هل تخاف أن يفوتك حدث او خبر؟..أنت مصاب ب “متلازمة فومو”
ليست “متلازمة فومو” والتي هي اختصار لمصطلح (Fear of missing out او الخوف من أن يفوتك شيء) بظاهرة جديدة اجتماعيا، لكن وسائل التواصل الاجتماعي غذتها وضخمتها حتى أصبحت إحدى الأمراض الاجتماعية المرتبطة بهذه الوسائل واكثرها وضوحا.
حيث أصبحت حياة عدد كبير من الأشخاص تسيرها بعض المعلومات التي يستمرون في متابعتها على مواقع التواصل، فأصبح عدم الاطلاع على المعلومات يوميا يشعرهم بالقلق والخوف من فوات المستجدات.
وتعتبر “متلازمة فومو” حالة نفسية ، تجعل البعض يفكرون بأنهم لا يمتلكون معلومات حيوية أي أنهم لم يعودوا جزءا من المجتمع، كما أن الشعور يشمل أيضا الخوف من فقد الهاتف الجوال أو فقد الشاحن، أو فقدان متابعة صديق أو شخصيَّة مشهورة، أو فقدان نقاش معيَّن، الأمر الذي يتحول إلى قلق مستمر يؤثر تأثيراً مباشراً في أجهزة الجسم كالتأثير على عدد ساعات النوم.
ما الذي يدعو إلى هذا الخوف غير المنطقي؟
من وجهة نظر علم النفس، فإن «الفومو» يظهر أحيانًا نتيجة تجارب مؤذية يتعرض لها الأشخاص، يصيبهم على إثرها القلق الاجتماعي، الذي يدفعهم للرغبة في التواجد متصلين بالمجتمع الافتراضي الذين يندمجون فيه على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد يتحول ذلك القلق إلى قلق قهري يجعل الشخص لا يستطيع أن يفوت لحظة لا يكون مطلعًا فيها على ما يدور في حساباته على هذه المواقع.
وتمثل الحالة فقدان لكل ما ما يبحث عنه المصابون به في محيط الأسرة والأصدقاء، ولا يجدونه إلا على مواقع التواصل الاجتماعي، فهم دوما يتساءلون من يتابعهم، ومن يهتم لأمرهم، ومن علّق على منشوراتهم، ومن وضع “لايك”.
وهكذا فلا يستطيعون أن يعيشوا يومهم بشكل طبيعي إلا من خلال الـ”فيس بوك”، و”تويتر”، والـ”واتس أب”، بل ويعطون متابعيهم أدقَّ التفاصيل.
وكشفت دراسة أجراها موقع “ماي لايف” أن أكثر من نصف مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يعانون متلازمة “فومو”، وكشفت أن 56 في المائة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يشعرون بأن شيئا ما ينقصهم عند الابتعاد عن حساباتهم على مواقع التواصل، ما يجعلهم حريصين على الاستمرار في متابعة تلك الحسابات.
وتشير إحدى المختصات بعلم النفس إلى أن “هؤلاء الأشخاص يحسون بأنهم لا ينتمون إلى المجموعة، وغير مواكبين للعصر لأنهم في حواراتهم ونقاشاتهم مع الأصدقاء وفي كل المجموعاتـ يحبون أن يكونوا مواكبين لكل المواضيع”.
وقالت المختصة إن “ذلك يعود إلى القدرة على التعبير في مواقع التواصل الاجتماعي لدى بعض الأشخاص، أكثر من الطريقة المباشرة، لأن الاستمرار في تتبع المواقع يعطي للشخص آليا معلومات عما يريده وهو ما يزيده أكثر ادمانا”.
وأرجعت هذا الإدمان إلى “امكانية فراغ يعيشه بعض الأشخاص، وخصوصا الفراغ العاطفي وغياب شخص قريب يمكن التواصل معه من دون حواجز، وهو ما يجعل هؤلاء الأشخاص يبحثون عن حياة عادية ولا يملؤها برأيهم غير هذه المعلومات”.
وأضافت أن بعض الاشخاص ليس لديهم الجرأة في التواصل مباشرة مع الناس، ويصبح تواصلهم في الانترنت أسهل إليهم، لأنهم يعانون من مشاكل في الاندماج داخل المجتمع، إلى جانب الصعوبة في تبادل المعلومات، وهو ما يجعل الكثيرين، سواء نساء أو رجالا، عاطلين عن العمل أو عاملين، كلهم يريدون مواكبة العصر”.
ولا يقتصر وجود هذه الحالة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يشبه بعض الباحثين بحالة شخص جهز العشاء لنفسه وحيدا، مع شعور بالرضى والهدوء والرغبة بهما، يتصل به أصدقاؤه ليخبروه أنهم مجتمعين على العشاء لدى احد منهم، ويقومون بدعوته للانضمام إليهم.
ويرفض الشخص الدعوة بقناعة تامة ويفضل تناول عشاءه كما خطط له، لكنه وبعد وقت قصير ولسبب غير واضح لا يعود يشعر بالرضى نفسه الذي كان موجودا قبل محادثة أصدقاءه، فوجودهم معا يشعره بالقلق من ان يفوته حدث ما أو خبر وهو بعيد، وهذه هي بالضبط ال “فومو”.
وتعيد إحدى عالمات النفس الظاهرة إلى زمن الحياة البدائية، عندما كان الأشخاص يعيشون ضمن قبائل مختلفة، وكان يتوجب عليهم المتابعة المستمرة للأخطار المُتوقعة التي تحيط بهم، أو بالقبيلة التي ينتمون إليها، مما دفعهم لأن يجوبوا أنحاء المكان الذي يقيمون فيه على هيئة مجموعات صغيرة.
وهو أمر اعتبر آنذاك مسألة حياة أو موت، فإذا كان أفراد القبيلة يجهلون مصدرًا جديدًا للطعام، فهذا يعني أنهم فقدوا عاملًا حيويًا، وقد يقودهم ذلك فعليًا إلى الموت، ثم تطور الأمر شيئًا فشيئًا، فظهرت الصحف ثم التليفزيون، وبعد ذلك الإنترنت، وصولًا إلى شبكات التواصل الاجتماعي.
تم استخدام المصطلح للمرة الأولى من قبل أكاديمي في مجلة هاربوس التابعة لكلية هارفارد للأعمال في أمريكا، وسجل في قاموس اكسفورد عام 2006.
تلفزيون الخبر