“قمحة ولّا شعيرة” .. لماذا يرافق الأهالي أبناءهم إلى المراكز الامتحانية؟
يقال: “لا يفضّل الأب والأم أن يكون أحد أهم منهم في الإنجازات والمستقبل سوى أبنائهم”، ومن هنا تعيش معظم العائلات السورية التي يمر أبناؤها بمرحلة الشهادات العامة (تاسع وبكالوريا) حالات قلق مستمر وسهر و”تعيير منبهات” واختيار الأطعمة التي تزوّد الطالب بالطاقة والقدرة على الاستيعاب والتركيز، ويكون للأم في ذلك الدور الأبرز.
وتبدأ الاستنفارات تزامناً مع إعلان برنامج الامتحان، وتكثر حينها ملاحظات وتوجيهات الأهالي لأبنائهم وتحفيزهم على الدراسة وتأمين الأجواء الملائمة لها في المنزل، إلى أن يأتي يوم الامتحان الموعود لتصبح الاستنفارات على أشدها حتى تصل إلى باب المركز الامتحاني.
حيث يرافق أغلب الأهالي أبناءهم الطلاب في طريق الذهاب إلى الامتحان وينتظرونهم أمام المراكز ريثما تنقضي ساعة أو ساعتي الامتحان، ليخرج الطالب ويسأل سؤال “قمحة ولا شعيرة”.
وفي حال كان أحد الوالدين دارساً وعارفاً بمحتوى المنهاج والاسئلة يبدأ بالحل، كما يكون كثير منهم أصبحوا على اطلاع علي المناهج من خلال دراسة أبنائهم “والتسميع” والمناقشة.
ويعتبر البعض أن ذهاب الأهالي مع أبنائهم إلى المركز الامتحاني ليتربصوا لهم ويتابعونهم حتى آخر لحظة قد يسبب قلقاً وتوتراً لدى الطالب، بينما يرى آخرون أن في ذلك طمأنة للطالب ومنحه الشعور بالأمان لاسيما في مرحلة شهادة التعليم الأساسي.
تقول والدة أحد الطلاب: “أرافق ابني إلى الامتحان حتى لايشعر بالقلق، علماً أنه ضمناً بيني وبين نفسي يكون القلق حليفي أنا لكني لا أشعره بذلك، هو ابني الأكبر وهذه أول حالة شهادة تمر علينا في المنزل، ونحن نتمنى أن يحصل على المجموع التام”.
بينما تعتبر أم طالب آخر أنه “ما من داعٍ لترافق ابنها إلى المدرسة، فهي تتركه ليذهب بصحبة أصدقائه، ولا تريد أن تنزع عليه هذه اللحظات، بحسب تعبيرها، لكنها تنتظره في المنزل على أحر من الجمر، ولا تعود للنوم بعد ذهابه صباحاً إلى الامتحان حيث تجلس وتقضي الوقت بالدعاء والصلوات وقراءة القرآن”.
من جهتها، الناشطة في مجال التربية والطفولة، مي أبو غزالة، أوضحت لتلفزيون الخبر أنه “في هذه الحالة يكون الأهل في حالة توتر وحرص على أبنائهم، وهم يظنون أنهم في حال مرافقتهم لهم إلى الامتحان يمنحونهم الأمان، لكن هذا أسلوب خاطئ”.
وتابعت أبو غزالة “الأهل في بعض التصرفات والأقوال يعملون على إضافة ضغوط على أبنائهم فيما قبل الامتحان بشهور، ظناً منهم أنهم يسدون النصائح ويقدمون لهم العون، لكن أكثر هذه الأساليب المتبعة تزيد الضغط على الأبناء ومنهم من يشعر بالإحباط ويفقد الإصرار”.
وأشارت أبو غزالة إلى أن “حكاية الأهل مع أبنائهم في التعامل على هذا النحو لها علاقة أساساً بآلية تربية الطفل منذ مراحله الأولى في كافة تفاصيل حياته حتى يصل إلى يوم الامتحان هذا”، مضيفة أنه “منذ الطفولة بعض الأهل يتبعون أساليب تربية خاطئة”، مردفة “طبعا هي غير مقصودة”.
وترى الناشطة التربوية أن “هذا قد يأتي بسبب قلة المعرفة، إضافة إلى تكرار آليات تربية الأمهات والأجداد، ليترسخ مايسمى بالموروث الخاطئ في التربية والتعامل مع الطفل واليافع”، منوهة إلى أن “هناك بعض الأهالي الذين لايمنحون لأبنائهم حتى حرية اتخاذ القرارات فيما يتعلق بمستقبلهم مثلا من ناحية الاختصاصات”.
وتختم أبو غزالة “يريدون جميع أبنائهم أطباء ومهندسين وصيادلة والخ …، مشيرة إلى أن ذلك يضعف ثقة الطالب بنفسه وبقدرته على اتخاذ القرارات فيما بعد، وحجة الأهل “نحنا بتهمنا مصلحتك”.
وتتابع “أما حجتهم مع أنفسهم فهي الحب والاهتمام بالطريقة غير الصائبة، وأحد أساليب تعبيرهم عن ذلك مرافقتهم إلى باب المركز الامتحاني، في الوقت الذي من الممكن أن يعبرون فيه عن ذلك بطرق واعية ودعم منطقي كأن يخصصون لهم درس خصوصي مثلاً في المواد التي يحتاج الطالب أن يرسخ تركيزه لها”.
وكان تداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي أكثرهم على “فيسبوك” صوراً لأهالي يقفون على أبواب المراكز الامتحانية خلال امتحانات الشهادات العامة في سوريا، حيث تختلف آراء المعلقين على تلك الصور، فمنهم من يراها حالة جميلة تربط الأهل بأبنائهم ومنهم من يعتبرها تعكس حالة غير واعية من قبل أحد الوالدين أو كليهما.
يذكر أن طلاب شهادتي التعليم الأساسي والثانوي مستمرون في تقديم امتحانات الشهادات العامة للعام الحالي 2019، حيث بدأت الامتحانات للشهادتين في التاسع والعاشر من شهر حزيران الجاري.
روان السيد – تلفزيون الخبر