اقتصادالعناوين الرئيسية

جدل حول قرار السماح باستيراد مكونات السيارات.. إيجابيات وسلبيات وتساؤلات

أثار قرر مجلس الوزراء إعادة السماح باستيراد مكونات السيارات لشركات تجميع السيارات ذات الصالات الثلاث، ضمن مجموعة من المحددات، بعد توقفها لمدة 3 سنوات، جدلاً حول إيجابيات وسلبيات هذا القرار، في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.

ويرى الخبير الاقتصادي، الدكتور علي محمد أن: “توصية اللجنة الاقتصادية كان مطلباً قبل الحرب وبعدها”، وقال لتلفزيون الخبر “لا شك أنه يحقق قيمة مُضافة للصناعة السورية بشكلٍ عام، ولصناعة السيارات بشكلٍ خاص، لا سيما تلك المتعلّقة بالإنتاج في الشركات ذات الثلاث صالات”.

وأضاف “محمد” أن القرار “يزيد من خطوات التجميع سواء في الصالة الأولى التي يتم فيها تجميع القطع المستوردة بواسطة آليات لحام دقيقة، أو الدهان في الصالة الثانية من خلال الفرن الحراري، أو تركيب الإكسسوارات في الصالة الثالثة”.

واستطرد أن ذلك “يمهد الطريق أمام استبدال بعض المكونات المستوردة كالدواليب والزجاج بإنتاج محلي مستقبلاً”.

واعتبر الخبير الاقتصادي أنه “عندما تشهد صناعة معينة ازدهاراً فهي بطبيعة الحال تمتص جزءً من فائض البطالة، وتعزز النمو الاقتصادي، المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، وهذا ينعكس على المستوى المعيشي للمواطنين، وقد يخفف من فاتورة استيراد أصناف هذه الصناعة”.

تساؤلات

وإلى جانب الإيجابيات التي تحدث عنها الدكتور “محمد”، رأى أن التوصية كانت واضحة لجهة بعض الشروط، لكن منع منح أي تراخيص جديدة لأي شركة جديدة بالفترة الحالية، يُبرز عدة تساؤلات.

وقال ” ما هي مدة الفترة الحالية؟ فكما نعلم أن عدد الشركات ذات الصالات الثلاث الجاهزة اليوم قليل، فهل لديها القدرة على استئناف كامل طاقتها الإنتاجية؟ هل تكفي السوق؟ بكافة الأحوال منع أي ترخيص جديد سيزيد من الاحتكار بهذه الصناعة”.

وأوضح الاقتصادي: “بكل تأكيد السيارات الكهربائية أكثر جدوى وأقل من ناحية المصاريف، لكن كوننا نحن نتجه نحو الطاقات البديلة والمتجددة، لماذا تمّ منح مهلة عام كامل للانتقال للتجميع؟ لماذا لم يكن هناك تصوّر كامل ودراسة جدوى سابقة للقرار قبل إصداره؟”.

وتساءل “محمد”: “هل موجود لدى الوزارات المعنية بيانات كاملة عن حاجة البلد من السيارات؟ والسيارات الموجودة الآن في سوريا؟، لا سيما وأن استيراد السيارات ولو بشكلٍ نظري ممنوع منذ 2011، بالتالي على أي أساس سيتم تحديد كميات الاستيراد كنسبة من الطاقة الإنتاجية لكل شركة؟”.

وتابع الخبير الاقتصادي: “النقطة الأهم، والتي تهمنا كمتخصصين بالشأن النقدي والمصرفي، كيفية التمويل، والتوصية واضحة بهذا الخصوص، التمويل لن يكون بتاتاً من المصارف العاملة في سوريا أو من شركات الصرافة، فالتمويل خارجي حصراً”.

وأضاف “السؤال الذي يطرح نفسه ماهي الآلية التي سيتبعها مصرف سوريا المركزي في ضبط هذا الأمر من ناحية؟”.

وأضاف “محمد”: “الأمر الآخر، كيف سيتم مراقبة نواحي صرف قيمة مبيعات السيارات فيما بعد؟ حيث نص القرار على وضع قيمة مبيعات السيارات في حسابات خاصة وألا يتم السحب سوى لأنشطة إنتاجية حصراً”.

وختم “محمد” حديثه باعتقاده “أن الاستثمار في تجميع السيارات لا يجب أن يتصدّر الأولويات الحكومية حالياً، رغم حاجة سوريا للاستثمار بالسرعة القصوى سواء الاستثمار الداخلي أو الأجنبي، لكن هناك صناعات أكثر إلحاحاً في الوقت الراهن كتلك المرتبطة بمعيشة السوريين”.

“تناقض”

بدوره، رأى عضو مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها، عامر ديب، أن القرار لو تمّ طرحه بغير هذه البنود، لشكّل إضافة جديدة لاقتصادنا الوطني، وفتح أبواب للاستثمارات، والتي تقدّر بعشرات بل مئات الملايين من الدولارات

وقال الخبير المختص في قطاع السيارات الكهربائية لتلفزيون الخبر “لو تمّ طرحه بغير هذه المحددات، لشجعنا هذه الاستثمارات، وتمّ تأمين الكثير من فرص العمل، وبذلك نحد من هجرة الشباب، لكن الفرحة بهذا القرار والذي تميّز بالتناقص بين أهدافه وبنوده لم تكتمل”.

وأوضح “ديب”: “حقيقةً لا يمكن تسميته بقرار للسماح بتجميع السيارات الكهربائية، وإنما قرار تنظيم للشركات المرخصة سابقاً، وصيغة القرار احتكارية وليست استثمارية، ولا تعزز التنافسية”.

وتابع “ديب”: “هناك ثغرات في هذا القرار، ومن الواجب تداركها، فالقرار للسماح بإعادة عمل المصانع الخاصة بتجميع السيارات العاملة على البنزين والكهرباء، ومن ثمّ ذكر في أول بنوده مطالبة وزارة الصناعة بمنع منح أي ترخيص لمنشآت جديدة والتي هي أصلا متوقفة منذ 3 سنوات”.

وتساءل عضو مجلس إدارة حماية المستهلك: “كيف يتم منع منح ترخيص منشآت لتجميع السيارات الكهربائية رغم أنه لم يصدر أي تعميم أو قرار يدعو لمن يرغب بإنشاء مصنع لتجميع مكونات السيارات الكهربائية بالتقدّم، فكيف يصدر قرارين متتاقضين، دون وجود قرار سابق يلزم بقرار مضاد؟”.

وتابع “ديب”: “القرار شكّل تعميق لحالات الاحتكار وعدم تشجيع المستثمرين، فكيف نرخص لمعامل سيارات تعمل على البنزين ونحن نعاني من أزمة وقود؟ فبدلاً أن نجد الحلول عمقنا الأزمة”.

وأضاف عضو جمعية حماية المستهلك: “كان يمكن توجيه وزارة الصناعة بعدم منح أي رخصة جديدة لسيارات البنزين وتحديد عدد معين من الموافقات للسيارات الكهربائية”.

واستطرد “لكن القرار فوّت عشرات المستثمرين المحليين والدوليين بقطاع السيارات الكهربائية، فلا حقفنا وفرة في فرص العمل، ولا حقق القرار أي قيمة مُضافة”.

ونوّه “ديب” إلى أن “مدة المهلة المعطاة لتسوية أوضاع أصحاب منشآت الصالة الواحدة، والذي صدر بتعميم بتاريخ منتهي الصلاحية منذ شباط الماضي، فالمهلة فعلياً تُعتبر منتهية الصلاحية”.

وحول الانتقادات عن عدم توفّر كهرباء أساساً، أجاب الخبير: “السيارات الكهربائية لا تعتمد على الكهرباء الحكومية، وإنما يتم شحنها عن طريق محطات مجهزة بألواح طاقة شمسية مخصصة لهذا الغرض، ولا تُلام الناس على الانتقادات من باب عدم العلم بالشيء”.

انتقاد

من جهته، اعتبر الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة تشرين، الدكتور أحمد أديب أحمد أنه “بالرغم من أن بعض المحللين يتوقعون انخفاضاً في أسعار السيارات بسبب عودة السيارات المجمعة، إلا أنني أنظر الى توقعاتهم من مبدأ تلميع القرار غير السليم في هذا التوقيت”.

وأضاف “أحمد”: “في ظل الحجج التي تقدمها الحكومة حول العقوبات المفروضة على المستوردات، والتي تعطل إنتاج القطاعين الزراعي والصناعي على السواء، وتسهم في حرمان سوريا من الكهرباء والوقود، نجدها تطرح موضوع إعادة تجميع السيارات، وكأن الموضوع يخص اقتصاد أشخاص معينين لا اقتصاد وطن”.

وتساءل الدكتور أحمد: “أين الفكرة التنموية من اتخاذ هذا النوع من القرارات في الوقت الذي نجد الحكومة فيه عاجزة عن اتخاذ أي قرار يدعم الزراعة التي تسهم بتحقيق الأمن الغذائي في ظل تحذيرات كثيرة من حصول مجاعة عالمية!؟”.

وتابع “أحمد”: “أين الفكرة التنموية من استيراد القطع لتجميع السيارات في ظل العجز عن استيراد المواد الأساسية وعلى رأسها النفط والمواد اللازمة للصناعة الطبية وقطع الغيار اللازمة لإصلاح قطاع الكهرباء وغير ذلك!؟”.

وأضاف الأستاذ في كلية الاقتصاد أن هذا القرار غير مناسب للمرحلة التي تمر بها سوريا اليوم.

وختم أن “عملية التجميع ستمتص الكثير من الموارد التي يحتاج إليها الاقتصاد السوري للنمو وتحقيق الرفاه الاقتصادي المطلوب لشعب عانى أكثر من أحد عشر عاماً من الحرب ووصل معدّل الفقر فيه إلى نسب عالية جداً”.

يذكر أن قراراً بوقف استيراد جميع مكونات السيارات إلى سوريا والمستخدمة في تجميع السيارات من قبل شركات متخصصة في هذا المجال صدر منذ تشرين الثاني 2019.

وأكّد مدير عام المؤسسة العامة للصناعات الهندسية في وزارة الصناعة، عبد الله النعمة، في وقتٍ سابق، أن القرار يأتي ضمن سلسلة الإجراءات التي تقوم بها الحكومة لإعادة دوران الحياة الاقتصادية في كافة المجالات من أجل تأمين حاجة الأسواق السورية والاستغناء ما أمكن عن الاستيراد.

يُشار إلى أنه وبالرغم من موافقة رئاسة مجلس الوزراء على التوصية الاقتصادية، نقلت وسائل إعلام عن وزير الصناعة، زياد صباغ، قوله أن: “هذا القرار ليس قراراً تنفيذياً، ولن يتم منح أي إجازة استيراد قبل الانتهاء من عمل دراسة شاملة للموضوع”.

شعبان شاميه – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى