حرائق الغابات.. ما أهم أسبابها وكيف يتم إخمادها؟
تعاني الأرض كل صيف من نشوب حرائق كبيرة، في الغابات والحراج، وتأتي على مساحات واسعة من الغطاء النباتي، وتتعدد أسباب نشوب هذه الحرائق، ويصعب إخمادها بسبب سرعة انتشارها أو تعذر الوصول إلى المنطقة التي يمتد فيها الحريق.
علمياً لا يشب الحريق إلا إذا توافرت له ثلاثة عوامل على الأقل، الأول هو المادة القابلة للاحتراق، والثاني الحرارة المرتفعة، والثالث هو أكسجين الهواء الذي بدونه لا تتكون النار.
وتقف أسباب كثيرة ومتنوعة وراء حرائق الغابات يمكن تجميعها تحت تصنيفين أساسيين، الأول مسؤولة عنه عوامل طبيعية لا دخل للإنسان فيها كصواعق البرق وحمم البراكين، والثاني ناجم عن فعل الإنسان نفسه وتعامله بإهمال مع البيئة، أو افتعاله الحريق لدوافع أخرى.
وترفع ظاهرة الاحتباس الحراري وزيادة نسب غاز ثنائي أوكسيد الكربون، من درجة حرارة الأرض حيث جعلت من شهور الصيف القائظ موسماً لاشتعال حرائق الغابات.
كما تحدث الحرائق بسبب قيام بعض المزارعين بجمع الأعشاب الضارة والشجيرات الصغيرة الجافة في أكوام، ثم يتخلصون منها بالحرق، فيتطاير الشرر ويعجزون عن السيطرة عليه، فتكون النتيجة التهام النيران لأجزاء واسعة من الغابة.
في بعض البلدان لا تتم مراعاة إجراءات الأمن والسلامة بالقدر الكافي، ولا تتوالى عمليات الصيانة وبخاصة لأعمدة الكهرباء ووسائل النقل والماكينات الزراعية سواء تلك التي تعمل في مجال المحاصيل الحقلية أو تلك التي تستخدم في قطع الأشجار.
فينجم عن ذلك كله تماس كهربائي أو شرر يخرج مع عوادم السيارات فيصيب الحشائش الجافة، ويولِّد نارا تحرق وتتنشر بسرعة.
ومن الأسباب المتكررة، أن يقوم البعض برمي عقب سيجارة على أرض الغابة ويتركه وينصرف وهو لا يدري أن فعلته هذه قد تتسبب في حريق هائل.
والبعض الآخر قد يلهو ببعض الألعاب النارية فيحدث بذلك حريقاً مدمراً، وقد يترك بعض المتنزهين خلفهم جمرات فحم مشتعلة، وينصرفون دون أن يطفئوها أو يتأكدوا من إطفائها بشكل كامل، فإذا بها تعاود الاشتعال من جديد ومع قليل من الرياح تنتشر محدثة حريقاً كبيراً.
ومع امتداد وتزايد الحرائق التي شهدها الصيف السوري هذا العام، في عدة مناطق بأرياف حماه واللاذقية وطرطوس، توجهت أصابع الاتهام بالدرجة الأولى إلى تجار الحطب، الذي بات وسيلة التدفئة المتبعة لدى كثير من السوريين شتاءً.
وأشار كثير من أبناء المناطق التي اندلعت فيها الحرائق إلى أن لتجار الحطب والفحم مصلحة أساسية في إشعال هذه الحرائق، وبالتالي الحصول على كمية كبيرة من أخشاب الأشجار المحترقة وبيعها في الشتاء القادم بأغلى الأسعار.
أما عن إخماد حرائق الغابات، فتعتمد نظرية إطفاء الحريق على كسر أحد أضلاع المثلث المسؤول عنه (المادة المشتعلة والحرارة والأكسجين).
ومن هنا يتبع خبراء الإطفاء ثلاثة وسائل رئيسة تتمثل في التبريد والخنق والتجويع. والمقصود بالتبريد: تبريد المكان المحترق وما فيه من مكونات وما حوله خشية امتداد الحريق.
والهدف من هذا التبريد هو جعل المكان المحترق يمتص المياه المقذوفة أو المرشوشة، فإذا ما ارتفعت درجة حرار المياه الممتصة في مكان الحريق تبخرت، فيعمل بخار الماء المتصاعد على سحب أكسجين الهواء ومن ثم كتم الحريق حتى ينطفئ.
والأسلوب الثاني هو الخنق والمقصود به تغطية الحريق بحاجز يمنع وصول أكسجين الهواء إليه وذلك بوسائل كثيرة منها : الرغى الكيماوية إذا كانت مساحتها في متناول أجهزة الإطفاء.
أما التجويع فالهدف منه الحد من كمية المواد القابلة للاشتعال بعدة وسائل منها: نقل المواد القابلة للاشتعال بعيدا عن تأثير الحرارة والنار مثل إزالة النباتات والأشجار بالغابات والأراضي الزراعية لوقف سريان وانتشار الحريق.
أو إبعاد المواد المشتعلة فيها النيران بالفعل بعيدا عن الأماكن المحتمل أن تمتد إليها، وذلك باستخدام جرافات ضخمة مخصصة لهذا الغرض.
وتقسيم المساحات الجغرافية المشتعلة فيها النيران من الغابة إلى مساحات صغيرة لتكون كل واحدة منها حريقاً صغيراً قائما بذاته يمكن السيطرة عليه.
ويمكن في بعض الأحيان الطرق على أخشاب الأشجار المشتعلة لتفتيتها إلى أجزاء صغيرة يمكن أن تتأثر بمواد الإطفاء.
يذكر أنه إذا نجح رجال الإطفاء بعد هذا كله في السيطرة على الحريق، فإن الآثار الناجمة عنه لن تزول من الغابة إلا بعد سنوات عديدة، ولن تتمكن الحيوانات التي هربت من الحرائق من العودة مرة أخرى إلى بيئتها الأولى إلا بعد فترة طويلة.
تلفزيون الخبر