فلاش

الحملات الموجهة لتسرب الأطفال جهد غير كاف و”التسرب عم يزيد”

تقوم منظمة “اليونيسيف” بحملات كثيرة في سوريا وخصوصا بعد الحرب، وجزء من هذه الحملات موجه للحد من ظاهرة التسرب المدرسي التي انتشرت بشدة بعد ست سنوات من الحرب، وتاتي النتائج المخيبة لتدلل على أن حالات التسرب المرسية في تزايد طردي مع زيادة الحملات.

عمر، طفل وافد في إحدى مناطق ريف دمشق وصلت إليه إحدى الفرق الجوالة التابعة لإحدى الجمعيات التي تقوم بحملة “المدرسة اشتاقتلك” للتوعية بمخاطر التسرب.
وذكر أحد متطوعي الجمعية أن عمر 15 عاما، كان سجل سابقا في قوائم الحملة السابقة “المنهاج ب” وأبدى رغبة في العودة للدراسة ولكن ولأن حملة “المنهاج ب” معدة فقط للأطفال بين 6 إلى 14 عاما لم يستطع الاستفادة منها.

وأضاف المتطوع “عمر رسب في الصف السابع وبسبب خوفه من نظرة الأخرين له كراسب وبسبب التهجير، تغيب أكثر من سنتين عن المدرسة، وعندما تم رفضه في “المنهاج ب” قرر عدم استكمال دراسته، ولكن استطعنا تسجيله في إحدى الدورات المهنية لدينا، ومع الحملة الجديدة “المدرسة اشتاقتلك” قرر عمر العودة للدراسة”.

ومن خلال الاطلاع على عمل الجمعية يتبين وجود أعداد كبيرة فوق المتوقعة من الأطفال المتسربين، وصلت بعضها إلى 35 % من الأطفال في محافظة السويداء التي تعتبر آمنة، جلهم من الأطفال الوافدين، فيما وصل عدد الأطفال إلى 750 طفلا في بلدة خربة الورد جنوب دمشق التي على الرغم من عدم وقوع أحداث أمنية فيها ولكن في الأصل كانت مهمشة ووصول وافدين إليها “زاد الطين بلة”.

وأوضح أحد متطوعي الجمعية ذاتها أن هناك مشكلة مهمة تتمثل بأن بعض القرى والبلدات التي لم تشهد أعمالا عسكرية أو حوادث أمنية هي بالأصل شبه منسية، مبينا أن اليونيسيف تعطي تمويلا حاليا للجمعيات التي تعمل في المناطق التي شهدت دمارا وتعتبر حاليا ألا عمل لها في مناطق تعد أكثر أمنا.

مناطق كثيرة وبلدات وقرى عدة شهدت ظلما فيما يخص الحملات التي تقوم بها المنظمات الدولية، وتعد مسؤولية الحكومة أن توزع بعدالة حملاتها والحملات التي تمولها المنظمات الدولية، بحسب أحد المتطوعين.

وفيما يخص مجال التعليم، وهو أكثر المجالات حساسية، الحكومة وعن طريق وزارة التربية تقوم بالتنسيق مع المنظمات الدولية، واليونيسيف على رأسها، ولكن تستعين الوزارة بالجمعيات المدنية والأهلية والإغاثية للقيام بالاحصائيات والأعمال التي تتطلب فرقا جوالة وذلك لعدم توفر كوادر كافية للوزارة، فيقتصر عمل الجمعيات على الاحصائيات.

وأوضح أحد الشباب الأعضاء المشاركين في حملة “المدرسة اشتاقتلك” أن عمل الجمعيات الذي يقتصر فقط على الاحصائيات هو مشكلة حقيقة، مشيرا إلى وجود مبادرات ولكنها تتسم بالفردية كون ممنوع على الجمعيات أي عمل على الأرض غير جمع البيانات على الرغم من وجود حالات تتطلب مشاركة الجمعيات.

وأضاف المتطوع المشارك “وصلنا إلى حالة جد غريبة تتمثل بأم منعت طفلتها عن المدرسة مبررة ذلك بكونها تسافر إلى درعا 20 يوما ثم تعود إلى ريف دمشق 20 يوما، ما يجعل من المستحيل أن تلتحق ابنتها الوحيدة بأي مدرسة، فـ 20 يوم غياب يعني انقطاعا عن المدرسة وفصل”.

