محليات

بسطات وأكشاك الكتب القديمة في حلب.. تراث المدينة الناطق على الأرصفة

من منّا لم تستوقفه مرة على الأقل بسطاتٌ لكتبٍ مصفوفة دون ترتيب معين، معظمها قديم وذو عنوان لافت نجدها في معظم المدن، وتتحول مع الزمن إلى جزء من هويتها.

ولحلب وهجها الخاص الذي لا ينفصل عن خصوصية المدينة وأصالتها، ولطالما شكلت مقصداً لكل باحث عن كتاب نادر أو وثيقة قديمة قد لا يجدها في المكتبات العادية، فهل يمكن أن تصبح جزءاً من تراثها الثقافي اللامادي؟

في دعوة لإعادة إحياء هذه البسطات في المدينة العريقة بعد ما فعلته الحرب، واعتبارها جزءاً من التراث الثقافي اللامادي لسوريا، نشر الباحث التاريخي، علاء السيد، على صفحته الشخصية على “فيسبوك”، مشيراً إلى تجربة فرنسية في هذا المجال وداعياً إلى ” تقليدهم مرة بشيء مفيد”.

وقال الباحث لتلفزيون الخبر: “في كل العواصم ومدنه هناك سوق للكتب والمطبوعات المستعملة التي تضم كتباً ومخطوطات وصور ووثائق وكل ما يتعلق بتراث المدينة”.

وأضاف “نجد في القاهرة هذا السوق في منطقة الأزبكية، وفي بغداد شارع المتنبي، وفي دمشق في منطقة الحلبوني، أما في حلب فقد توزعت على عدة أماكن مثل مدخل باب النصر”.

وتابع السيد “كانت أهم المحلات في حلب قبل الحرب يتوزع قسم صغير منها في باب النصر نظراً لتحول جزء من هذا السوق إلى سوق قرطاسية، وبقي بضعة محلات في جديدة ساحة الحطب، كذلك في اوتستراد أغيول حيث يوجد سوق تاريخي لهذه الكتب”.

ونوه السيد إلى أن “هذه الأكشاك والبسطات فرصة لتبادل الثقافة والتراث بين المهتمين بأقل تكاليف ممكنة، فقد يصل سعر الكتاب إلى نصف ثمنه الحقيقي، ولهذه البسطات زبائن مهمين ومعروفين”.

وأردف الباحث “معظم هذه الكتب هي إما لأشخاص توفوا وقام الورثة ببيعها، أو لشخص يرغب بالسفر فيبيعها بسعر رخيص عبر هذه الأسواق، ومكتبتي التي تضم حوالي 8000 كتاب اقتنيت معظمها من هذه الأسواق”.

وأشار “بعد الحرب أعيد فتح محلات قليلة بإمكانيات بسيطة، لكن السوق توقف تنشيطه، ونحن نحتاج إلى ذلك في حلب”.

كما دعا السيد إلى “إعادة السوق التاريخي القائم منذ مطلع القرن العشرين في منطقة باب النصر أمام الباب التاريخي، فهذا السوق يضفي بعداً ثقافياً وفكرياً إضافة إلى جانب الباب الموجود هناك”.

واعتبر الباحث أن “وجود مثل هذه الأسواق مظهر حضاري يدل على اهتمام سكان البلد بالفكر والكتب وتداولها، فالمشترون عامة هم من المهتمين بالقراءة وليسوا تجاراً، وهي تعيد للكتاب الورقي ألقه”.

كما تمنى “طرحها للتسجيل كجزء من التراث الثقافي للمدينة”، مشيراً إلى أن “الأمانة السورية للتنمية أعدت ملف “كركوز وعيواظ” باعتباره جزءاً من التراث اللامادي لسوريا، وتم قبوله مبدئياً في اليونسكو لطرحه كجزء من التراث العالمي الإنساني”.

وأشار الباحث إلى “ضرورة وجود أسواق الكتب القديمة في كافة المحافظات السورية دون استثناء، فهي خطوة هامة وتكاليفها بسيطة وتؤمن فرص عمل، كما تعيد الأهمية للفكر والثقافة والتراث”.

وأضاف “يمكن لكل البلديات تخصيص مساحات على الأرصفة أو في أماكن محددة، دون أن تفرض عليها ضرائب مثلاً أو تتعرض للإزالة و الملاحقة”.

وقام الفرنسيون مؤخراً باعتبار باعة الكتب والمطبوعات المستعملة التي يضعونها في أكشاك وبسطات بسيطة على ضفاف نهر السين جزءاً من التراث الثقافي الفرنسي اللامادي، فهل يمكن أن نرى ذلك في سوريا ؟

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى