علاج الحروق بين الطب الأكاديمي و”البديل” أو ما يعرف بـ”الطب العربي” في سوريا
لطالما يعانى الكثير من الناس من الأمراض والآلام الجسدية والحالات المختلفة التي من الممكن أن تصيب الجسم البشري، والتي كان حلها بسيط عند الطبيب المختص في حالات شتى، ومن هؤلاء من وقع ضحية على يد “الطبيب البديل” أو المختص “بالطب العربي” كما يعرف شعبياً.
فإيمان العربي “بالطب البديل” والقائمين على العمل به يرجع إلى عصور قديمة، خلت حينها البلاد من الأطباء الاختصاصيين، من أمثلتها الأطباء المختصين بعلاج الحروق.
ولا يقتصر العمل “بالطب البديل” على العرب فقط، بل يستخدمه الصينيون كجزء من الثقافة الصينية المنتقلة من جيل لآخر، أما في أفريقيا فما تزال العلاجات البديلة هي الحل مقابل غياب الطب الأكاديمي أو ارتفاع كلفته.
ويعرف “الطب البديل” على أنه “اللجوء في العلاج الجسدي إلى طرق غير طبية، منها ما يتم تناوله عبر الفم، أو تماسه مع الجسد، ومنها ماهو عقلي أو روحي”.
ويستخدم عادة في الطب البديل، وفقاً لأنواعه المختلفة، “العلاج بالأعشاب، الماء، الكهرباء، التدليك، العلاج الصيني الشعبي”، وهناك أنواع أكثر غرابة منها “العلاج بالفن (الموسيقى والألوان)، العلاج بالطاقة، العلاج بالأحجار الكريمة، والعلاج بالحرارة أو البرودة”.
وبين أستاذ ورئيس شعبة الجراحة التجميلية والترميمية والحروق في مشفى تشرين، الدكتور فراس ملحم، لتلفزيون الخبر أن “اختصاص علاج الحروق يعد ركناً رئيساً من أركان الجراحة التصنيعية يضاف إلى الجراحة التجميلية والجراحة الترميمية للتشوهات والحوادث”.
ويرى الدكتور ملحم أن “النتائج السلبية التي تنجم عن اللجوء لما يسمّى “بالطبيب العربي” هي وضع الضماد ضمن ظروف غير عقيمة من الممكن أن تسبب الأخماج التي تهدد الحياة، وتطبيق العلاج نفسه على الحرق بغضّ النظر عن تحديد عمق الحرق ودون مراعاة الاختلاف في العلاج تبعاً لدرجة الحرق”.
وأضاف د.ملحم أن “الاستمرار أحياناً بوضع الضماد لمدة طويلة بهدف الاستغلال المادي بالرغم من عدم الحاجة لذلك، إن افترضنا أنّ الحرق سطحي، يؤثر سلباً على الحرق وعلاجه”.
وتابع “كذلك تأخير التداخل الجراحي وضياع اللحظة المناسبة لهذا التداخل إن افترضنا أن الحرق عميق وبالتالي هدر الوقت و التأخير بعودة المريض إلى الحياة الطبيعية”.
وأكد د.ملحم أن “عدم مراعاة القواعد المتبعة في العلاج المحافظ الدوائي ينجم عنه وضعيات خاطئة غير وظيفية مع تحدد بالحركة”.
وأردف الطبيب “يسبب ذلك عجزاً وظيفيّاً ما يتطلب تداخلاً جراحياً لفكّ الانكماشات والالتصاقات التي تحدث علماً أنّه كان من الممكن تجنّب كل تلك المشاكل منذ البداية”.
وشرح د.ملحم أن “الطب البديل من الممكن أن يكون مفيداً في حالات الحروق من الدرجة الأولى فإنّ الاعتماد عليه بشكل كلي يكون كارثيّاً بحال عدم اللجوء لطبيب اختصاصي بالجراحة التصنيعيّة”.
وتنبع أهمية علاج الحروق بالطرق الطبية الصحية، وفقاً للدكتور ملحم، من “تأذّي الجلد بالدرجة الأولى ذلك العضو النبيل الذي تتنوّع وظائفه فهو، يحافظ على حرارة الجسم ويمنع فقدان السوائل كما أنّه يمنع الغزو الجرثومي”.
ولفت د.ملحم إلى “ضرورة تقييم الحاجة لتعويض السوائل، ويجب تسكين الألم بشكل سريع ومباشر، لما تسببه حالات الحروق من آلام عميقة مقارنة بحالات أخرى”.
وأشار د.ملحم إلى أنه “في حالات الحروق، يولى الاهتمام الأكبر للأطفال والمسنون، كذلك الأمر نسبي وفقاً للعضو المحروق، فالوجه والعنق والثنيات المفصلية والعجان يجب أن نوليها اهتماماً خاصّاً”.
وأوضح د.ملحم أن “أهداف الطبيب الاختصاصي تتنوع وتختلف، ففي المقام الأوّل يأتي إنقاذ الحياة ومن ثمّ شفاء المنطقة المحروقة دون أن يترك الحرق أثراً أو ندبة دائمة تشوه جسد الشخص المتعرض للحريق”.
وعن بعض الحلول الطبيعية ومدى جدوى استخدامها في علاج الحروق، يعدد د.ملحم بعض الأصناف النباتية “كأعشاب “كالألّو ڤيرا” التي تستخدم في المستحضرات التي من شأن استعمالها تخفيف الألم وتسريع عملية الشفاء وتقليل المظاهر الالتهابية، وينطبق الأمر على العسل المستخدم في الكثير من المستحضرات التي تعالج الحروق وتسرع عملية الترميم”.
وتابع د.ملحم أن “الإحصائيّات تُظهر أن الحروق بمعظمها من الدرجة البسيطة والتي يمكن أن تشفى بأقل جهد ممكن ودون الحاجة لا لطبيب عربي ولا لطبيب اختصاصي ويلقي هذا الضوء على الآلية التي يتم فيها التسويق “للطب البديل”.
يشار إلى أن العلاج بما يعرف “بالطب العربي”، يشمل مجالات مختلفة، كعلاج الحروق، الروماتيزم، إيجاد الحلول لمختلف الحالات التجميلية كالسمنة، خشونة البشرة ومظهرها المتعب، ويصل الأمر عند البعض من “مختصي الطب البديل” إلى إدعاء علاج العقم.
وكانت وزارة الصحة الألمانية، حذرت عام 2016 من العلاج بالطب البديل، بعد وفاة ثلاثة مرضى بالسرطان إثر تناولهم علاجات بديلة عن العلاج الطبي المخصص لهم، بحسب وكالات أنباء ألمانية.
وتبين الإحصائيات والتقارير في مختلف دول العالم إلى أن “ضحايا أطباء الطب البديل غالبيتهم من النساء، نظراً لتأثيرهم على عواطف النساء من خلال الإعلانات ذات طابع العلاج السحري، أو من خلال تجارب متناقلة لم تثبت صحتها على الدوام.
الجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية “WHO” ذكرت في كتاب “استراتيجية منظمة الصحة العالمية في الطب الشعبي” أن “48% من العلاجات البديلة منافعها غير واضحة مقارنة بالحالة التي تعالجها”.
لين السعدي_تلفزيون الخبر