“قصة حب – الفصول الأخيرة”..مسرحة الكتابة في امتحان مادة دراماتورجيا
في عرض يقوم على “مسرحة الكتابة”، قدّم طلاب السنة الثالثة في قسم الدراسات المسرحية امتحان مادة “دراماتورجيا”، عبر نص ( قصة حب.. الفصول الأخيرة)، للكاتب الفرنسي المعاصر “جان لوك لاغارس”.
يقوم النص على التباس الزمن والأشخاص، فهُم كتاب المسرحية وممثلوها، بحيث تشي الكتابة بكل خباياها، وتظل رغم ذلك عصية وغير مكتملة.
المشرفة على العرض، أستاذة مادة الدراماتورجيا ومادة المسرح المعاصر – رئيسة قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية، الدكتورة ميسون علي، أوضحت لتلفزيون الخبر أن ” المعنى الأول لمصطلح دراماتورجيا هو “فن تأليف المسرحيات”.
وبينت أن هذا التعريف يربط الكلمة مباشرة بعملية كتابة النص المسرحي، أما المعنى الثاني فيربط المفهوم بالعمل المسرحي ككل.
وتابعت “يقوم الدراماتورج بدراسة وتحليل النص، والبنية الأيديولوجية والشكلية له في حالة إعداد عرض مسرحي، أو في حالة الدراسة النظرية، وكذلك ترجمة النص أو إعادة ترجمة النص لعرض معين، أو نقله من اللغة الأدبية إلى اللغة المحكية”.
وأضافت ” كذلك يقوم على إعداد النص أو توليفه، وتقديم قراءة تحليلية له بالتعاون مع المخرج، وكذلك تقديم عمل ما بتقنية مُغايرة، أي إعداد رواية أو قصيدة للمسرح، أو تعديل العمل الأصلي بحيث يتناسب مع الجمهور الذي يُقدّم له”.
مضيفة “يمكننا القول أنه منذ القرن الثامن عشر، ومع انتقال مركز الثقل من النص إلى العرض، تبلور المصطلح وتم التمييز بين الكاتب والدراماتورج، ولم يعد مفهوم الدراماتورجيا مرتبطاً بفن تأليف المسرحيات”.
وبيّنت الأستاذة أن “الدراماتورجيا ارتبطت بالتطور التاريخي للمسرح، وكذلك بتطور علاقة المسرح بالمؤسسة والأيديولوجيا من جهة، وبتطور علاقة المسرح بصانعيه من جهة أخرى”.
وعن سبب اختبار النص (قصة حب – الفصول الأخيرة)، أوضحت علي لأنه “يُعتبر نموذجاً للتحوّل الكبير الذي طرأ على شكل الكتابة المسرحية، هذه الكتابة الجديدة ، تُتيح لنا أن نفهم التوجّه الذي يأخذه المسرح في الألفية الثالثة”.
وأكملت “كما يطرح النص إشكالية التلقي على كافة مستويات النص حتى لو كان عبارة عن سرد لأنا مُتكلمة، فهو ليس مونولوجاً، فصاحب الكلام يسعى إلى التواصل مع متلقي عبر القول، وفي هذا إعادة النظر في القيم والثوابت ومسرحة من نوع جديد”.
وعن ظروف العمل مع طلاب السنة الثالثة أشارت الأستاذة إلى أن “الطلاب كانوا متحمسين جداً للعمل على النص، شاركوا في نقاشات طويلة للوصول إلى قراءة دراماتورجية عميقة للنص.
وأوضحت أنه تم التجريب كبحث فكري وجمالي، للوصول إلى صيغة العرض، بحيث بدا قريباً من الواقع السوري، دون الوقوع في مطب التبييء”.
وبالنسبة لنقل المفاهيم النظرية إلى التطبيق العملي، نوّهت علي إلى أنه “بعد التعريف بمعنى مصطلح دراماتورجيا وتطوره، وعلاقته بالكتابة المسرحية وبالإخراج، كان لا بد من توضيح المفاهيم المشتقة من كمفهوم “التحليل الدراماتورجي” ومفهوم “دراماتورجيا العرض” ، وذلك عبر ربط المصطلح بالسياق التاريخي لتطوّر المسرح.
وتابعت “ثم انتقلت مع الطلاب إلى الجانب التطبيقي من خلال العمل على نص (قصة حب – الفصول الأخيرة) وهنا عملنا على أكثر من مستوى، عبر ثلاث مجموعات، المجموعة الأولى تولّت تدقيق الترجمة، وتقديم تحليل للنص وربطه بالسياق الثقافي والاجتماعي والسياسي الذي أفرزه”.
مشيرة إلى أن “المجموعة الثانية تولت إعداد النص للعرض ، أما المجموعة الثالثة وهي دراماتورج المنصة، فقد دخلت في صلب العملية الإخراجية، وانطلقت من خصوصية النص الذي يفترض تعاملاً جديداً من حيث أداء الممثل، بمعنى عرض الذات، فالشخصية هنا تحولت وخاصة على مستوى الهوية، فهي قبل كل شيء صوت متكلم يأخذ هويته من شرط الكلام”.
وبيّنت علي أن “اللعبة المسرحية تكمن في الأداء الصوتي والنص السمعي، وعلى مسرحة تقترب من الشعر، من ناحية أخرى ، ولأن العرض يبدو أقل ارتساماً داخل النص، لذلك فإن فسحة المرئي في العرض كانت فسحة بكراً تابعة لخيال المخرج” .
ويهدف العرض، بحسب الأستاذة المشرفة، إلى العمل أكاديمياً على مفهوم الدراماتورجيا بشقيها النظري والعملي لامتلاك الطالب أدوات تمكّنه من العمل كدراماتورج بعد التخرّج ، وكذلك التعرّف على هذا النوع من المسرح المعاصر عبر أهم وجوهه الكاتب لاغارس”.
معتبرة أن “التعرّف على هذا المسرح قد يكون نوعاً من الإلهام والتنشيط لمسرحنا، وقد أردت تحقيق التعاون مشاركة الطلبة من أقسام المعهد (الدراسات – التمثيل – السينوغرافيا – التقنيات)”.
وكانت الدكتورة ميسون أوضحت في منشور عبر صفحتها على “فيسبوك “أن “(قصة حب) تحكي المسرحية عن الفصول الأخيرة لمسرحية جرت عام 1990 ، وتحكي قصة رجل كتب مسرحية، وفي يومٍ ما يلتقي مع رجلٍ آخر وامرأة ، ويقوم الثلاثة بقراءة نص المسرحية”.
وتابعت “ولا يتضح إن كانوا يؤدون أو يمثلون المسرحية (فهم ممثلون)، أو أنهم يكتشفونها لأول مرة كنص لصديق ، فالمسرحية تقوم على هذا الالتباس، وعلى التباس آخر على مستوى الزمن، حيث يُستحضر الماضي بشكل دائم ليُعاش في الحاضر، دون أن يتم التخلي عن المسافة النقدية التي تفصل زمناُ عن آخر”.
يذكر أن العرض، من أداء الطلاب : رزان نعوف، عمر بدران، أحمد حمودة، وبمشاركة ضياء النجاد وعمر حواصلي، دراماتورج: باسم أمون، وفاء العبدالله ،نورا سليمان وجواد عزّام، ومن إخراج : سليمان حمود وفواز حسون.
رنا سليمان _ تلفزيون الخبر