نجمة من سماء الزمن الجميل.. “ميادة الحناوي” من هناك إلى يومنا
ربما لم يكن ما قاله الموسيقار رياض السنباطي عن المطربة السورية ميادة الحناوي بأن سعادته التي بدأت في حياته الفنية مع أم كلثوم انتهت مع “ميادة الحناوي”، يحكي حال السنباطي فقط، فهذا ما يُجمَع عليه ويرويه الكثيرون عن مطربة سورية توقف عندها زمن العمالقة الجميل.
فهي التي نشأت مع الكبار، بعد ولادتها في مدينة حلب في العام 1959، وكان آخر ما منح لها من ألحانهم لحن قصيدة “أشوق” ورائعة “ساعة زمن”، للسنباطي، وكان لها لقب “مطربة الجيل” الذي منحها إياه الإعلامي محمد بديع سربية.
حيث لم تتوقف مسيرة إبداع الحناوي مع العمالقة عند السنباطي إذ جمعتها مع بليغ حمدي روائع كثيرة أشهرها “أنا بعشقك”، و”الحب اللي كان”، وكلاهما كتبتا للمطربة التي كانت أول من سُجّلت أغانيها بنظام المسارات الصوتية الذي يسمح بتسجيل اللحن على مسار والغناء على آخر، وكانت أيضاً أول مطربة عربية تطلق أغانيها على أسطوانات ليزر.
ميادة الحناوي التي وضعتها التصنيفات في الصف الأول بين المطربات العرب، والتي غنت منذ طفولتها وأعاد اكتشافها الموسيقار محمد عبد الوهاب عندما استمع إلى صوتها في إحدى سهراته بمصيف في بلودان عام 1977، الذي كان يعرف على أنه “مصيف المشاهير”.
حيث اكتسبت ميادة الحناوي الشهرة الأكبر بعد أن صدرت أغانيها عن طريق الكاسيت والفيديو كليب عبر شاشة التلفاز، وكانت تقدم حفلاتها في الكثير من البلاد العربية برفقة فرقة “الفجر”.
وكانت حفلاتها تذاع وتعرض على كافة المحطات العربية، وكانت الألحان ترسل لها على شريط كاسيت من كبار الملحنين العرب والمصريين وتتدرب عليها وتسجلها.
وتعاملت ميادة الحناوي مع كبار الملحنين في مصر على رأسهم الفنان الكبير محمد الموجي والذي أطلقت معه أولى أغانيها مما أغضب الموسيقار محمد عبد الوهاب وجعله يسحب منها أغنية “في يوم وليلة” لتذهب للفنانة وردة.
وكانت انطلاقة الحناوي الكبرى مع الموسيقار بليغ حمدي، أما رائعتها “نعمة النسيان” والتي مازالت الأجيال ترددها فهي من ألحان الفنان عازف الأكورديون “فاروق سلامة” الذي كان يعزف في فرقة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ.
وبالعودة إلى بليغ، فقد غنت ميادة معه أروع أغانيها الطربية مثل “أنا بعشقك” – “الحب إلى كان” – “أنا اعمل إيه” – “سيدي انا” وغيرها من أروع الأغاني التي حققت لها انتشاراً كبيراً في العالم العربي وبين الجاليات العربية بأميركا وأوروبا.
وكانت ترافق الحناوي عدسات كبرى المجلات العربية في حفلاتها وعلى رأسهم مجلة “الموعد” ممثلة بالكاتب محمد بديع سربية، والذي غنت ميادة أيضاً من أشعاره، وقال عن نجاحها: “ميادة حققت في ثلاث سنوات ما حققته وردة الجزائرية في ثلاثين عاماً”.
وبعد رحيل الأب الروحي لميادة بليغ حمدي الذي وهبها آخر لحن له “عندي كلام” من كلمات الشاعر عبد الرحمن الحوت، بدأت ميادة بالتعاون مع الجيل الجديد من الشعراء والملحنين، وذلك في ألبوم “غيرت حياتي” الذي شكل بداية غناء ميادة للأغاني الطربية القصيرة.
وصورت حينها “فيديو كليب” لذات الأغنية (غيرت حياتي) فحققت انتشاراً لميادة الحناوي بين جيل جديد من الشباب، ليتوالى بعد ذلك تعاونها مع الملحنين الشباب ومنهم صلاح الشرنوبى الذي أطلقت معه “أنا مخلصالك” و”مهما يحاولوا يطفوا الشمس”.
وفي عام 1999 صدر لميادة الحناوي البوم “توبه” من ألحان الموسيقار صلاح الشرنوبي، وأصدرت ألبوم “عرفوا إزاي” الذي تم تسجيله عام 2000 وظل يتأجل لأربع سنوات كاملة ليصدر في نهاية عام 2004.
خلال تلك الفترة احيت ميادة الحناوي العديد من الحفلات الناجحة في سوريا ومصر والعالم العربي كان منها حفل قرطاج عام 2005 والذي حضره 13 ألف متفرج وكانت ميادة نجمة الحفل الوحيدة.
في العام 2007 أصدرت ميادة الحناوي أغنيتين وطنيتين الأولى لسوريا بعنوان “يا شام” وتبعتها أغنية مهداة منها للبنان بعنوان “بيروت يا عروس الشرق”، وكلا القصيدتين من كلمات الشاعر نبيل طعمة وألحان الملحّن الشاب خالد حيدر، تبعه في بداية عام 2008 أوبريت في دمشق “يسلم ترابك يا شام” ألحان هيثم زياد.
وكان لميادة الحناوي ابنة مدينة حلب، فرحتها بنصر سوريا في مدينتها حين أحيت العام الماضي 2018 حفلاً على مسرح قلعة حلب التي انتشت حجارتها طرباً بصوتها قبل الحضور.
إذ لطالما انتظر السوريون وأهل المدينة عودة هذا الصوت ليصدح ويروي آذاناً عشقت الموسيقى العربية الأصيلة وتمسكت بها رغم كل محاولات “التطوير” والتغيير التي انتشرت مؤخراً.
وأحيت الحناوي الحفل مبتدئة بأغنيتها “أنا مخلصالك”.. ساعاتٍ من الطرب الأصيل عاد بها الحاضرون إلى فضاءات الزمن الجميل، حين تنقلت الحناوي بين لحن للموسيقار بليغ حمدي وقصيدة للشاعر هذا ولحن آخر لمبدع آخر، وألحان وكلمات كثيرة لمن شاركوها مسيرة إبداع حنجرتها الذهبية.
ومما قالته حينها: “شرف لأي فنان أن يعتلي هذا المسرح، ويغني في قلعة حلب الشامخة وأمام جمهورها العظيم، فعلى الرغم من الحفلات العديدة لي على مسارح قرطاج وجرش وبعلبك. يبقى للقائي بأهلي و(السميعة) رقم واحد في العالم وقع وجداني”.
وأضافت: “شرف كبير لي أن أغني احتفالاً بالانتصارات العظيمة، وعودة الحياة لبلادي ومدينتي حلب”، وخلال ذاك الحفل، تعبت الحناوي لكنها تابعت في بث الفرح بين الحضور حتى لو اضطرت أن تجلس على كرسي لتتابع غناءها.
وكانت الفنانة ميادة الحناوي أحيت ليل الخميس، 8 آب، حفلاً في مهرجان صفاقس في تونس، وشعرت بالتعب وتعثرت، مرجعة ذلك إلى موجة الحر، لكنها تابعت الغناء بعد وقوعها ومساندة قائد الفرقة لها، خلال تفاعل كبير من قبل حاضري الحفل.
روان السيد – تلفزيون الخبر