موجوعين

من إغلاق “تلاقي” مرورا بـ”الحبي دبي” وصولا لتكريم يسر دولي .. من أنتم؟!

لم يتفاجئ أحد بقرار إغلاق قناة تلاقي الشبه رسمية كون القناة لم تحقق المطلوب منها حسب القائمين عليها، ولأنها تكلف الخزينة أموالا هي بحاجتها، وكأن القنوات الأخرى المملوكة من الدولة تحقق المطلوب و”عين الله عليها مأحلاها”.

ولكن هل فكر أحد من القائمين على القناة أو من الذين أغلقوها ما هو مصير أعداد الشباب العاملين فيها؟، أولئك الذين بالفعل آمنوا بأن هذه القناة ستكون متنفسا لهم وبداية الانطلاق نحو تحقيق أحلامهم؟، “خلص” يغلقونها هكذا بكل بساطة والشباب العاملين “دبر راسك”.

الشباب السوري ومنذ مدة طويلة فقدوا جزءا كبيرا من ايمانهم بأن أي شيء أو مؤسسة في هذا البلد تقبل بهم وبأحلامهم وبمشاريعهم، منذ أن استقبلت الحكومة فتى مصري “ لم ينبت شعر لحيته بعد “ وجلبته لينظر على الشباب السوري بالوطنية وحب البلد والقضية.

واتهم كثيرون الشباب السوري الذي “لم يقبض” الشاب المصري على محمل الجد بأنهم “يغارون منه” لأنه “طلع ع القنوات وهنن لاء”، وكأن الخطأ خطأ هؤلاء الشباب الذين صدموا من منظر الشاب المصري “يحاضر” بأساتذتهم في الجامعة من على مدرج جامعة العاصمة دمشق.

هل يسمع مسؤولو البلد ما يقول الشباب السوري عن مسابقات الحكومة؟ إحدى تلك المسابقات في إحدى الوزارات كانت أول الأسماء الناجحة فيها أسماء أولاد بعض الوزراء، هكذا جهارا وعلانية “يسرق” شباب سوريا أمام الجميع “والزلمة يحكي”.

من يسمح لمطربي “الحبي دبي” و “الديكي دح” بالظهور على شاشات الاعلام؟، ولماذا تغلق في وجه الشباب السوري كل السبل للتعبير عن أرائه والتعبير عن الانسان السوري الراقي الذي لا يقل شأنا عن أقرانه، وما نجاح المغتربين السوريين في الخارج إلا دليلا واضحا على أن الخطأ ليس من شباب متحمس يصطدم بعقلية متحجرة تفضل “تمسيح الجوخ” على الكفاءة.

هل بالفعل عمر سليمان يعطي الصورة الحقيقية عن الانسان السوري وثقافته وتاريخه وحضارته ؟ عمر سليمان الذي غنى من على مسرح أوسلو في حفل توزيع جوائز نوبل منذ ثلاث سنوات هو مطرب أقل من أن يقال فيه شعبي، الموسيقى والكلمات التي يقدمها أشبه بهراء فكري، والشباب السوري ينشر أفكاره وانتاجه الفكري الثقافي على “فيسبوك” لأنه المكان الوحيد الذي يقبل بهم على ما يبدو.

ورغم كل ذلك الشباب السوري ظل يؤمن “ولو نتفة” أن أحدا ما سيلتفت إليهم ويسألهم ويأخذ برأيهم، وهم الذين يرون مستقبلهم وبلادهم منذ أكثر من ست سنوات يدخلان نفقا لا أخر له، فيكافئهم المسؤولون بإغلاق قناة كانت بالحد الأدنى “تطالع” على شاشاتها هؤلاء الشباب، ويدعم بالمقابل ثقافة “الجنوا نطوا” التي يمثلها جزء كبير من التجمعات والفاعليات والبصمات المحسوبة على فلان وعلتان.

حتى في المجال الرياضي الشباب السوري لا مكان له، فالحذاء المهترئ لأحد الرباعين السوريين المشاركين في أخر أولمبياد عالمي كان أشبه بعنوان عريض لسياسة مسؤولي الرياضة تجاه شبابها، والمنتخب السوري لكرة القدم هل من أحد لم يسمع بجملة “لم نستعد جيدا لهذا الاستحقاق”، وكأن مسؤولي الرياضة في بلادنا يتفاجؤون دائما بالاستحقاقات المقررة بالأصل قبل سنوات!.

ردود فعل السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تكريم “الشاعر والمسرحي” يسر دولي جاءت ككل الأحداث مؤخرا، غاية في التهكم وقمة في السخرية، السوريون أصبحوا أبطالا الكوميديا السوداء، ينظرون إلى مسؤوليهم غير مصدقين ما يحدث، شاعر الأسيتون والشلمونة المعضوضة يكرم!.

يعيبون على بعض الشباب السوري يأسه وهجرته خارج البلاد وهم يدوسون بفكرهم الصدئ أحلاما يتراكض مسؤولو البلاد الأخرى وراءها، هل يعرف هؤلاء المسؤولون كم لاعبا قطريا يجنس سنويا لأن لا شباب “متل يلي عنا” لديهم؟، هل يسمع هؤلاء المسؤولون بالمنح والتخفيضات المقدمة للشباب السوريين؟.

ما هو المطلوب من شباب سوريا كي يؤخذوا على محمل الجد ؟، كي يرى فيهم مسؤولو هذا البلد ما يراه الأجنبي، ترى ما هو رد مسؤولي سوريا ذات السبعة ألاف سنة حضارة حين يتوجه الشباب السوري إليهم سائلا “من أنتم”؟.

 

علاء خطيب – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى