الجيش طرد الظلاميين و”نور الحكومة” لم يدخلها .. هل تعود الكهرباء لأحياء حلب المحررة بعد ٣ سنوات على التحرير ؟
مضت حوالي سنتين ونصف على تحرير مدينة حلب بشكل كامل من المسلحين المتشددين الذين كانوا متواجدين بالأحياء الواقعة في الجهة الشرقية للمدينة، وما زال حوالي نصف المدينة يعم بالظلام نتيجة عدم وصول التيار الكهربائي إليها حتى الآن.
وكان خلّف تواجد المسلحين المتشددين، وفكرهم الظلامي، ظلاماً في عشرات الأحياء الحلبية، حيث طردهم الجيش العربي السوري منها في نهاية عام ٢٠١٦ بشكل كامل، إلا أن”نور الحكومة لم يدخلها بعد.
ويتساءل الحلبيون، فيما إذا كان رئيس مجلس الوزراء يعرف أن حوالي نصف مدينتهم بلا كهرباء، وخاصة أنه خلال زياراته، يزور مناطق محددة، تجهز قبلاً، لتبدو في أبهى حلة، وعلى بعد أمتار، يقف الدمار شاهداً على ما مر على المدينة من آلام.
وعدا عن تأمين الكهرباء لأجزاء قليلة من بعض الأحياء المحررة، كجزء من حي بستان القصر ومحيط القلعة وجب القبة، لم يطرأ أي تحسن جدي في وضع الكهرباء بتلك الأحياء، أو حتى مد الشبكة الكهربائية اللازمة لها.
وأولى تلك الأحياء المحررة التي تم إيصال الكهرباء إليها بعد تحريرها، هو حي بستان القصر، بعد أن حضر وزير الكهرباء لافتتاح محطة تحويل بستان القصر، لكن حتى هذه المحطة لم تغطِ سوى جزء من الحي.
ومن الأحياء التي عادت إليها الكهرباء أيضاً منطقة محيط القلعة وجب القبة وبعض المناطق الملاصقة للقلعة، لتختفي أيضاً بدورها في باقي مناطق حلب القديمة، التي تعاني من آثار دمار كبيرة بالأصل.
وفي منطقة حلب القديمة، قامت ورشات الشركة العامة لكهرباء حلب بمد خطوط للشبكة الكهربائية في حي الأصيلة، إلا أنه لم يصل التيار الكهربائي حتى الآن.
وبحسب ما أفاد به أهالٍ من حي الأصيلة لتلفزيون الخبر فإن “الأعمدة والكابلات تم مدها منذ نهاية العام الماضي، لكن حتى الآن لم تتم تغذية المنطقة بالكهرباء، أي ستة أشهر، علماً أن عملية مد الشبكة توقفت أيضاً ولم تشمل كامل الحي”.
وفي حي صلاح الدين، أحد الأحياء التي وقع جزء منها تحت سيطرة المسلحين المتشددين منذ بداية الحرب، فإن التيار الكهربائي يصلها منذ البداية في القسم الذي بقي تحت سيطرة الدولة.
أما القسم الآخر الذي تم تحريره، ما زال معظمه دون تيار كهربائي، فالجهة الواقعة خلف الشرعية بقيت كما هي بدون أي شبكة كهربائية.
والحال ذاته في حي الشعار حيث تم تغذية المنطقة الواقعة عند دوار الشعار والشارع الرئيسي بالتيار الكهربائي، كما أصبح دوار الشعار معروف باسم “دوار الزيارات الحكومية”، في حين أن الشوارع التي تبعد عنه حوالي مئة متر تعاني من سوء شديد بالوضع الخدمي.
ومع استثناء منطقة العرقوب والشيخ نجار الصناعيتان، اللتين زودتا بالكهرباء الصناعية، فإن باقي الأحياء الواقعة بالجهة بالشرقية من المدينة بلا أي تيار كهربائي، على الرغم من مد الأعمدة في بعضها، دون وصول التيار إليها، ليعيش أهالي تلك المناطق تحت رحمة “تجار الأمبيرات”.
وتصل أسعار “الأمبيرات” في تلك المناطق من 1700 ليرة سورية وحتى 2500 ليرة سورية للأمبير الواحد بالأسبوع، كما أن كافة تلك المولدات غير مرخصة، أي أن من أحد أسباب ارتفاع أسعارها ارتفاع كلفة المازوت المرتفعة.
ويجب هنا استذكار أن أهالي حلب عانوا بشكل كبير مع استغلال أصحاب مولدات الأمبيرات خلال سنوات الحرب، حيث أن تلك المولدات كانت الحل الوحيد الموجود لتأمين الكهرباء، مع انقطاع التيار الكهربائي النظامي بشكل كامل عن المدينة لسنوات، وخصوصاً بعد توقف المحطة الحرارية عن العمل.
وفي محاولة لكسر هذا الظلام، قامت العديد من الجهات الإغاثية والخدمية بمشاريع تركيب إنارة “ليدات” في الشوراع والمستديرات، الأمر الذي أصبح مألوفاً ومعروفاً عن مدينة حلب.
وبعد “صولات وجولات” ومطالبات عديدة من أهالي المناطق التي بقيت تحت سيطرة الدولة، تدخلت محافظة حلب عبر وضع تسعيرة محددة لتلك المولدات، وتقديم رخص لها لتزويدها بالمازوت المدعوم.
وبعد تحرير المدينة وعودة أهالي المناطق المحررة لمنازلهم، وعدت المحافظة بتكرار ذات العملية بالنسبة لأمبيرات تلك المناطق، إلا أنه عدا عن التصريحات لم يتم ترخيص المولدات، ليبقى استغلال أصحابها طاغياً على حاجة الأهالي هناك.
أما الأعباء المادية الكبيرة التي تثقل ظهر المواطن الحلبي في المناطق المحررة فهي واضحة، فسعر امبيرين فقط، لزوم تشغيل إضاءة وتلفاز، يصل إلى 5000 ليرة سورية بالأسبوع، أي 20 ألف ليرة سورية بالشهر.
وهذه التكلفة الزائدة لا يستطيع تحملها معظم الأهالي القاطنين في المناطق المحررة، خصوصاً أن تلك المناطق معروفة أنها شعبية والمستوى المعيشي فيها متدني.
وصرح وزير الكهرباء محمد زهير خربوطلي يوم الأحد، عبر التلفزيون السوري، أن “التيار الكهربائي سيعود للمناطق المحررة في حلب بالقريب العاجل جداً”.
ووعد خربوطلي أهالي حلب أن “المحولات التي تعتبر قيد التوريد ولن يتم إدخالها للمؤسسة أو مستودعاتها، بل ستتجه الدفعة الأولى منها مباشرةً إلى مدينة حلب من أجل مد الشبكة وتوريد المناطق المحررة بالكهرباء”.
وشرح الوزير أن “المواد الخاصة بمد الشبكة شبه جاهزة، والمحولات قيد التوليد، وستتوجه لحلب مباشرة في القريب العاجل جداً، مع استنفار كامل وإرسال كوادر وورشات من الوزارة لمؤازرة كوادر حلب لتسريع عملية إعادة الكهرباء”.
ولفت خربوطللي إلى أن “بعض المراكز في أحياء حلب المحررة هي جاهزة للعمل ولا ينقصها سوى المحولات التي سيتم تركيبها وتجهيزها فور وصولها”.
يذكر أن قيمة الأضرار التي طالت المنظومة الكهربائية في مدينة حلب بلغت 1000 مليار ليرة سورية، من أصل حوالي 4000 مليار، أضرار كامل المنظومة في سوريا”، بحسب ما أفاد به الوزير.
وفا أميري – تلفزيون الخبر