ومن الحالات الأخرى الغريبة أيضا امتناع أهل إحدى الطفلات عن ارسال ابنتهم للمدرسة لأنها “لا تحب المدرسة”، فابنة الـ 6 اعوام لا تريد الذهاب للمدرسة وأهلها لا يرغمونها لأنها “مدللة العيلة” على الرغم من أن أخوها الأكبر يكمل تعليمه بشكل نظامي، ولكن، وبحسب أحد المتطوعين “قانون التعليم الالزامي لا يطبق، ولا يوجد أي رادع للأهل لارسال ابنائهم للمدرسة”.

مما يضعنا أمام إشكالية تتعلق بوجود دراسة الأسباب الحقيقية للتسرب المدرسي وعم أخذها بإجماليتها بعيدا عن الحالات الخاصة التي تتزايد بخاصة في سنوات الحرب، وضرورة تطوير ادوات التوعية وفئاتها المستهدفة.

وتسبب مشكلة عدم وجود آلية تنفيذ للجمعيات واقتصار عملها على جمع البيانات مشكلة كبرى، ويشتكي أحد المتطوعين منها موضحا “عندما نقوم بجمع البيانات والتواصل مع الأهالي ونرفعها لليونيسيف ومن ثم ترفع للوزارة، ولكن عندما نعود لنفس المنطقة في حملة أخرى نرى عدم تجاوب من الأهالي، كوننا لم نحقق لهم شيئا في الحملة السابقة”.

وبطبيعة الحال أكثر الحالات التي تمر مع الجمعيات هي ضياع الأوراق الثبوتية للأطفال فلا أوراق رسمية تثبت من هم وحتى أن عددا كبيرا منهم ممن ولدوا بعد الحرب غير مسجلين بالمرة في سجلات الدولة، وهناك حالات كثيرة ممن فضل الأهل فيها ارسال أطفالهم للعمل لتأمين مدخول للعيش على ارسالهم للمدرسة.

وبحسب أحد المتطوعين، فهناك حالات كثيرة امتنع الأهالي الوافدين عن ارسال أطفالهم للمدرسة وذلك بسبب ممارسات قالوا أنها “عنصرية” تجاه الأطفال من أطفال أخرين أو حتى من المدرسين في المدرسة، بما يحيلنا إلى نقطة سابقة في البحث تتعلق بتطوير أدوات وفئات التوعية بما يتناسب والمسببات.

منطقة صحنايا وأشرفية صحنايا، التي وفد إليها أعداد كبيرة لكونها بقيت تحت سيطرة الدولة ولقربها من مناطق عدة شهدت أعمالا عسكرية كداريا والسبينة، وصلت لعدة جمعيات شكاو كثيرة عن إحدى مدارسها التي أغلقت أبوابها في وجه الطلاب الوافدين، مبررة ذلك بعدم وجود صفوف ومقاعد كافية أو عدم الالتزام باللباس المدرسي.

وإحدى المدارس في صحنايا أيضا وصلت شكاوى عدة من ممارسات “عنصرية” ضد الطلاب الوافدين من المدرسين، ومن الأطفال الأخرين، ما يعكس، بحسب المتطوع “مشاكل في الاندماج بين الوافدين وأبناء المنطقة المحلية، وهي مشكلة موجودة وبكثرة، فأبناء البيئة المحلية يشاهدون عمل الجمعيات الذي يتجه فقط باتجاه الوافدين ولا يتم تخديم المنطقة وأبنائها”.

فيما وجد في صحنايا نفسها مدرسة قام مديرها بجلب “فرشات وطراحات” ليجلس الأطفال عليها بسبب عدم وجود أماكن ومقاعد كافية لتستوعب العدد الكبير الذي تضمه المدرسة، ويطالب المدير أيضا بتوزيع قرطاسية وتساهل فيما يخص اللباس المدرسي.

يذكر أنه وبالنسبة لمشكلة التسرب المدرسي، قامت اليونيسيف وبالتعاون مع وزارة التربية والجمعيات الأهلية بعمل حملتين والثالثة في الطريق وهي “التعليم الذاتي” للأطفال الذين لم يسجلوا في الحملتين السابقتين ” المنهاج ب” و “المدرسة اشتاقتلك” التي تنتهي قريبا جدا.

يشار إلى أن عمل وزارة التربية يقتصر على اعطاء الموافقات والتصاريح اللازمة لعمل الجمعيات في المدارس والمؤسسات التابعة لها بالإضافة لتوزيع الحقائب المدرسية، وهناك شكاو عدة من عدم العدالة في التوزيع.

 

علاء خطيب – دمشق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى