موجوعين

عقارات في طوق جبلة تحت مقصلة الاستملاك والتخمين الجائر.. والمتضررون: “أين نسكن ومن أين نأكل إذا أخذوا الحيلة والفتيلة؟”

اشتكى أصحاب العقارات المستملكة في منطقة طوق جبلة العقارية من الظلم الذي تعرضوا له جراء الاستملاك الجزئي لعقاراتهم بغية تنفيذ جزء من المنطقة الصناعية في المدينة ومن تدني الأسعار المخمّنة بالتقدير البدائي وما فيها من ظلم باعتبارها أسعار لا تتناسب مع الأسعار الرائجة في المنطقة.

الظلم وقع على أهالي المنطقة عام 1995 عندما وضعت إشارة الاستملاك على العقارات البالغة 123 دونماً لصالح بلدية جبلة، ثم في عام 2001 صدر قرار الاستملاك الجزئي للعقارات ليقتطع منها ثلاثة أرباعها ويترك للمالك الربع الذي لا يغني ولا يسمن من جوع إلى مسكن بديل أو مصدر رزق آخر، كما تحددت جداول التخمين البدائي للأراضي والأبنية والأشجار.

التخمين البدائي شكل صدمة كبيرة للمالكين الذين فقدوا أراضيهم وبيوتهم ولن يحصلوا على التعويض الذي يليق بخسارتهم الكبيرة، فقدموا الاعتراض وراء الاعتراض للبلدية والمحافظة وإلى كل من يعنيه الأمر، حتى جاءهم الفرج عام 2016 وتقرر تشكيل لجنة إعادة النظر بالتقدير البدائي.

إلا أن فرحة الأهالي لم تكتمل عندما قررت اللجنة بالأكثرية التصديق على التقدير البدائي ووضع الملح من جديد على الجرح النازف منذ عام 2001 وربما منذ عام 1995.

ما الذي يمكن أن نصنعه بـ 3 مليون ليرة لاستملاك 4 دونمات هي كل ما نملك أنا وأخوتي؟ خاصة أني غير موظف وليس لي مصدر رزق آخر ولدي طفل معاق وأخي شهيد.. كلمات المواطن خليل الجوري أحد المتضررين تفضح جور قانون الاستملاك الذي يراد منه تنفيذ منطقة صناعية على حساب العديد من العائلات المهددة بحرمانها من لقمة عيشها ومسكنها اليتيم.

الجوري قال لـ”تلفزيون الخبر”: ماذا عسانا نفعل أنا وأخوتي بالتعويض الذي لا نعرف متى سيعطوننا إياه؟ المبلغ لا يشتري لنا دونماً واحداً في ريف جبلة، متسائلاً: من أين نأكل وأين نسكن بعد أن تذهب “الحيلة والفتيلة؟” فثمن الأرض مع المنزل لا يشتري لنا منزل بمساحة 100 متر عالعضم وإذا استطعنا شراء المنزل لا يمكننا اكساؤه.. لا نريد سوى انصافنا؟.

وأضاف الجوري: “اقترحت أول لجنة للتقدير البدائي تخمين سعر متر البناء بـ22500 ألف ليرة وسعر دونم الأرض بـ5 مليون ليرة، لكن لم يتم الموافقة على مقترح اللجنة وتم استبدال العضو صاحب الاقتراح، ثم اقترحت اللجنة الجديدة سعر المتر بـ3800 ليرة وسعر الدونم بـ 873 ألف ليرة, مع العلم أن عقاراتنا طابو أميري وليست إصلاح زراعي”.

لؤي عفيف ضم صوته إلى بقية الأصوات الموجوعة، متسائلاً: “قدّروا ثمن الدونم الواحد بـ 873 ألف ليرة، فهل بإمكان المواطن السوري اليوم شراء م2 من الورق المقوى بهذا السعر، لنقبل به ثمناً لأرض ورثناها عن أجدادنا، وهل هناك أرض بهذا السعر بأقصى الصحراء السورية، لنقتنع به سعراً لأراض في جبلة التي تعتبر من أغلى المدن السورية من حيث أسعار العقارات؟”.

وطالب عفيف بتعويضهم بمقاسم داخل المنطقة الصناعية المزمع إقامتها على أراضيهم وبنفس المساحة التي تم استملاكها أو بيعهم المقاسم بسعر المتر نفسه الذي خمّنت به عقاراتهم ضمن قرار الاستملاك، مشدداً على ضرورة تعويض المتضررين قسماً من خسائرهم الكبيرة والذين اغلبهم من ذوي الشهداء والمخطوفين.

عادل عبود متضرر آخر من قرار الاستملاك يشتكي: “أنا وأهلي وأخوتي نسكن هنا ولدينا 5 بيوت وأراضٍ بمساحة 50 دونماً، نعتمد في رزقنا على زراعة القمح والخضار بالإضافة إلى أشجار الحمضيات والجوز، ويضيف: “عندما يتم تنفيذ الاستملاك أين سنذهب ومن أين سنطعم أولادنا فليس لدينا مكان آخر ولا مصدر رزق.. “هل ننصب خيمة في الشارع ونمد يدنا ونقول: من مال الله”.

وتابع عبود (متهكما): الأنكى من الاستملاك هو قيام اللجنة باستملاك ثلاثة أرباع العقار الواحد وترك ربعه للمالك، مدللاً على ذلك بوجود عقار مساحته 105 دونماً تم استملاك 88 دونما وتم ترك 17 دونماً بدون استملاك بعرض أربعة أمتار على طول 400 متر وهو طول الساقية المحاذية للعقار”.

وشرح “ بمعنى أن الأرض تركت بدون استملاك حماية للساقية”، متسائلاً: “ماذا عسى المالك يستطيع أن يفعل في أرض عرضها أربعة أمتار إذا كان حرم الطريق ثلاثة أمتار؟ هل يمكن له استثمار متر واحد في بناء غرفة أو زراعة “مسكبة” خضار!؟، مطالباً الجهات المعنية في المحافظة أن تستملك أراضيهم بالكامل لكن أن يترك لهم منازلهم لأنها مأواهم الوحيد”.

وأردف عبود: “ناهيك عن الظلم الكبير الذي تعرضنا له أثناء عملية التسجيل ففي أحدى العقارات يوجد خمسة آبار وعشرة منازل، قامت اللجنة بتسجيل بئر واحد وثمانية منازل، وأنا املك في ارضي 180 شجرة حمضيات وزيتون و60 شجرة جوز اختزلتها اللجنة إلى 5 أشجار حمضيات و9 أشجار جوز”.

الدكتور بشير أديب أحد المتضررين الذي يملك هو وأخوته 30 دونماً يقول: “قدمنا شكاوى واعتراضات بالجملة إلى البلدية والمحافظة لكن بدون جدوى”، مضيفاً: “تعرضنا لظلم كبير في عملية الاستملاك التي سلبتنا مساحات واسعة من أراضينا بأثمان بخسة”.

وتابع أديب: “ناهيك عن أن البلدية غير قادرة على دفع مبالغ التعويض للمتضررين، فموظف في البلدية أكد لي أن البلدية لن تدفع التعويضات في الوقت الراهن لأنها لا تملك السيولة، وإنما سوف تنتظر حتى تفرغ من اجراءات نقل الملكية وبيع المقاسم للصناعيين وعندها فقد تستطيع أن تدفع المال للمالكين المتضررين”.

عبد الكريم حيدر ممثل المالكين في لجنة إعادة النظر بالتقدير البدائي أكد أن “المالكين تعرضوا لظلم كبير سواء من ناحية تخمين سعر المتر أو من ناحية الاستملاك الجزئي للعقارات”، موضحاً أن “البلدية أخذت الربع المجاني من أصل العقار ما يعني أنها تأخذ ربع المبلغ الذي يحصل عليه المالك كتعويض مالي عن العقار المستملك، وهذا جريمة كبيرة بحق الأهالي كونهم لا يستطيعون استثمار الجزء المتروك من العقارات”.

وأضاف حيدر: “كنت عضواً بلجنة إعادة النظر التي زارت المنطقة عام 2016 بعد اعتراض المالكين على الأسعار التي خمنت بها عقاراتهم، وكانت اللجنة مؤلفة من رئيس البلدية ومندوب عن المحافظة والقاضي وأنا بصفتي ممثلاً عن المالكين بالإضافة إلى رئيس الرابطة الفلاحية في جبلة”.

وتابع: “مندوب المحافظة ورئيس البلدية والقاضي لم يوافقوا على إعادة التخمين وتعديل الأسعار بما يتوافق بالحد الأدنى مع الأسعار الرائجة في الأسواق، وذلك بحجة أن لا يحدث تعارض بين أسعار تخمين لذا العقارات وبين أسعار تخمين العقارات التي استملكت سابقاً لمصلحة تنفيذ مشروع المتحلق الشمالي عند مدخل جبلة”.

وبلسان الجهة المستملكة، يقول المهندس أحمد قناديل رئيس بلدية جبلة: “موضوع استملاك العقارات في طوق جبلة بحكم المنتهي إذ أقرت لجنة إعادة النظر استملاك العقارات وبالسعر المخمن عام 2011 وقرارها بذلك مبرم”، وأضاف: “استملاك منطقة الصناعات المتوسطة ليس وليد اللحظة وإنما يعود لعام 1995”.

ولفت إلى أن “مجلس المدينة بصدد استكمال نقل ملكية العقارات المستملكة لصالح بلدية جبلة وإحالة الموضوع إلى الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية من أجل إعداد الدراسات والمخططات اللازمة لها تمهيداً للمباشرة بتنفيذها لاحقاً”.

وأكد قناديل أنه “تم تحويل أموال التعويض البالغة 130 مليون ليرة إلى المصرف المركزي ليصار إلى تسليمها للمتضررين”، مستدركاً: لكن بشرط أن يقوم المالك بمراجعة البلدية مصطحباً بيان قيد عقاري وبراءة ذمة من الكهرباء والمياه ومن كافة الضرائب، ومن ثم نقوم بتحرير “شيك” بالتعويض المقرر له”.

وحول تدني أسعار التخمين، أوضح قناديل أن “الأسعار تم تخمينهما أسوة بالعقارات التي تم استملاكها لصالح المتحلق الشمالي لمدينة جبلة، والبلدية ليست مهمتها تخمين العقارات وإنما مهمتها تنفيذ عملية الاستملاك”.

وأردف قناديل: “توجد شقق تابعة للبلدية في حيي بسيسين والنقعة، وإذا أراد المتضررون شراء شقق بديلة عن منازلهم التي استملكت فعليهم أن يدفعوا ثمن المتر بالسعر الرائج في السوق وليس بالسعر الذي خمنت بها عقاراتهم”.

صفاء اسماعيل – تلفزيون الخبر – جبلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى