“ غروبات الفيسبوك “ .. السوريون يصنعون عالمهم الأزرق
لم يعد يعرف السوريون سبيلا لتواصلهم سوى وسائل التواصل الاجتماعي ، وأبرزها الفيسبوك و “ غروباته “ ،حيث اجتمعت الفكرة مع السؤال و الجواب في مكان واحد كونوا منه مجتمعا متكاملا .
فبين “ غروب” “ مستعمل حلب “ ، ” كل شيء مستعمل في اللاذقية ” و “غروب “ ” بيع وشراء أونلاين في دمشق ” ومثيلاتها يقضي آلاف من السوريين ساعات طويلة يعرضون أشياء يصعب تسويقها بغير هذه الطريقة ، متخلين عن كلفة الوسيط ، ومسهلين على آخرين الحصول على هذه الأشياء ” أونلاين ” دون عناء البحث عنها .
و من فرصة عمل إلى سيارة مستعملة وصولا لـ” جاكيت ملبوسة لبسة وحدة ” لا يتخلى السوري عن عادة ” المفاصلة بالأسعار ” للوصول إلى الحل الذي يرضي الزبون والبائع .
وكان عالم الفيسبوك فرصة عمل وحيدة ل ” نيرمين ” تمكنها من كسب رزقها دون مغادرة منزلها و هو ما اشترطه زوجها ، فصارت تروج لمنتجات يدوية الصنع و تبيعها عن طريق الفيسبوك .
و ” مريض بحاجة إلى زمرة دم .. ” ، و ” فتاة تحتاج إلى معونة مادية… ” و ” يا جماعة عيد ميلاد رفيقتي بكرا مو عرفانة شو اهديها ؟ ” ، هكذا تكون منشورات السوريين والسوريات على “الغروبات” التي تحمل طابع “ إنساني و اجتماعي” .
وتطرح في “ الغروبات “أبسط المشاكل ، وأكثرها تعقيدا للنقاش ،و حالات كثيرة استفادت فعليا من آراء ” الأسرة الفيسبوكية ” في حين حولها قسم آخر منهم إلى مجال للتسلية والاستخفاف بالآخرين .
و لم يكن المغتربون في منأى عن هذا المجتمع “ الفيسبوكي “ السوري المتكامل حيث كونت “غروبات” للجاليات السورية في كل بلدان أوروبا والغرب لتسهل التعارف و التقارب بين السوريين في المغترب .
عبدالرحمن أحد الشبان السوريين الذين سافروا إلى ألمانيا في الآونة الأخيرة ،قال أن “غروبات” الفيسبوك لعبت دور الدليل الذي يخبره عن الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمنطقة التي سيستقر فيها ، كما سهلت عليه معرفة ما يحتاجه من أوراق و معاملات للسفر و تجهيزات لاختبارات اللغة في ألمانيا ، و حجوزات المنازل قبل السفر .
و في هذا السياق وعلى سبيل المثال في ظل اختلاف طرق تعاطي الأطباء في بلدان أوروبا عن طرق تعاطي الأطباء السوريين مع الحوامل ، ذكرت إحدى السيدات السوريات في فرنسا أن لـ “غروبات” الفيسبوك مثل ” نيو ماما آسك ” و غيره ،الدور المساعد الأكبر لها خلال فترة الحمل و بعدها عن أسرتها و محيطها في سوريا .
وشكل المجتمع الفيسبوكي لهذه المرأة تعويضا مساعدا لها، نظرا لما قدمه من نصائح و ارشادات طبية و معنوية .
قسم آخر من “ الغروبات “ يحمل طابع طبي ، الدخول إليه يشابه دخول عيادة الأطباء المشرفين عليها ، عبارات مثل ” اختبار إيراني ناجح لعلاج السرطان ” و ” علماء يكشفون سبب العلاج المزمن للجفاف بالفم ” معلقة على جدران تلك العيادات الفيسبوكية .
و تسوق “ الغروبات الطبية “ من جهة للطبيب المشرف على المجموعة ، ومن جهة أخرى تفيد أعضاء “ الغروب” .
و سهلت بعض “ الغروبات” على طلاب الجامعات و المدارس الحصول على الأسئلة المهمة و أسئلة الدورات و التسريبات أيضا و هم أمام شاشات هواتفم دون الحاجة الى المكتبات .لذلك لم يعد الطالب ملزما بالنزول دوريا إلى المكتبات للاطلاع على آخر التوقعات بعدما أصبحت تصله أونلاين .
و يستقبل السوري الأحداث الاجتماعية و السياسية والاقتصادية و الظروف المحيطة به بخفة دم، .
ليس آخر تلك المواقف تغير رؤوساء لبنان والولايات المتحدة ، و على الصعيد الداخلي مشكلة انقطاع التيار الكهربائي و الانترنت فتراه و كأنه ينتظر المطبات اليومية ليضعها في قالبه الكوميدي على جروبات الفيسبوك .
و كما الواقع تجد في عالم الفيسبوك هذا الذي يطرح مشكلة وهمية و ذاك الذي يبيع بضائع زائفة و آخر لا يمت للواقع بصلة ، فهو مجتمع كبير ، قسم من السوريين من استغله لمنفعته و منهم من جعله مكان لإضاعة الوقت .
