إلى أنه “هناك عدد من الحرف كالقيشاني والسيف الدمشقي كما الزجاج، هي حرف تحوي أسرار في خلطتها الرئيسة، وتنحصر أحياناً بعائلة ما تتوارثها أباً عن جد، فيغدو من الصعب نقلها أو تعليمها لجيل آخر”.

وتلفت زينة إلى أن “جزءا من عمل السورية للحرف هو ربط الحرفي بالسوق، ومن واجبهم أن يطوروا المهنة القديمة بطريقة عصرية، تكون أحياناً بالتصميم أو المعدات أو حتى بالمواد الأولية”.

وفي سياق متصل، قال كنان الشماط إن “تلك التصاميم العصرية جاءت لتوائم حاجات الحاضر، فهي مصنوعات شرقية بروح عصرية، مثلاً ظهرت الحقائب الخشبية المطعمة بالصدف وتحمل اسماً ما، وطورت الكثير من المنتوجات لتناسب الطابع الحديث للمكان الذي ستوضع فيه”.

وعن الصورة التي تنقلها البضاعة الحرفية المصدرة، يؤكد الشماط أنها “ليست فقط تفتح مجالاً واسعاً أمام الحرفي كسوق سواء أكان يعمل من سوريا أو بدأ عمله الخاص بالخارج، بل هي تأكيد على الصورة الحقيقية للسوري، وليس ما يروجه العالم خلال سنين الحرب”.

وتابع الشماط “السوري هو ابن حضارة و ثقافة، هو المبدع والمحب للعلم .. للسلام، وهو الوحيد القادر على نشر حضارة سوريا، والحديث عنها كونها جزءاً منه”.

الجدير بالذكر أن الشركة السورية للحرف انطلقت سنة 2013، وتعمل على توثيق و ترويج التراث الثقافي غير المادي بشكل متوازي مع تأمين عائدات اقتصادية للحرفين والمجتمعات المحلية، ولغاية إحياء الروح المتجددة في الحرف السورية اليدوية وفتح آفاق للحرفيين.

لين السعدي – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى