في اليوم العالمي للترجمة .. أهميتها ونشأتها
الترجمة هي عملية تحويل نص أصلي، ويسمى (المصدر)، من لغة ما إلى نص آخر، ويسمى (الهدف) في اللغة الأخرى، وتعتبر الترجمة فناً مستقلاً بذاته، فهو يعتمد على الإبداع والحس اللغوي والقدرة على تقريب الثقافات، مما يمكن الشعوب من التواصل والاستفادة من خبرات بعضهم البعض.
والترجمة ليست مجرد نقل كل كلمة بما يقابلها في اللغة الهدف، ولكن نقل للمعلومة ذاتها ونقل لفكر الكاتب وثقافته وأسلوبه أيضاً، واختلفت النظريات في الترجمة على كيف تنقل هذه المعلومات من المصدر إلى الهدف، فوصف الناقد الأدبي “جورج ستاينر” نظرية ثالوث الترجمة: (الحرفية) الكلمة بالكلمة و(الحرة) الدلالة بالدلالة والترجمة الأمينة.
وتعد الترجمة فنا قديما قدم الأدب المكتوب، حيث ترجمت أجزاء من ملحمة جلجامش السومرية، التي تعد من أقدم الأعمال الأدبية المعروفة، إلى عدة لغات آسيوية منذ الألفية الثانية قبل الميلاد.
وعرف العرب الترجمة منذ أقدم العصور، وأشار الدكتور عبد السلام كفافي في كتابه “في الأدب المقارن” إلى أن العرب كانوا يرتحلون للتجارة صيفًا وشتاء ويتأثرون بجيرانهم في مختلف نواحي الحياة.
وخلال رحلهم، عرفوا بلاد الفرس، وانتقلت بعض الألفاظ الفارسية إلى اللغة العربية، وظهرت في قصائد كبار الشعراء، وكان الأعشى من أشهر من استخدموا في شعرهم كلمات فارسية.
وفي العصر العباسي، ازدادت الحاجة إلى الترجمة، فترجم العرب علوم اليونان، نقلوا عنهم علوم الطب والفلك والرياضيات والموسيقى والفلسفة والنقد.
وبلغت حركة الترجمة مرحلة متطورة في عصر الخليفة هارون الرشيد وابنه المأمون، الذي كان يمنح بعض المترجمين مثل حنين بن إسحق ما يساوي وزن الكتب المترجمة إلى العربية ذهبًا.
وكان حنين بن اسحق عاش فترة في اليونان بهدف دراسة اللغة اليونانية، وكان يترجم الجملة بجملة تطابقها في اللغة العربية، ولا يترجم كل مفردة على حدة، حيث ترجم كتاب “الأخلاق” وكتاب “الطبيعة” لأرسطو.
ومن المعروف أن المأمون أسس بيت الحكمة في بغداد بهدف تنشيط عمل الترجمة، وكان يختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات، إلى أن صار المركز العلمي الأول في العالم الإسلامي، بعد اختفاء مكتبة الاسكندرية.
وكان بيت الحكمة مفتوحا لكل من الرجال والنساء، وشجع العلماء الذين تم اضطهادهم من قبل الامبراطورية البيزنطية على الدراسة في بيت الحكمة، نتيجة لذلك جمع بيت الحكمة العديد من اللغات المختلفة، بما في ذلك العربية والفارسية والآرامية والسيريانية واللاتينية واليونانية.
ويجمع دارسو الترجمة ومُمارسوها على أن من أعظم مشاكل الترجمة هي عجز المترجم (أياً كان) في توصيل المعنى الدقيق لأية مفردة في النص الذي يريد نقله إلى لغة أخرى، وترجع هذه المشكلة إلى عدة عوامل، أهمها:
أن كل لغة تحمل في طياتها العديد من المرادفات التي تختلف في معانيها اختلافاً طفيفاً عن بعضها البعض، ويقول الكثيرون بأنه لو لم يختلف المرادف (أ) عن المرادف (ب) لما وجد الاختلاف في شكل الكلمة ولا هيئتها.
بالإضافة إلى أن كل لغة لا بد وأنها تنتمي إلى ثقافة معينة، وبالتالي فإن المترجم قد ينقل الكلمة إلى لغة أخرى ولكنه لن يستطيع أن ينقل ثقافة هذه الكلمة بشكل فعال، بحيث ينقل تصور صاحب الكلمة الأصلية إلى اللغة المستهدفة في الترجمة، وتؤدي تلك الاختلافات اللغوية على مستوى المفردة إلى إشكاليات كبيرة للمترجم.
يشار إلى أن العديد من المستشرقين أكدوا على دور العرب في تطور الحضارة الأوروبية، كما أشار بعض الأدباء الغربيين إلى فضل علوم العرب على الغرب، ومن أشهرهم الأديب الألماني “غوته”.
تلفزيون الخبر